موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ، اسم يرمز للموسيقى والفن والغناء والطرب منذ بدايات القرن العشرين حتى أواخره ، استطاع أن يكون على القمة دائما بالتجديد المستمر ، لهذا أصبح من أكثر الفنانين الموسيقيين شهرة فى العالم العربى ، ولم يظهر صوت عربى كصوته منذ رحيله ، حيث وهبه الله صوتا قادرا معبرا رقيقا تنفذ نبراته إلى القلوب قبل الآذان. وبمناسبة ذكرى ميلاد موسيقار الأجيال التى توافق اليوم 13 مارس عام 1897، بدأت دار الأوبرا المصرية منذ بداية الشهر الحالي الاحتفال بهذه الذكرى ، وذلك بمتحف الموسيقار محمد عبدالوهاب ، والآلات الموسيقية بمسرح معهد الموسيقى العربية بشارع رمسيس. وصرح الدكتور عبدالمنعم كامل رئيس الدار بأن الاهتمام كان واضحا من الجمهور المصرى والعربى وبعض الجاليات الأجنبية التى زارت المتحف فى الأيام الأولى بالإضافة للحفلات الفنية التى ستقام على جميع مسارح الأوبرا بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور خلال الشهر الحالى احتفالا بهذه الذكرى. ومتحف عبدالوهاب يتضمن (قاعة الذكريات) والتى تنقسم إلى جناحين ، الأول يلقى الضوء على طفولته ونشأته وخطواته الأولى إلى عالم الموسيقى العربية والسينما المصرية وعلاقته بالكتاب والفنانين والجوائز التى حصل عليها وتكريمه. أما الجناح الثانى ، فهو يحتوى على عدد من غرف الفنان الخاصة مثل غرفة نومه ومكتبه الخاص ومجموعة من قطع الأثاث المفضلة لديه وبعض المتعلقات الشخصية التى أهدتها أرملته السيدة نهلة القدسى إلى دار الأوبرا. وهناك قاعة السينما وتتضمن كل الأفلام التى قام محمد عبدالوهاب بالتمثيل فيها وتعرض على شاشات خاصة، أما قاعة الاستماع والمشاهدة فهى تحتوى على أرشيف كامل لأعماله من موسيقى وأغانى وأفلام كاملة وألبومات الصور الشخصية ومع الشخصيات العامة والفنانين. وقد وقع خلاف بين المهتمين بالفن حول عام ميلاد عبدالوهاب ، وقد أجمع معظم المؤرخين على أنه ولد فى 13 مارس عام 1897 بحى سيدى الشعرانى بباب الشعرية بالقاهرة وتوفى فى 3 مايو 1991، وأنه نشأ فى بيئة دينية حيث يصل نسبه إلى الإمام الشعرانى من ناحية الأم ، أما والده فكان مؤذنا وخطيبا لمسجد سيدى الشعرانى وحفظ على يديه جزءا كبيرا من القرآن. وبدأ عبدالوهاب حياته الفنية مطربا فى فرقة فؤاد الجزيرلى ، ثم فى فرقة عبدالرحمن رشدى المسرحية، وبعد أن أنهى دراسته الموسيقية فى النادى الشرقى أكمل دراسته بمعهد جويدين الإيطالى بالقاهرة ، ثم التحق بفرقة سيد درويش وتعلم علي يديه التطور في الموسيقي العربية ، ثم رعاه الشاعر أحمد شوقي واستطاع بفضله أن يلقب ب"مطرب الأمراء والملوك"، حيث نقل الغناء من إطار التخت الشرقي المحدود إلي آفاق أوسع حيث أضاف الآلات الغربية إلى العربية فأحدث تطورا في الموسيقي العربية الحديثة وقد أفاده في ذلك دراسته في المعهد الإيطالي ، وبذلك أصبح صاحب الحق الشرعي والطبيعي في قيادة التطور الذي بدأه سيد درويش. وقد مر عبدالوهاب في حياته الفنية بثلاث مراحل فنية ، الأولي تميزت بجمع الألحان والأنغام من مصادرها الأصلية، وفي تجاربه الأولى بدأ يضع ألحانه في صورة قريبة الشبه من ألحان سيد درويش ، وإن كانت تحمل طابع عبدالوهاب وبصمته الفنية، ثم مرحلة إضافة الإيقاعات الجديدة التي حرص أن تتفق مع آذاننا الشرقية منها إيقاع "الفالي" بالإضافة إلى الجمل الموسيقية الراقصة وتميز عبدالوهاب في هذه المرحلة باستقلال شخصيته في التأليف الموسيقي والغنائي. وأضاف عبدالوهاب مؤثرات صوتية وإيقاعات لم توجد من قبل واتجه إلى تلحين القصائد المنطوقة مثل "الكرنك، الجندول، كليوباترا"، كما لحن لمشاهير المطربين والمطربات مثل "شادية، فايزة، فيروز، عبدالحليم حافظ"، ثم المرحلة الثالثة والتى اعتلي فيها قمة المجد واضعا موسيقاه بكل تأن وصبر وقدم فيها الكثير من الأغاني الوطنية وفيها أيضا كان اللقاء الأول مع كوكب الشرق "أم كلثوم" عام 1964، وأطلق على هذا اللقاء "لقاء السحاب" وأثمر عن أغنية "أنت عمري"، ثم أغنية "دارت الأيام" ، و"هذه ليلتى. لقب محمد عبدالوهاب بالموسيقار العربي الأول من المجتمع العربي عام 1975، والفنان العالمي من جمعية المؤلفين والملحنين في فرنسا عام 1983، لكن أغرب لقب حصل عليه كان ، "مطرب الملوك والأمراء" وذلك فى حفل افتتاح معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية (معهد الموسيقى العربية) عام 1932 وهو المبني الذي يضم متحفه حاليا.