قراءة تحليلية فى التغييرات الحكومية    محافظ دمياط ل"اكسترا نيوز": نتواجد في الشارع وسط المواطنين لحل المشكلات    بنى سويف: استكمال مشروعات حياة كريمة    تعرف علي السيرة الذاتية الكاملة لمحمد الشيمي وزير قطاع الأعمال العام    تهدف لتحقيق النمو الاقتصادى.. معلومات عن مبادرة " ابدأ " الوطنية (إنفوجراف)    كوليبا يبحث مع بلينكن تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني واستعادة نظام الطاقة في البلاد    كونميبول يعترف بخطأ الVAR فى عدم احتساب ركلة جزاء لفينيسيوس ضد كولومبيا    جامايكا تستعد لوصول إعصار بيريل بعدما ضرب جزر الكاريبي    لافروف: مفاوضات بوتين مع شي جين بينغ كانت جيدة    الحسم في لقاء الأهلي وبيراميدز.. 4 نقاط تُنهي فرصة الزمالك في المنافسة على الدوري    الحكم بالإعدام شنقا لكبابجى لاتهامه بقتل زوجته في القناطر الخيرية    عمرو الفقي ل الحياة اليوم: الهدف من مهرجان العلمين الترويج للسياحة المصرية    نانسي عجرم تستعد لطرح أغنية "من نظرة"    لماذا تسمى الحكومة الجديدة بحكومة "تخفيف الأحمال"؟.. كاتب صحفى يوضح    أحمد سعد يروج لمفاجأة ضمن أولى حلقات «بيت السعد»    تليفزيون فلسطين: 48 شهيدا جراء استهداف مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر اليوم    قصواء الخلالى: التشكيل الجديد للحكومة هو الأوسع ويدعو للتفاؤل    أستاذ حديث لقناة الناس: إفشاء أسرار البيوت على الإنترنت جريمة أخلاقية    أمين الفتوى لقناة الناس: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    تعيين عمرو قنديل نائبا لوزير الصحة والسكان لشئون الطب الوقائي    أبو الغيط يبحث مع الدبيبة التطورات على الساحة الليبية    "سي إن بي سي": نزوح جديد في خان يونس نتيجة رد إسرائيل على صواريخ حماس    مهام كبيرة على عاتق وزير الخارجية الجديد.. اختيار بدر عبد العاطى يعكس تعاطى الدولة مع المستجدات العالمية.. إدارته للعلاقات مع أوروبا تؤهله لقيادة الحقيبة الدبلوماسية.. ويمثل وجها للتعددية فى الجمهورية الجديدة    عضو ب"رجال الأعمال" يطالب وزير الإسكان بتيسير منظومة التمويل العقاري    منتخب مصر فى التصنيف الأول قبل سحب قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025 غدا    منتخب إنجلترا بالقوة الضاربة قبل مواجهة سويسرا    حكم مباراة البرتغال وفرنسا في ربع نهائي يورو 2024    تونس.. فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة خلال يوليو الجاري    عاطل ينهي حياة زوجته بعد ضربها بماسورة على رأسها بالغربية    حبس شخصين ألقيا مادة حارقة على 5 بائعين في الشرابية    خالد عبد الغفار: مشروع التأمين الصحي الشامل على رأس تكليفات الرئيس السيسي    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية (تفاصيل)    بيان الإنقاذ وخطاب التكليف !    رئيس الإنجيلية يهنئ مرجريت صاروفيم على توليها منصب نائبة وزيرة التضامن    21 توصية للمؤتمر الثالث لعلوم البساتين.. أبرزها زراعة نبات الجوجوبا    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    سوداني يسأل الإفتاء: أريد الزواج من فتاة ليس لها وليّ فما الحكم؟.. والمفتي يرد    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    حسام حسني يطرح أغنية «البنات الحلوة»    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    أشرف صبحي: مستمرون في تحقيق رؤية مصر 2030    تصريحات تعكس وعيه الكامل بالتحديات.. هل ينجح وزير التموين في تخفيف معاناة المواطنين؟ (فيديو)    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    إفيه يكتبه روبير الفارس.. شر السؤال    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    مجلس نقابة أطباء القاهرة يهنئ خالد عبدالغفار لاختياره نائبًا لرئيس الوزراء    السيرة الذاتية للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    "رموا عليهم زجاجة بنزين مشتعلة".. كواليس إصابة 5 بائعين بحروق في الشرابية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    نيابة ثان أسيوط تستعجل تقرير الإدارة الهندسية لملابسات انهيار منزل حي شرق    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تعرف على القسم الذي تؤديه الحكومة أمام الرئيس السيسي اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من طهران إلى تل أبيب
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 03 - 2009

حقق الرئيس أوباما عبر رسالته الجريئة إلى القادة الإيرانيين أربعة أهداف ضرورية، لإحداث أى نوع من التقارب. فقد تخلى عن هدف تغيير النظام فى إيران، وعلق ما يسمى بالخيار العسكرى، واستبعد أسلوب الجزرة والعصا، الذى يحتقره القادة الإيرانيون، باعتباره يصلح فقط للتعامل مع الحمير، ووضع البرنامج النووى الإيرانى فى ضوء «الإطار الكلى للقضايا التى تواجهنا».
