ما كان لهذا المشهد أن يكون غير عادى فى أى عاصمة أخرى من عواصم العالم. إنه افتتاح صالة عرض جديد للفن الحديث، حيث اختلط الرجال والنساء مستمتعين بوقتهم. ولكن فى حالتنا هذه، كان جزءا من الانفعال بسبب العصبية. فهل سترى الشرطة الدينية الجوالة (المطوعون) نساء غير متزوجات بعضهن سافرات تتحدثن بحرية مع الرجال فى الحشد المرح الذى يضم 600 شخص وتغير على المكان. كانت تلك لحظة غير مرجحة، حيث تأتى سوهو إلى المملكة العربية السعودية فهذا أول معرض مختلط بناء على ما يتذكره كل الأشخاص فى الرياض، العاصمة الخانقة لأحد البلدان التى تحظر الكشف عن البشرة أو المرح أو الرومانسية. ولكن الأمر المثير للدهشة أكثر من غيره هو عدم قدرة من يفرضون الإسلام الخالص على الظهور فى معرض الفن الخالص. قالت منيرة عجلانى: «كنت قلقة، ولكن بمجرد أخذ عدم ظهور المطوعين فى الاعتبار، صارت هناك حالة من الاسترخاء، وصار الأمر عاديا جدا. وتساءل الجميع، هل نحن حقا فى المملكة العربية السعودية؟ «ومنيرة عجلانى هى والدة نورا بوزو الفنانة البالغة من العمر 27 عاما، التى شاركت فى المعرض بلوحة «الحلى السعودية» الرائعة. ووافقتها سارة، المهنية السعودية الشابة التى كانت بالمعرض ذلك المساء، بقولها: «كان المشهد لافتا للانتباه. إذ كان بالإمكان رؤية نساء مغطيات من الرأس إلى القدم، ونساء سافرات، ورجال من كل الطبقات الاجتماعية، وهم جميعا فى حالة استرخاء، يشاهدون الفن ويغادرون المكان». يقاس التقدم بواسطة المزولة فى هذه المملكة الصحراوية. وتشير سارة باقتضاب إلى ذلك باعتباره «الوقت السعودى». وبينما تشق النساء طريقهن داخل صفوف القوة العاملة، ما زالت الأحكام القبلية العتيقة، والأحكام الدينية الأبوية تمثل عائقا بالنسبة لهن. وقالت أمريكية مسلمة تعمل هنا إن هناك أشياء يصعب التكيف معها، كسماع الرجال يستخدمون بشكل عارض وصف «كلبة» فى التعامل معها، أو أنها لا تستطيع مغادرة المطار قادمة من رحلة عمل، لعدم وجود الزوج أو أحد الأقارب الرجال لاصطحابها. لابد من تقديم خطاب من صاحب العمل يفيد أن باستطاعتها مغادرة المطار بالاعتماد على نفسها. وعندما أرادت شراء سيارة، كان عليها الاحتيال بأن يشتريها لها أحد أصدقائها الرجال، وحتى حينها، لم تستطع قيادتها إلا داخل المجمعات السكنية التى تكون فيها القواعد أقل صرامة. ويظهر العنوان الرئيسى لمقال منشور فى جريدة عرب نيوز فى الفترة الأخيرة، «الأمهات العاملات فى مأزق مزدوج،» المتاعب المتزايدة لدى السعوديات المطالبات بحقوق المرأة. إذ يتحدث عن امرأة استأجرت طاهيا لإعداد وجبات الطعام للتخفيف عنها فيما يطلبه زوجها من وجبات عشاء مطهوة بالمنزل. وعندما اكتشف زوجها أمرها، طلقها والطلاق فى السعودية سهل جدا حينما يكون المرء رجلا. وقالت المرأة، أو هدى «نسى وعوده لى وتركنى من أجل الطعام فقط». تعانى المملكة العربية السعودية من التمييز بين الأعراف الثقافية المرتبطة بالنساء كارتداء العباية، وعدم قيادة السيارات والاختلاط بالرجال وما يأمر به القرآن بالفعل. وأكد سعوديون كثيرون أن أمهاتهم لم تكن ترتدين أغطية الرأس. وقالت سارة «شخصيا، دفعت بالحدود إلى أقصى ما يمكن، إذ لا أغطى شعرى». وتعود سارة لاستكمال حديثها حول ما إذا حدث واقترب المطوع منها. فتقول «إذا ما صرخ رجلا بوجهى، وطلب منى أن أغطى شعرى، فهناك شيئا نقوله باللغة العربية، عليك أنت أن تغض بصرك... وبالفعل، يشير الإسلام إلى أن الرجل يجب أن يغض بصره. ولذلك بإمكانك مجادلة المطوع، إذا عرفت كيف تقومين بذلك حقا». سارة وغيرها ممن تحدثت معهن ضمن مجموعة المتعلمات المميزات فضلن عدم ذكر أسمائهن الكاملة. فحرية التعبير يمكن أن تكلف الكثير هناك. وقد سلمت سارة بأنه «ليس بالإمكان تجاوز الحدود كثيرا، وإلا فسوف تكتسبين عداء جزء كبير من مجتمعنا، لأن جزءا كبيرا من مجتمعنا محافظ للغاية، ويجب عليك احترام ذلك». إن النسوية تعزف بإيقاع بطىء. وقد تحدثت الشابات حول رغبتهن فى عبايات رقيقة اللون، أو ممارسة تمارين اليوجا، وأن تكن قادرات على الخروج إلى المطاعم الراقية فى مجموعة أصدقاء من الرجال والنساء، وأن يستطعن الحصول على تأشيرات دخول لمن يزورهن من الأصدقاء. وقالت سارة «سمح لنا الآن بدعوة أصدقاء، وهذا شىء كثير. إننا فى المرحلة التى مازال عليك فيها الدق على بعض الأوتار، ولكن لمدة أربع أو خمس سنوات».. وقالت صديقتها ريما إن الأمريكيين يصدمون فى بعض الأحيان من رؤية النساء السعوديات فى الواقع، وإدراك أننا لسنا بلا وجود، وأننا نعمل كمهنيات بالفعل. فهل توجد مشكلات هنا؟ بالطبع. ليس هناك مكان فى العالم بلا مشاكل. «أحب أن أعيش فى السعودية، حيث تحظى المرأة التى اختارت التغطية من الرأس إلى القدم بالاحترام نفسه الذى تحظى به النساء اللاتى اخترن كشف وجوههن، ويمكن للغربيين قبول هذا باعتباره اختيارا لنمط الحياة، مثل ارتداء تنورة قصيرة أو طويلة، إذ يعد اتباع نمط محدد من الملابس مسألة اختيار. أرى كثيرا من الناس يختزلون قضية السعوديات فى طريقة ارتدائهن للملابس، وهذا أمر مهين بالفعل».