رغم عبارات الإطراء والثناء على الحكومة التى وردت على لسان المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أمس والذى كان مخصصا لمناقشة الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة للعام المالى 2008 2009، فإن هذه العبارات لم تنجح فى أن يمر اجتماع اللجنة بسلام دون وقوع خلاف حاد بين أحمد عز رئيس اللجنة أمين التنظيم بالحزب الوطنى وبين الملط. الخلاف الذى كاد يتحول إلى معركة كلامية بين الاثنين جاء على خلفية إحدى العبارات التى جاءت على لسان الملط أثناء إلقائه بيانه وهى «هناك أزمة ثقة بين المواطن والحكومة». بالإضافة إلى انتقاده أوضاع التعليم الجامعى بقوله: «التعليم الجامعى يشبه صفر المونديال ولا توجد جامعة مصرية واحدة ضمن أفضل 500 جامعة فى العالم، فى حين أن إسرائيل لديها عدة جامعات وليس جامعة واحدة فى هذا التصنيف». واعترض عز على كلام الملط وقال له: «أرجو أن حضرتك متزعلش منى لكن لا يجوز للرقيب أن يتحول إلى معقب سياسى وليس معنى أننى أقول هذا أنى كفرت بل هو عرف موجود فى العالم كله». وواصل عز توجيه انتقاداته للملط قائلا: «من حق النائب أن يقول إن الحكومة فاقدة الثقة ومن حق نواب المعارضة أن يقولوا إنها أسوأ حكومة ولكن ليس من حق الرقيب قاصدا الملط أن يقول كلام سياسى فكلام الرقيب كله حقائق ولا يجوز التعقيب عليها». وأضاف عز: «وعلشان كده المعارضة بتبقى سعيدة بكلام حضرتك جدا لأنه لا توجد براءة فى العمل السياسى». وارتفعت نبرة صوت عز وقال بحدة: «الكلام الذى يخرج من الرقيب حق لا يمكن التعقيب عليه وقولك إن الحكومة فقدت ثقة المواطن يعنى أن أنزل إلى القاعة واسحب الثقة من الحكومة فورا وده مش هيحصل ولما حضرتك تقول كده سبت إيه للنواب». وقبل أن يعقب الملط واصل عز حديثه بصوت عالٍ قائلا: «أنت من حقك كمواطن أن تتحدث عن فقدان الثقة بين الحكومة والشعب ولكن ليس من حقك كرقيب لأن ده كلام سياسى وده حق للنواب وليس للرقيب والمطلوب من حضرتك هو تقييم علمى ومنهجى للأداء الحكومى مش كلام سياسى»، وعلت نبرة صوت عز بدرجة أكبر قائلا: «وبعدين البرلمان هو الرقيب الأعلى». ثم وجه حديثه للملط قائلا: «حضرتك بتزعل وبلاش نتكلم أحسن». وحاول عز تلطيف الأجواء فقال للملط: «ربنا وحده يعلم معزتك فى قلوبنا ومكانتك عندنا فأنت عزيز البرلمان». فصفق نواب الوطنى لعز، وحينما حاول المستشار جودت الملط الرد على عز قائلا «أريد دقيقة واحدة للرد على ما قلته» فقال عز: «للأسف الجلسة بدأت ومش هنقدر ناخد ولا دقيقة تانية». وقال الملط ل«الشروق» إن ما قاله فى اجتماع اللجنة لم يكن كلاما سياسيا مطلقا وإنما يستند إلى حقائق ومعلومات وأن أحمد عز لم يعطه الفرصة ليرد على ما أبداه من ملاحظات. وأشار إلى أن الجهاز المركزى للمحاسبات يلتزم بالمعايير الموضوعية ولا يطلق أحكاما بدون دلائل، ومع أن عز منع الملط من التعقيب بحجة أن الجلسة بدأت فإنه وقف معه لمدة تزيد على ال20 دقيقة بعد انتهاء اللجنة لتوضيح موقفه. كان الملط قد قال فى بيانه إنه لا يجوز الخلط بين الحكومة والدولة وبين الحكومة والحزب الوطنى، وأضاف ساخرا: «ممكن واحد يجى ويقولى أنت بتنفذ تعليمات من فوق وأنا أقوله ملكش دعوة باللى فوق يا حبيبى وخليك فى الحكومة». وأشاد الملط بقدرة الاقتصاد المصرى على التصدى لتبعات الأزمة المالية العالمية معتبرا أن قدرته على الاحتفاظ بمعدلات نمو وصلت إلى 4.7٪ فى العام المالى 2008 2009 تعد إنجازا خاصة أن بعض الدول ومنها أمريكا والسعودية والإمارات وصلت معدلات النمو فيها إلى أرقام بالسالب، وعقب قائلا: «هذه إيجابية حلوة تستحق أن نرفع لها القبعة» وعلق نائب وطنى قائلا: «الإيجابية دى تغفر حاجات كتير أيضا»، فرد الملط ضاحكا: «تغفر يافندم ونقرأ الفاتحة مع سيادتك». وأشار الملط إلى ارتفاع حصيلة الضريبة على الدخل والجمارك وضريبة المبيعات وزيادة المبالغ المخصصة للدعم من 10 مليارات عام 2003 إلى 94 مليارا للعام 2008 2009. وانتقل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات إلى عرض السلبيات فأشار إلى ارتفاع الفجوة بين الإيرادات والاستخدامات من 34 مليارا عام 2004 إلى 90 مليارا للعام 2008 2009، ومع أنه أشاد بقيام الحكومة بسداد أقساط وفوائد الدين الخارجى والداخلى، بالنسبة للناتج المحلى يصل إلى 90٪ وهو ما اعتبره الملط رقما غير موجود فى أى دولة فى العالم. وعارضه أحمد عز قائلا: «لا ياريس نسبة الدين الخارجى والداخلى إلى الناتج المحلى فى إيطاليا وصلت إلى ما يزيد على 100٪ وفى اليابان وصلت إلى 200٪» ورد الملط بن لديه من تقارير صندوق النقد الدولى ما يثبت عكس ذلك. عاوزين وزراء سياسيين ومحافظين سياسيين عاوزين ناس تمرمطت فى الإدارة يحسوا بالمواطن». وتطرق الملط إلى قضية أنفاق غزة وانتقد الأداء الحكومى فيها وقال: «لا توجد دولة فى العالم يتم الدخول إليها عبر الأنفاق ولكن للأسف عرفنا بخبر الجدار من إسرائيل ووقفت الحكومة فى موقف المدافع وكان موقفها سلبيا وكل واحد من الوزراء قال كلمة مختلفة عن الآخر، مع أن حماية الأمن القومى المصرى أمر لا يختلف عليه أحد ولكن إحنا معندناش قدرة على الإخراج الحلو فالذين صدرتهم الحكومة فى وسائل الإعلام لشرح وجهة نظرها لا بيقنعونى ولا بيقنعوا غيرى.