جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    جيش الإحتلال يزعم اغتيال قائد الوحدة الصاروخية لحزب الله في جنوب لبنان ونائبه    بينها وضع السفارات.. بايدن يصدر توجيهات بعد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم طفلان في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب غزة    البيت الأبيض: بايدن اطلع على التطورات في الشرق الأوسط    "عرض من نوع آخر".. ماذا دار بين تركي آل الشيخ وشيكابالا بعد تتويج الزمالك بالسوبر؟    الدوري الإيطالي - ثلاثية في 5 دقائق.. ميلان ينتصر على ليتشي ويرتقي للصدارة مؤقتا    ملف يلا كورة.. السوبر الإفريقي زملكاوي    أول تعليق من كولر بعد خسارة السوبر الأفريقي: هذا سبب تتويج الزمالك    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    25 % من ثروتها العقارية.. من يحمي «مال الله» في مصر؟!    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الأنبا بولا يلتقي مطران إيبارشية ناشفيل    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    رويترز: الاتصال مع القيادة العليا لحزب الله فقد كليًا    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تراجع سعر الطماطم والخيار والخضار في الأسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    ارتفاع أسعار النفط عقب ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    السوبر الإفريقي - أشياء تعلمناها من انتصار الزمالك على الأهلي.. الرجل الذي لم يتوقعه أحد    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي    أنغام تبدع خلال حفلها بدبي ورد فعل مفاجئ منها للجمهور (فيديو وصور)    بمقدم 50 ألف جنيه.. بدء التقديم على 137 وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر غدا    أبرزها منتجات الألبان.. 5 أطعمة ممنوعة لمرضى تكيس المبايض    الأطعمة التي يجب تناولها وتجنبها أثناء فترة الحمل    يفرز هرمونات ضد السعادة.. نصائح للتخلص من «الكرش»    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    نشرة التوك شو| تحسن في الأحوال الجوية والشعور ببرودة الطقس أوائل أكتوبر    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زي النهارده».. وفاة رئيس الفلبين فرديناند ماركوس 28 سبتمبر 1989    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    إضاءة أهرامات الجيزة وتمثال أبوالهول لمدة ساعتين احتفالا باليوم العالمي للسياحة    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    الوزارة فى الميدان    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان.. بلد أكبر من أن يسقط
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 01 - 2010

صار مستقبل السودان على المحك مع اقتراب الانتخابات الوطنية المقررة فى أبريل المقبل، ودنو موعد إجراء الاستفتاء على مستقبل الجنوب الذى يُفترض أن يتم فى عام 2011، وكلا الحدثين هما من أهم عناصر اتفاق السلام الشامل المبرم فى مثل هذا اليوم من عام 2005 إيذانا بانتهاء حرب أهلية دامت 20 عاما بين الشمال والجنوب.
ينضوى كلا الحدثين على آفاق حقيقية واعدة، ولكنهما الآن غير أكيدين، ذلك أن القادة السياسيين فى السودان يتراجعون اليوم عن التزامات قطعوها على أنفسهم سابقا، لذا بات التعاون والإجماع أمرا صعب المنال، ويزيد الطين بلة استمرار مأساة دارفور غربى الدولة.
لقد كان دعم المجتمع الدولى هو العامل الأهم فى جمع الأطراف السودانية المعنية على مائدة واحدة عام 2005، كما كان للكثير من الدول الأفريقية المحورية دورها فى ضمان الاتفاق، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى جهود مماثلة.
إن وجود الدعم الدولى المناسب هو سبيل السودان إلى التحرك خلال الأشهر المقبلة والذى يعد تحركا حاسما صوب تحقيق السلام وترسيخ الديمقراطية. وإذا أخفق المجتمع الدولى فى مواجهة هذا التحدى، فإن الصراع والتوترات القائمة اللذين كلفا البلد مئات الآلاف من الأرواح بالفعل سيكون مآلهما إلى الاستمرار والتفاقم، ولسنا أبدا فى موضع المجازفة بحدوث ذلك.
