بعد 42 عاما من حرب يونيو 1967، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن إسرائيليا يحاول منذ فترة تسليم وثائق شخصية انتزعها والده من جثث جنود مصريين استشهدوا خلال الحرب للاحتفاظ بها كتذكار لحرب الأيام الستة. الصحيفة ذكرت أن الأب، الذى كان يخدم فى وحدة المظليين، حاول إعادة هذه الوثائق إلى عائلات الجنود، لكن ذلك لم يحدث، وتوفى قبل عام ونصف، لتنتقل الوثائق إلى الابن الذى يقول إنه يعتزم إعادتها إلى المصريين. وشدد الابن، الذى أشارت إليه الصحيفة بحرف «الياء»، وكان فى الثامنة من عمره خلال الحرب، على أن هذه الوثائق «قد تعنى الكثير لأشخاص يقيمون خلف معبر طابا»، فى إشارة إلى عائلات الجنود الشهداء. وأضاف أن «الوثائق تمثل شهادات على الحرب وما حدث فيها، ولكنها أيضا شهادات توثق حياة وموت شباب مصريين خرجوا إلى المعركة ولم يعودوا لديارهم، إنها شهادات قد تساوى العالم وما فيه بالنسبة لعائلاتهم». موقف والده من هذه الوثائق لخصه الابن بالقول: «والدى أراد طيلة حياته إعادة هذه الأوراق، غير أنه كان يخشى القيام بذلك. لا أعرف مما كان يخاف بالضبط، لكن والدتى أخبرتنى بذلك. الآن وبعد أن فارق الحياة آمل أن أتمكن أنا من تحقيق إرادته». وتضم الوثائق الذى ترك الزمن أثره عليها باللون الأصفر ومحا بعض حروفها، دفاتر يوميات وبطاقات وصور شخصية باللون الأبيض والأسود، إضافة إلى صور مجموعة من الجنود المصريين أثناء الخدمة العسكرية. وفى دفتر يومياته قال أحدهم قبل استشهاده: «فوجئنا بهجوم الطائرات الإسرائيلية. لم نتوقع هذا الكم من الغارات والقنابل منذ اللحظة التى هاجمت طائرات إسرائيلية فيها الصفوف الأولى للجيش المصرى. فوجئنا أيضا بأن الإسرائيليين هاجموا المطارات فى القاهرة، وأتلفوا لنا 71 طائرة كانت على الأرض»، بحسب موقع «العربية نت» أمس. فيما قال جندى آخر يدعى محمود إبراهيم، رقمه الشخصى هو 904841، وخدم فى القوات بالوحدة رقم 451031: «مع ضوء يوم الأحد نفذنا هجوما، وقد أسرنا ثمانية جنود إسرائيليين. خلال الهجوم الجوى للطيران الإسرائيلى جلست مع صديق اسمه جلال سعيد عبدالحميد من الإسماعيلية. إنه يعيش فى شارع البلاج رقم 5. جلسنا فى منطقة للاستكشاف، وكنا مجهزين بأجهزة لاسلكية وبسلاحنا الشخصى من نوع كلاشينكوف». ومن بين الأغراض صورة تذكارية لصديق أحد الجنود مكتوب على ظهرها محمود عباد، وتصريح باسم جندى من الزقازيق خدم فى القوات الجوية، يدعى حسن سليم عجوة، وبطاقة هوية باسم على حسن على. ويقول الابن إنه فكر فى إعادة هذه الوثائق إلى السفارة المصرية فى إسرائيل إلا أنه خشى من ردة فعل المصريين، مضيفا أنه يعتقد أنه لهذه الوثائق أهمية كبيرة لدى عائلات الجنود لكونه هو نفسه كتب يوميات خلال مشاركته فى الحرب الإسرائيلية الأولى على لبنان عام 1982. ولم يوضح تقرير «يديعوت أحرونوت» كيف وأين استشهد الجنود المصريون، إلا أن موقع «عرب 48» على الإنترنت لم يستبعد أن تكون لهذه الوثائق صلة بالمجزرة التى نفذتها وحدة «شاكيد» فى نهاية الحرب، وراح ضحيتها 250 جنديا مصريا. وكان المفكر الفلسطينى الدكتور عزمى بشارة قد أصدر بيانا فى نهاية فبراير 2001 يحث فيه عن دور بنيامين بن إلعازر (وزير البنى التحتية الإسرائيلى حاليا)، الذى شغل منصب نائب قائد هذه الوحدة خلال الحرب، فى هذه المجزرة، حيث طاردت عناصر وحدته الجنود المصريين، الذين نفدت ذخيرتهم، وقاموا بقتلهم بعد انتهاء المعارك. وكانت مستندات وأفلام وثائقية تدين جيش الاحتلال، خاصة وحدة «شاكيد»، قد نشرت فى إسرائيل العام الماضى، ما رفع على إثره المحامى محمود سعيد لطفى دعوى أمام محكمة النقض يتهم فيها الإسرائيليين بارتكاب جرائم حرب بحق المصريين. وحول آخر تطورات هذه الدعوى، قال لطفى ل«الشروق»: «للأسف لم يتم تحديد جلسة لنظر القضية رغم تقدمنا العام الماضى بمحفظة وثائق مصورة تعزز دعوانا ضد إسرائيل وتدين وحدة شاكيد». وأضاف: «يبدو أن مقاضاة إسرائيل خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه»، مشددا على أن «ما نشرته يديعوت أحرونوت يؤكد أهمية نظر الدعوى، وسنرفق الوثائق الجديدة بحافظة الأدلة أمام المحكمة، ونتمنى أن تأخذ الدعوى مجراها القضائى الطبيعى كحق أصيل للشهداء المصريين الذين استشهدوا غدرا على أرض سيناء». وتناشد «الشروق» كل من يتعرف على أصحاب تلك الوثائق التواصل معها سواء عبر الهاتف أو البريد الإلكترونى أو الفاكس لإلقاء الضوء على قصص هؤلاء الشهداء.