وعبر تبنى هذا النهج، جعل أوباما مسألة إعادة تعريف العلاقات مع إسرائيل فى ظل تصاعد الخلاف معها بشأن إيران قضية استراتيجية حتمية، رغم كونها مؤلمة. وسوف أعود لهذه النقطة فيما بعد.
كانت الابتكارات التى تضمنها خطاب الرئيس بمناسبة السنة الفارسية الجديدة أو عيد النيروز لافتة للانتباه. فقد ذكر أوباما مرتين عبارة «جمهورية إيران الإسلامية»، وهى العبارة التى جرى تجنبها لوقت طويل، وقال إن هذه الدولة، لا غيرها، يجب أن «تأخذ مكانها المشروع فى مجتمع الدول». وكان ذلك بمثابة اعتراف صريح من جانب الولايات المتحدة، بثورة رجال الدين التى اندلعت فى إيران قبل 30 عاما.
وأضاف أوباما أن إقامة الصلات البناءة لا يجب أن «يتم عبر التهديد»، وهو ما يمثل تراجعا عن موقفه خلال الحملة الرئاسية، حينما كان يؤكد على أن الخيار العسكرى يجب أن يظل أحد الخيارات المتاحة. وبدلا من ذلك، تحدث عن «الاحترام المتبادل».
لقد كنت فى إيران خلال شهرى يناير وفبراير الماضيين. أقنعتنى تلك الزيارة بأن سياسة المواجهة والضغط، التى اتبعتها الولايات المتحدة مع إيران فى الفترة السابقة كانت بمثابة كارثة، وأن المماثلة السطحية بين النظام الإيرانى والنازيين يعد إهانة للملايين الستة الذين راحوا ضحية الهولوكوست، وأن الخطاب الاستفزازى للنظام الإيرانى يخفى وراءه نهجا براجماتيا حقيقيا، وأن أسهل طريقة لمساعدة شعب يتوق إلى الاستقرار على تحقيق الإصلاح، هى التقارب مع هذه الشعب.
وقد اتخذ أوباما جميع الخطوات، التى دعوت إليها آنذاك. وكان تغيير السياسة الأمريكية تجاه إيران نابعا من مراجعة النهج الفاشل، الذى تبنته واشنطن تجاه إيران خلال السنوات الأخيرة. لكن هذا التحول يتطلب شجاعة.
وقد أبلغنى أحد الأشخاص المنوط بهم مراجعة السياسة الأمريكية تجاه إيران أنه تلقى تحذيرات من إسرائيل والدول العربية السُنية، بأن التقارب مع إيران لن يحقق أى فائدة. وكان طبيعيا أن يقولوا إن حدوث انفراجة فى العلاقات الأمريكية الإيرانية سوف يزعزع العلاقات الدافئة بين واشنطن ودول المنطقة، من القدس إلى الرياض.
وكان انفتاح أوباما على إيران بمثابة انتصار، ليس فقط على هذه الضغوط، ولكن أيضا على المسئولين الأمريكيين الراغبين فى تعزيز العقوبات، أو إرجاء أى مبادرة تجاه طهران، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها فى يونيو المقبل.