منذ أن جمع السيد نيلسون مانديلا عددا من زعماء العالم السابقين لتشكيل مؤسسة الحكماء، وجهنا جهودنا إلى أزمة السودان، واخترنا السودان كأول مقصد نتوجه إليه جماعة بالزيارة، وراقبنا عن كثب وضع الكارثة الإنسانية فى البلاد بمزيد من القلق والاهتمام على مدى العامين المنصرمين.
وقد التقينا خلال زيارتنا لعام 2007 عددا من الزعماء السياسيين والمدنيين من مختلف أنحاء الدولة، وكذا عددا من ممثلى وكالات الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقى، والدبلوماسيين الأفريقيين، بيد أن لقاءاتنا بالعامة كانت لها أعمق الأثر فى نفوسنا.
وقد سمعنا فى تلك اللقاءات حكايات شخصية عن مآسى تفوق التصور، وآلام مفجعة ويأس قاتل، وبات من الواضح أن أعمال العنف والتشريد والفقر وانتهاكات حقوق الإنسان قد طالت جموعا غفيرة.
إن السودان قد رزح لعقود طوال تحت وطأة صراعات مريرة ضاربة بجذورها فى مهاوى الفقر المدقع، والصراع على الموارد، والتوترات العرقية والدينية. لكن على الرغم من كل ذلك الفساد والظلم، فقد لمسنا أيضا قدرا كبيرا من التفاؤل والقدرة على التعافى، فكما هى حال البشر فى كل أنحاء العالم، لمسنا لدى أهل السودان عزما على بناء مستقبل أفضل لأبنائهم وأحفادهم. فلطالما تاقت أنفسهم إلى السلام والاستقرار والمشاركة فى رسم مستقبل الوطن، وفرص تعليمية واقتصادية نافعة لانتشال أنفسهم وذويهم من براثن الفقر.
لكن هذه الآمال لم تعرف الطريق إلى النور حتى الآن، وهذه ليست بمأساة فحسب لأهل هذا البلاد الذين عانوا طويلا، بل لقد أدت تلك الأوضاع إلى استشراء الضرر ليطال المنطقة والعالم.
فالسودان ليست بالدولة الصغيرة، بل هى دولة كبيرة مترامية الأطراف تحل فى المرتبة العاشرة عالميا من حيث المساحة، والأولى أفريقيا وعربيا بالمعيار ذاته، وتشغل موقعا محوريا فى قارتنا السمراء، إذ تحدها مصر من الشمال وكينيا من الجنوب، ولها حدود أيضا مع ما لا يقل عن سبع دول أخرى.
ويناهز تعداد شعب السودان 40 مليون نسمة، شردت الحرب منهم مليونى نسمة منذ عام 2003، وأجبر عدد كبير من هؤلاء المشردين على اللجوء إلى الدول المجاورة، وليس هذا الملمح الوحيد لتأثر دول الجوار بعدم الاستقرار فى السودان.
ومن المعلوم أن شعب السودان معدود ضمن أفقر شعوب العالم، وذلك فى تناقض صارخ مع واقع الدولة الغنية بالثروات الطبيعية التى من بينها النفط والمعادن النفيسة، ولو كانت تلك الثروات مسخرة لخدمة الشعب فى دولة تنعم بالاستقرار والأمان فى ظل قيادة تخضع للمساءلة وتأخذ بمبادئ الحكم الرشيد، لوُجّهت تلك الثروات للارتقاء بمستوى المعيشة، ومواجهة التحديات الماثلة أمام السودان.
ولكن ثمة بصيص أمل لن تُكتب له الحياة إلا بالتقاء العامة والقادة فى الشمال والجنوب على كلمة سواء لتنفيذ اتفاق السلام الشامل تنفيذا كاملا، بل إن عدم اتخاذ اللازم للانتخابات المقبلة، وضمان إجراء الاستفتاء فى إطار سلمى سيعنى إقبال الدولة على شفا خطر داهم يفوق ما سبق من أخطار.
