دعا مركز الدراسات المستقبلية بمجلس الوزراء عددا من كبار السينمائيين لرسم خريطة مستقبل السينما المصرية فى عام 2030 ضمن رؤية متكاملة يعدها المركز حول مستقبل مصر فى هذه الفترة وتم اختيار السينما كنموذج لصناعة الثقافة. ورغم أن الاجتماع لوضع رؤية مستقبلية إلا أن المجتمعين فشلوا فى التخلص من هموم الواقع السينمائى واستغرقوا فى رصد المشاكل الآنية بداية من نظرة الدولة للسينما ومشاكل التعليم السينمائى وسيطرة رأس المال الخليجى على السينما ومشكلات القرصنة والرقابة والتشريعات وحماية التراث السينمائى. كما أغفلوا الحديث عن الجمهور الذى يعد المستهدف الحقيقى من صناعة السينما والممول الأول لها ولم يخرج الاجتماع بوضع رؤية أو حتى خطوط عريضة لرؤية مستقبلية للسينما المصرية. حضر اللقاء عدد من صناع ونقاد السينما منهم الفنان عزت العلايلى والكاتب وحيد حامد والناقد كمال رمزى ومن المخرجين محمد كامل القليوبى وسمير سيف وهاشم النحاس والمنتجة إسعاد يونس والدكتور عماد أبوغازى رئيس المجلس الأعلى للثقافة والدكتور خالد عبدالجليل رئيس المركز القومى للسينما كما حضرت الإعلاميتان درية شرف الدين وسلمى الشماع ورأس الاجتماع الدكتور محمد ابراهيم منصور رئيس مركز الدراسات المستقبلية. وعما جرى فى الاجتماع قالت الدكتورة دينا جلال استاذ اقتصاديات صناعة الثقافة بجامعة قناة السويس إنها ستقوم بعمل دراسة علمية بمساعدة السينمائيين خلال الأشهر المقبلة لوضع تصور للسينما فى مصر عام 2030، وخصوصا أن التعامل مع صناعة السينما يختلف عن الصناعات الأخرى التى يستهدف المركز وضع رؤية مستقبلية لها لأنها صناعة قائمة بالفعل ولها تراث وتاريخ متراكم ونشاط ثقافى واجتماعى وسياسى ومثلت أهمية كبيرة فى رسم صورة مصر فى العالم باعتبارها اهم عناصر القوة الناعمة، وتطرقت إلى عدة عناصر فى صناعة السينما منها المهرجانات وعلاقة الإعلام والفضائيات بالسينما وتأثيرها على عملية الإنتاج. وقال المؤلف وحيد حامد: لابد أن نعترف بأن الدولة متمثلة فى حكومات متعاقبة كانت عدوا للسينما المصرية ونظروا للسينما على أنها من «التوافه» بالرغم من أن الفيلم كان سفيرا لمصر أنجح من سفراء وزارة الخارجية وهذا كان من الجهل المطلق. وأضاف أن هناك مؤامرة ضد الدور المصرى لتهميشه انطلاقا من ضرب صناعة السينما عن عمد، موضحا «كان أسوأ ايام السينما حينما قرر د. عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق أن تكون تبعية السينما لقطاع الأعمال الذى تعاقبت عليه قيادات مصرة على البيع فقط، ولم يفهموا أن السينما مثل الجيش ورغيف العيش لابد من الحفاظ عليها». وتطرق وحيد حامد إلى الدعم الذى تقدمه وزارة الثقافة مؤكدا «أنه لابد ان يتم الدعم على أساس أنه صناعة لها استراتيجية وليس مجرد تقديم حسنة للسينمائيين لأن السينما إلى جانب أنها صناعة فهى وزارة الخارجية الشعبية». وتحدث الناقد كمال رمزى مشددا على ضرورة وضع أهداف كمية قبل الشروع فى الحديث عن الرؤية المستقبلية وأن تحمل هذه الرؤية الإجابات عن التساؤلات التى يطرحها السينمائيون ومن أهمها هل نريد زيادة عدد الأفلام المنتجة فى 2030 أم نريد زيادة حجم الدخل من الأعمال السينمائية؟ وهكذا لابد أن نحدد أهدافا كمية ونصوغ رؤية مستقبلية للوصول لهذه الأهداف. المخرج د. سمير سيف أشار إلى أن السينما فى السنوات المقبلة لن يختلف شكل الفرجة فيها وستظل الفرجة الجماعية هى الأساس ولكن ستختلف أدوات العرض ومكانه وستكون هناك أفلام محملة على ملفات إلكترونية بحيث يعرف فى حالة نسخها من أين نسخت لمواجهة القرصنة؟. واضاف أن الأزمة هى واقع السينما قبل مستقبلها راصدا أن «السينما التى نعترف بأنها قوة ناعمة كمتخصصين لا يعتبرها المسئولون كذلك وابتعدوا عن التعامل معها كصناعة استيراتيجية مثل القمح والبترول لأن السينما هى مصدر التأثير المصرى فى الشعوب العربية ولابد من تبنى السينما كقضية استراتيجية يمكننا من خلالها مد النفوذ المصرى فى الوطن العربى». وأشارت الإعلامية سلمى الشماع إلى أن مستقبل السينما مرتبط بالتعليم السينمائى ولابد أن تبدأ عمليات الاصلاح والتطوير من معهد السينما لأنه المكان الذى يشكل وجدان صناع سينما المستقبل. واقترحت الشماع التفكير أولا فى وضع خطة عاجلة لإصلاح واقع السينما المصرية وبعدها يتم التفكير فى مستقبلها. واندهش د. خالد عبدالجليل رئيس المركز القومى للسينما من الحديث حول مشكلات السينما وكأنها لغز لافت إلى أنها «معروفة لنا وبسيطة جدا وتكمن فى أن السوق السينمائية عشوائية لا تحكمها أى ضوابط على الاطلاق.. كل العناصر فيها تفتقد إلى الاحترافية السينمائية ولابد من وضع ضوابط لهذه السوق». وأضاف «وضعنا السينما فى يد كيانات تخيلنا أنها كبيرة وفى الحقيقة هى كيانات ورقية والدليل تخلينا عن التراث السينمائى المصرى الذى يباع أمام أعيننا كل يوم من الشركات الخليجية التى أصبحت تستغل هذه الكيانات كوسطاء فى عمليات البيع والشراء». ولفت إلى ضرورة ضبط الارتباك المؤسسى من خلال عدد من التشريعات فيما يتعلق بتصوير الأفلام الأجنبية فى مصر والجمارك على معدات صناعة السينما والعقوبات فى قضايا القرصنة. وبحماس شديد تحدث الفنان عزت العلايلى قائلا: إن الدولة تعانى من خلل وخصوصا وزارة الثقافة التى تتعامل مع السينمائيين على أنهم حفنة من العوالم والسينما شغل أراجوزات، والحل الوحيد أن يتم إنشاء بنك يتولى إنتاج وتوزيع الأعمال السينمائية. وأشار د. عماد أبوغازى إلى أن الثقافة هى الميزة التنافسية الوحيدة لمصر والسينما هى قيمة مضافة لهذه الميزة التنافسية ولابد من إيجاد مناخ تشريعى وسياسى بحرية الإبداع السينمائى، كما يجب النظر فى كل التشريعات التى تنظم صناعة السينما للوصل إلى قواعد تسير عليها الصناعة مستقبلا، بينما كشف المخرج محمد كامل القليوبى عن أن هناك قانونا لحماية التراث السينمائى فى أدراج مجلس الشعب لم يخرج للنور وهو أحد أهم الركائز لدعم وحماية الصناعة مستقبلا، معتبرا أن وجود ما يسمى بالرقابة الآن يعد عارا على السينما المصرية. وتحدثت المنتجة إسعاد يونس بشكل ساخر قائلة: «نحن أمة من اللايصين الذين لا يعرفون ماذا يريدون وماذا يفعلون، والحل من وجهة نظرى أن نجتمع حول شخص لديه صلاحيات مطلقة لحل أزمات السينما ونفوضه فى اتخاذ القرارات لأننا لا نستطيع التخلص من ثقافة الرجل الأوحد والواقع لا يعطى أى بشائر جيدة عن المستقبل بل نحن كصناع سينما لا نستطيع أن نتنبأ بماذا سيحدث غدا فى السينما فى ظل القرصنة التى تخرب فى صناعة السينما بشكل غير مسبوق. وفى النهاية أوضح المخرج هاشم النحاس أن الأمر محكوم أولا بتحديد علاقة السينما بالدولة وهذه العلاقة تتلخص فى الحماية والحرية والدعم والبنية الأساسية ولابد أن تهتم الدولة بتقديم ما عليها حتى تكون هناك رؤية مستقبلية للسينما المصرية.