انشغلت الصحف البريطانية بمتابعة وقائع وأصداء شهادة رئيس الوزراء السابق توني بلير أمام لجنة تحقيق تشيلكوت عن حرب العراق. فكانت الموضوع الأبرز الذي هيمن على التقارير الصحفية ومقالات الرأي بل والرسوم الكاريكاتيرية في معظم الصحف. وقد ركزت معظم التغطيات على تمسك بلير بدفاعه عن موقفه في حرب العراق، وقوله أنه غير نادم على قرار حرب الإطاحة بصدام حسين، الذي اشتقت منه معظم عناوين الصحف الرئيسية. إذ نشرت الأندبندنت صورة لبلير على معظم صفحتها الأولى مع تعليق "لا اعتذار.. لا ندم ..وإذا عاد الأمر لي، فإن إيران ستكون الخطوة القادمة". بينما تأخذ التايمز عبارته "سأفعلها ثانية" عنوانا رئيسيا لها. وهي العبارة ذاتها التي أبرزتها الفايننشال تايمز عنوانا لها بصياغة أخرى. لغة الجسد لخصت كل شيء وترى التايمز في افتتاحيتها التي حملت عنوان "قضية 2010 " انه اتضح بعد ست ساعات من الاستجواب أن توني بلير مازال مع قرار حرب العراق وأنه يعتقد أن الحرب كانت شرعية وان السلام لم يتحقق كما يأمل تماما. كما انه ذكر بقدراته الكبيرة، اذ لم يكن فصيحا ودقيقا وعميق التفكير حسب بل اظهر رغبة تثير الإعجاب في تحمل مسؤولية قراره. وتذكر الصحيفة بأن لجنة تشيلكوت ليست محكمة، ولكن ينبغي استخلاص العبر والدروس من مراجعاتها.وتخلص الافتتاحية إلى ثلاث نقاط أساسية كشف عنها التحقيق. الأولى: هي تفضيل الشفافية على السرية في التعامل حتى مع القضايا الأمنية. والثانية: أنها ذكرتنا أن القانون والحرب هما من القضايا التي لا يمكن التعامل معها على صورة الأبيض والأسود. والدرس الثالث وهو الأعمق، هو نفي الرأي التبسيطي القائل انه خلال فورة التوجه إلى الحرب لم تتخذ إجراءات تخطيطية كافية للمرحلة التي بعدها، إذ كشف بلير عن أن قسطا كبيرا من التخطيط قد تم في حينها لتأمين عدم وقوع أي أزمات إنسانية ولمنع حرق حقول النفط وتجنب استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وان النقطة الجوهرية هنا هي ليست في عدم وجود تخطيط بل في حدوث تخطيط خاطئ. لغة الجسد وتنشر الجارديان على صفحتها الأولى أربع صور لبلير، اختيرت بعناية من بداية التحقيق ووسطه ونهايته واضعة الساعات التي التقطت فيها مع مقولات من شهادته لحظتها، محاولة التركيز على لغة الجسد أو التعبيرات المختلفة ليديه في الصور الأربعة. وهو أيضا ما توقفت عنده الكاتبة جاكي أشلي في مقال الرأي الذي كتبته تعليقا على الحدث إلى جانب أربعة كتاب آخرين استضافت الصحيفة مقالاتهم للتعليق على الشهادة. وترى أشلي أن "لغة الجسد لخصت كل شيء"، مشيرة إلى أن إحدى القنوات التلفزيونية ركزت كثيرا على حركات يديه أثناء تقديمها لوقائع شهادته. وتخلص إلى انه كان متوترا بشكل واضح بل ومرتجفا في البداية بعيدا عن صورته وجاذبيته القديمة عندما كان رئيسا للوزراء، لكنه استعاد شخصيته القديمة بعد الظهر وباتت أجاباته إطول واخذ رأسه في الارتفاع، وبدا مسيطرا على الحالة. وترى أن السبب ببساطة هو أن أعضاء لجنة التحقيق قد فشلوا في تثبيته عند القضية الجوهرية لتحقيقهم، وهي لماذا قاد البلاد إلى الحرب عندما كانت نصيحة المدعي العام فاترة (غير متحمسة) على الأقل بصدد شرعية مثل هذا الفعل.