غير أن المرحلة الصعبة قد بدأت لتوها. فقد رد آية الله على خامنئى، الزعيم الدينى الأهم فى إيران، على دعوة أوباما بخطاب لاذع أدلى به من أضخم ضريح فى العالم الشيعى، الموجود فى مدينة مشهد، حيث استرجع كل الأفعال السيئة، التى ارتكبتها الولايات المتحدة فى الماضى، ووصف إيران ما قبل الثورة باعتبارها كانت «حقلا يرعى فيه الأمريكيون»، وطالب واشنطن بالقيام بأفعال ملموسة مثل رفع العقوبات بدلا من الاكتفاء بالأقوال. ومع ذلك، فقد اتبع خامنئى بوضوح نهجا يقوم على المناورة، حيث أسكت الجماهير عندما بدأت تهتف «الموت لأمريكا»، وقال: «نحن لسنا عاطفيين عندما يتعلق الأمر بالقضايا الأساسية. نحن نتخذ القرارات بناء على حسابات». وهذا صحيح: فالملالى ليسوا مجانين، والحسابات تتطلب أن يأخذوا ما يقوله أوباما بجدية.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادى فى إيران، فقد هبطت إيرادات النفط هبوطا شديدا، وأصبح الاقتصاد فى حالة فوضى، فى الوقت الذى تتقادم فيه منشآت النفط والغاز. وعلى الصعيد الإقليمى، من مصلحة إيران أن يتحقق الاستقرار فى العراق، وأن تتخلص أفغانستان من طالبان. أما من ناحية أخرى، فإن البرنامج النووى الإيرانى يؤدى إلى وضعها فى موقف خطير، تجب إدارته بطريقة حذرة. ومن ثم، فإن خامنئى، الذى يضطلع بدور محافظ هو حماية الثورة يمكنه أن يتمسك بالراديكالية فقط إلى حد معين.
إذن فقد يكون القرار الإيرانى بحضور المؤتمر الذى سيعقد الشهر الجارى بشأن أفغانستان، أكثر أهمية من خطاب خامنئى المشار إليه. غير أن تجاوز مأزق ال30 عاما الماضية يحتاج إلى وقت وعزيمة.
إن الوقت يمضى بسرعة. لكنه بالنسبة لأوباما، لن يكون كالوقت بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى المكلف بنيامين نتنياهو.
فقد أظهر الخطاب الذى أدلى به الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، بمناسبة عيد النيروز، حجم الهوة بين النهجين الأمريكى والإسرائيلى تجاه طهران. فقد دعا بيريز الشعب الإيرانى إلى الثورة والإطاحة ب«حفنة من رجال الدين المتعصبين».
وكان قد أخبرنى مسئول إسرائيلى رفيع المستوى بأن لدى طهران حاليا ألف كيلو من اليورانيوم منخفض التخصيب، وسيكون لديها 500 كيلو أخرى فى غضون ستة أشهر، وهذه الكمية تكفى لصنع قنبلة نووية. ومن ثم سوف يكون عليها السير فى إحدى طرق ثلاث. الأول هو أن تمضى قدما فى السعى لصنع قنبلة نووية، عبر الضرب بعرض الحائط بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتهيئة أجهزة الطرد المركزى لإنتاج يورانيوم عالى التخصيب خلال عام. والخيار الثانى هو نقل هذه العملية إلى موقع سرى، وفى هذه الحالة فإنها سوف تستغرق وقتا أطول، ربما عامين. وثالثا، قد تستمر فى إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب، ومن ثم «سوف تمتلك ما يكفى لإنتاج عشر قنابل لو قررت الاستمرار فى ذلك».
وعندما سألت المسئول الإسرائيلى: أين يقع الخط الأحمر بالنسبة للإسرائيليين، قال: «بمجرد أن يحصلوا على 1500كيلو، تصبح معاهدة عدم الانتشار النووى فى حكم الميتة. وعندما نتأكد من أن بلدا لا يحترم وجود إسرائيل لديه هذا البرنامج، فسوف نتدخل».
أعتقد أن هذا الكلام يحوى نوعا من الوعيد. فإسرائيل لا تريد من أوباما أن يستمر فى الحديث إلى الإيرانيين، ومن ثم فهى تعتبر أنه يمكنها القيام بعمل عسكرى خلال 2009، أى فى غضون تسعة أشهر.
وأخيرا، يبدو واضحا بالنسبة لى أن سياسة الدبلوماسية والتقارب التى يتبناها أوباما تجاه الشرق الأوسط سوف تتضمن كبح جماح النهج العدائى الإسرائيلى، وهو ما قد يؤدى إلى برودة فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
لكنه قد حان الوقت لذلك، لأن السياسة الأمريكية القائمة على أن إسرائيل لا يمكن أن تخطئ كانت مفجعة، حتى بالنسبة لأمن إسرائيل على المدى الطويل.
All rights reserved by New York Times Syndication Sales Corp. This material may not be published، broadcast or redistributed in any manner.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.