صفوف لا تنتهى من الآلات التى تعمل آليا بالكامل تغزل خيوط البوليستر فى مصنع كى سى. جى، التركية العاملة فى مصر فى إنتاج الستائر بغرض التصدير إلى أوروبا والولايات المتحدة. يقول أولكاى كيناليكايا، المدير التركى للشركة: «هذه أكبر طاقة غزل فى الشرق الأوسط. فلدينا هنا 40 ألف نول آلى». إنجاز العمل فى هذا الجزء من المصنع، حيث تتم الخطوات الأولية من عملية الإنتاج، يحتاج إلى عدد محدود من العاملين. فغزل الخيوط لتجهيزها للنسج عملية تحتاج إلى طاقة كثيفة، ولا تحتاج إلى عدد كبير من العمال. لكن المراحل التالية تحتاج عددا كبيرا من الأيدى العاملة، ليس فقط لتشغيل الآلات وإنما كذلك لتشطيب المنتج ومراقبة جودته وتغليفه استعدادا لشحنه إلى كبار المستوردين مثل إيكيا وجى. سى بنى وتارجت. ويبلغ عدد العمال فى مصنع الشركة ألف عامل. وتعد الشركة التى تستثمر 40 مليون دولار بمصر، واحدة من 270 شركة تركية اجتذبتها مصر، حيث الطاقة المدعمة والأجور المنخفضة، وكذلك الاتفاقيات التجارية مع أوروبا وأطراف فى إفريقيا والعالم العربى. ويبلغ إجمالى الأموال التركية المستثمرة فى مصر نحو مليارى دولار، جاء معظمها بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. وقد بدأ سريان الاتفاقية فى مارس 2007، لتدفع الاستثمار وتزيد من حجم التبادل التجارى بين البلدين من مليار دولار فى 2006 إلى 2.3 مليار فى 2008. ويعكس بعض النشاط التجارى صادرات المصانع التركية القائمة فى مصر إلى أسواق بلدها الأم. وتشير وزارة الاستثمار إلى أن نحو 80% من الشركات التركية العاملة وفدت إلى مصر خلال السنوات الخمس الماضية. وكانت اتفاقية «المناطق الصناعية المؤهلة» (الكويز)، بصفة خاصة، سببا فى جذب شركات النسيج والملابس الجاهزة. فبمقتضى هذه الاتفاقية، تحصل المنتجات المصنعة فى مصر، ويدخل فى تصنيعها مكوِّن إسرائيلى بنسبة 10.5%، على إعفاء من الجمارك فى السوق الأمريكية. ويقول على عونى، رئيس وحدة الكويز بوزارة التجارة والصناعة: «الاستثمارات التركية مهمة بالنسبة لنا لأن لديهم تكاملا رأسيا فى مراحل الانتاج المختلفة. فإذا جئنا بمصنِّع للملابس الجاهزة، فمن المحتمل أن يأتى بعد خمس أو ست سنوات بمصنع لمكونات الإنتاج الأساسية. هذه مسألة استراتيجية بالنسبة لنا، لأن أثرها أكبر». ويقول السيد عونى إن شركات الملابس التركية تتمتع بعلاقات طيبة مع مشتريى المنتجات الراقية فى أوروبا، ووجودها فى مصر يضع مصر على شاشة رادار عدد أكبر من المستوردين والمستثمرين. وهناك 60 شركة نسيج تركية تعمل فى مصر. ويقول السيد أولاكاى: «فقدت تركيا خلال السنتين أو الثلاث الماضية كثيرا من قدرتها على المنافسة فى مجال أسعار الطاقة والأجور. «تصدر شركتنا فى تركيا منتجات تقدر ب150 مليون دولار سنويا من إجمالى المبيعات البالغة 200 مليون دولار. ولنا زبائننا فى أرجاء العالم، لكننا لا نستطيع الانتاج بالأسعار التى يحددها البعض منهم إذا ما صنَعنا فى تركيا». تبعا لأولكاى. ويشير أولكاى إلى أن أسعار الكهرباء فى تركيا تساوى ثلاثة أضعافها فى مصر، وأسعار الغاز الطبيعى سبعة أضعافها، بينما تصل الأجور إلى ثلاثة أو خمسة أضعافها. ويضيف: «هناك بالطبع فروق فى المهارات بين البلدين. وقد تزيد فى تركيا بنسبة 15% مقارنة بمصر. لكن على المستوى الإدارى، تمتلك مصر موارد بشرية جيدة. لكنك بحاجة إلى إعادة تدريب العمال واستمرار تدريبهم لمواكبة التغيير السريع. ونحن من جانبنا نقوم بالتدريب، ولكن بدعم من الحكومة المصرية». صناعة النسيج التركية أكثر تقدما من نظيرتها فى مصر، ويقول السيد عونى إن المنتجات التى تستهدف الأسواق الراقية لا تصنع بعدا فى مصر. لكنه يعتقد أن الأتراك سيحسنون من معايير الأداء السائدة فى البلاد. كما يقول: «إنهم يدرسون أساليب عمل أفضل ويزيدون فى النهاية فرص العمال فى الحصول على عمل فى الشركات الأخرى. إن المعرفة تنتشر، وأجورهم زادت بالفعل حيث ان سوق العمالة الماهرة محدودة للغاية». ويقول السيد أولكاى إن الشركة تعتزم زيادة طاقتها الإنتاجية مما يوفر 200 فرصة عمل إضافية. ويبلغ إنتاج الشركة فى مصنعها بمصر مليونين من الدولارات شهريا، والمستهدف هو 40 مليون بحلول 2010. يقول روستو بركتين، المدير العام لنايل كوردسا، وهو مشروع مشترك بين مصر وتركيا: «بلغت الاستثمارات التركية فى مصر مستوى جديدا بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة التى مهدت الطريق. يضاف إلى هذا قرب تركيا الجغرافى من مصر، حيث تستغرق رحلة الطائرة بين استانبول والقاهرة أقل من ساعتين». وتعمل نايل كوردزا، وهى إحدى شركات كوردزا جلوبال، فى تصنيع ألياف تقوية الإطارات وتصدر 97% من إنتاجها إلى منتجى الإطارات فى أوروبا وآسيا وأفريقيا. وتعد الشركة، التى تأسست فى 1993، أول الاستثمارات التركية فى مصر. وتتوقع كل من مصر وتركيا تصاعد الأرباح التركية بعد الركود الذى شهده هذا العام بتأثير الأزمة العالمية. ويجرى حاليا إنشاء مجمع صناعى تركى على مساحة مليونى متر مربع بمدينة السادس من أكتوبر. ومن المتوقع أن يستوعب المجمع وهو مشروع مشترك تملك بولاريس تكستايل التركية حصة فيه، 150 من الشركات التركية يتراوح نشاطها بين النسيج والملابس والأدوات المنزلية ومواد البناء والمنتجات الغذائية. (خدمة فاينانشال تايمز البريطانية(