وقد يؤدى الإخفاق لأن يشب الصراع عن طوقه الحالى، وهو ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة؛ السيد بان كى مون، وسيتمخض ذلك عن آثار وخيمة لا على شعب السودان أو الدول المجاورة فحسب، بل على العالم أجمع. ولسنا بحاجة لمن يذكر بالتهديد المترتب على انهيار أى دولة وما يشكله ذلك من خطر على الاستقرار والسلم العالميين، ومن هنا ليس للعالم من خيار إلا المشاركة.
فبادئ ذى بدء، لابد من ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة فى السودان وانفتاحها على الجميع، ومشاركة كل الشعب والمناطق فيها، بما فى ذلك من شُرّدوا فى الداخل وفى المناطق التى يسيطر عليها المتمردون فى دارفور.
كما أن وجود مراقبين دوليين لضمان شفافية الانتخابات ونزاهتها وخلوها من القيود على الجميع هو أمر لا مفر منه لمراقبة الانتخابات والاستفتاء خلال عام 2011. عندئذ فقط ستتولد الثقة لدى الشعب السودانى فى النتائج، وسيُبنى على ذلك الأساس للتحرك صوب الديمقراطية الحقيقية والإصلاح الحقيقى. وإذا لم ترقَ الانتخابات للمعايير الديمقراطية، فثمة خطر داهم سيفضى إلى تفاقم التوترات والعنف.
وهذان الاقتراعان على الرغم من أهميتهما البالغة ليسا كل التحديات التى تواجه السودان والشعب السودانى اليوم، فمشكلات الدولة بما فيها من تعقيدات وتشابك لا سبيل إلى التعاطى معها شيئا فشيئا، ولا يمكن التغلب عليها أيضا بجهود دول ومنظمات منفردة لها يد فى الشأن السودانى لكن لأغراض واهتمامات مختلفة، فقد تكون جهودها ملء السمع والبصر، لكنها لن تؤتى ثمارها بدون التنسيق الجاد فيما بينها.
إننا بحاجة إلى أن يتحرك المجتمع الدولى لتدشين استراتيجية واضحة شاملة تراعى أهمية الانتخابات والاستفتاء، وما بعد هذين الحدثين.
ستكون هذه جهودا للإعداد لاتفاق بوساطات خارجية فى دارفور، ولحل النزاعات القائمة بين قادة الشمال والجنوب بشأن الاستعداد للانتخابات والاستفتاء وغيرها من الجوانب الأساسية فى اتفاق السلام، لكن الحاجة الملحة لمزيد من الدعم الإقليمى والدولى ما زالت قائمة لتحقيق هذه الغاية.
وبالمثل، لا سبيل إلى التعاطى مع مشكلات دارفور على مأساويتها بمعزل عن الأزمة المتفشية فى أرجاء الدولة، لذا نحتاج إلى جهود المجتمع الدولى، والدول الأفريقية على وجه الخصوص، للنظر فى احتياجات الشعب السودانى قبل النظر فى مصالح قادته.
ويظل الباب مفتوحا أمام مستقبل أفضل وأرقى للسودان، لكن النجاح متوقف على الالتزام بالجدول الزمنى للتقدم كما تقرر فى اتفاق السلام الشامل.
إن انعدام التحرك السريع والقوى من المجتمع الدولى لاسيما من ضامنى اتفاق السلام لضمان الالتزام بالوعود، سيفضى إلى ضياع هذه الفرصة، وقد تكون العواقب وخيمة كارثية. إن الوقت ينفذ سريعا، والمستقبل لن ينتظر.
الأخضر الإبراهيمى وديزموند توتو؛ عضوان فى مؤسسة الحكماء، وهى مجموعة من أبرز زعماء العالم جمعهم السيد نيلسون مانديلا تحت مظلة واحدة.
www.the Elders.org
خاص «الشروق»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.