أكد مجدى طلبة رئيس مركز القطن المصرى أن 90% من مصانع السوق المحلية تفتقر إلى معايير الجودة، نافيا أن يكون المصدرون قد سحبوا البساط من تحت أقدام المنتجين المحليين. وقال إن المستهلك لا يهمه سوى الجودة والسعر «فأنا أفضل أن أشترى قميصا إسرائيليا إذا كان أرخص وأجود من المصرى» على حد تعبيره. وكانت العمالة محل نقاش حاد بين المشاركين فى الندوة التى نظمها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أمس، حيث أظهرت الدراسة، التى أعدها المركز المصرى ومنظمة العمل الدولية، وكانت محور النقاش، أن قطاع المنسوجات والملابس فقد حوالى 70 ألف وظيفة خلال الفترة من 2008 إلى 2009، وتركزت النسبة الكبرى من الوظائف المفقودة فى الشركات التى توجه إنتاجها للسوق المحلية. وأشار طلبة إلى أن أوضاع العمالة فى قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة قد وصلت إلى مرحلة الخطورة. فمعدل تغيير العمالة فى قطاع الملابس الجاهزة وصل ما بين 18% و20% فى الشهر، مشيرا إلى أن عمال المصنع الواحد أصبحوا يتقلبون بنسبة 100% فى العام الواحد، وهو ما يعتبر مؤشرا مزعجا لهذه الصناعة. «هل أحد يصدق أن معدل الغياب اليومى للعمالة فى مصانعنا وصل إلى 10%، وهذا ليس فى المدن الجديدة، ولكن فى مصانع المحلة وشبرا الخيمة، كما يصل إلى 18% فى الأعياد والمواسم» على حد قول طلبة. وأكد أن قوانين العمل دللت العامل المصرى وأصبح لا يعمل إلا تحت ضغط مشيرا إلى أن مصانع الملابس الجاهزة تعمل الآن بنصف طاقاتها، بل إن عددا كبيرا من المصانع أصبح يعتذر عن كثير من الطلبيات الخارجية. «ووصل الحال إلى أن عمال المصانع أصبحوا يهربون من المصانع للعمل على التوك توك،لأنهم يتحصلون على 50 جنيها فى اليوم، وهذا الأمر يؤثر أيضا على على الشركات الأجنبية التى أصبح بعضها يفكر فعليا فى الخروج من مصر، بسبب مشاكل هذا القطاع. وقال طلبة إن تكلفة العامل فى مصر تصل إلى دولار واحد فى الساعة بينما لا تتعدى فى جنوب شرق أسيا 30 سنتا، مشيرا إلى أن العامل البنجلاديشى والسيريلانكى ينتج قطعة الملابس فى فترة زمنية أقل من المصرى، بنسبة تصل إلى 60%. واعتبرت الدراسة التى أعدتها أميرة الحداد، الأستاذة المساعدة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن دعم الصادرات كانت له آثار سلبية على المنتجين المحليين فى قطاع الملابس المنسوجات فقد حاولت الشركات التى توجه إنتاجها للتصدير أن تعوض تراجع صادراتها بعد الأزمة، من خلال زيادة مبيعاتها فى السوق المحلية، وقد نجحت فى تحقيق هذا الهدف بالفعل. حيث ارتفعت مبيعات الشركات، الموجهة أساسا إلى التصدير، بنسبة 13% فى السوق المحلية، فى مقابل تراجع 8% للشركات غير المصدرة. وترجع الدراسة تفوق الشركات المصدرة إلى كفاءتها الإنتاجية التى مكنت 61% منها من تخفيض أسعارها بمتوسط 18%. واعتمدت الدراسة على استطلاع للرأى، أجرى فى ديسمبر الماضى، على 257 شركة فى هذا القطاع لرصد أثار الأزمة المالية عليها، وأظهرت النتائج إن الدعم المقدم من الدولة للشركات المصدرة، والذى تمت زيادة حجمه بنسبة 50% لمدة سبعة أشهر بدءا من ديسمبر 2008، قد أعطى ميزة نسبية للشركات المصدرة، خصوصا أن قطاع الملابس والمنسوجات استحوذ على 58% من مجمل المساعدات المقدمة من صندوق تنمية الصادرات. ومن ناحية أخرى أشارت الدراسة إلى عدة تحديات تواجه صناعة الملابس والمنسوجات فى مصر سواء بسبب الأزمة المالية أو للمشكلات التاريخية المتراكمة فى هذا القطاع، كتلك التى تتعلق بسياسات الإصلاح الاقتصادى المطبقة على القطاع العام فى هذا المجال، بالإضافة إلى التزام مصر بتحرير قطاع المنسوجات، والذى زاد من حدة المنافسة فى السوق المحلية. «وعلى الرغم من تراجع إنتاج القطاع بنسبة 7% خلال الفترة من عام 1997 إلى 2006، فإنه لايزال يمثل أهمية كبيرة للاقتصاد المصرى، حيث يشكل 9% من مجمل الإنتاج الصناعى كما يضم ربع حجم العمالة فى السوق المصرية، وفقا لبيانات عام 2006»، بحسب الدراسة. «الدولة لا خصخصت قطاع المنسوجات ولا ضخت فيه أى أموال منذ عام 1990، وهذا أدى إلى تدهور هذا القطاع إلى حد كبير والذى يسيطر عليه القطاع العام بنسبة 90%، وانخفضت العمالة فى هذا القطاع من 140 ألف عامل إلى 69 ألف عامل حاليا» على حد تأكيد محمد قاسم، رئيس جمعية المصدرى الملابس الجاهزة السابق. ووجه رئيس مركز القطن انتقادا إلى قصور الاستفادة من اتفاقية الكويز «المناطق الصناعية المؤهلة بين مصر وإسرائيل» (والتى تتيح للمنتج المصرى أن يصدر منتجات للسوق الأمريكية معفاة من الجمارك بشرط إدخال مستلزمات إنتاج إسرائلية بنسبة 10%) موضحا أن الجمارك الأمريكية على الملابس الجاهزة تتصاعد بحسب نوعية المنتج لتصل إلى 40%. وأكد طلبة أن معظم صادرات مصر من خلال الكويز من النوعية المقرر عليها رسوم جمركية فى حدود 16% أى «أننا لا نستفيد من الاتفاقية بالقدر الكافى».