شهدت الأزمة السياسية فى السودان تصعيدا خطيرا أمس عندما تحدت أحزاب المعارضة الرفض الحكومى للتظاهر أمام مقر البرلمان فى مدينة أم درمان حيث اشتبكت الشرطة مع المتظاهرين وألقت القبض على مجموعة من قادة المظاهرات بينهم وزراء ومسئولون كبار فى الحكومة الائتلافية. من ناحيتها ردت عناصر فى الحركة الشعبية لتحرير السودان بإشعال النيران فى مقر حزب المؤتمر الوطنى فى ولاية بحر الغزال بجنوب السودان. كانت الأحزاب السياسية المعارضة لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم وبينها الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الأصغر فى حكومة الخرطوم قد دعت أمس إلى التظاهر أمام مقر البرلمان احتجاجا على سياسات حزب المؤتمر الوطنى حيث تصدت الشرطة للمتظاهرين بالقوة. وقال يين ماثيو الناطق الرسمى للحركة الشعبية ان القوى السياسية السودانية التى شاركت فى مؤتمر جوبا بالاضافة لمنظمات المجتمع المدنى نظمت هذه المسيرة اعتراضا على القوانين المقيدة للحريات والمخالفة للدستور ولاتفاق السلام، مؤكدا انه تم اخطار الشرطة قبل 72 ساعة بها وفقا لما يقضى به القانون. واضاف ماثيو فى اتصال هاتفى ل«الشروق» من الخرطوم انه رغم الوجود المكثف لقوات الامن والشرطة منذ الساعات الاولى من صباح الاثنين الا ان الشعب السودانى خرج بالآلاف تجاه البرلمان القومى انضماما للمسيرة مشيرا الى انه تم اعتقال عدد كبير من النساء والشباب والرجال الذين جاءوا للمشاركة فى المسيرة وأكد ان سجون الخرطوم ممتلئة الآن بالمواطنين العزل اضافة الى عدد من قيادات الحركة الشعبية ومن ابرزهم باقان اموم الامين العام للحركة الشعبية وياسر عرمان رئيس قطاع الشمال فى الحركة وملول جوك عضو برلمانى وميان دوت وزير فى ولاية الخرطوم وكشف الناطق الرسمى للحركة الشعبية عن تلقى عدد كبير من قيادات الحركة لتهديدات مستمرة من قبل حزب البشير الحاكم، مؤكدا انه رغم الاعتقالات الا ان المسيرة السلمية ستتواصل لحين تغيير القوانين المقيدة للحريات. وردا على ما قالته الشرطة السودانية انه لم يتم اخطارها اكد ماثيو انه تم ابلاغ الشرطة قبل 72 ساعة من تنظيمها قائلا «ان الحديث عن تصريح ما هو الا وهم فى مخيلة البشير واعوانه ونعتقد ان هذه نهاية حزب البشير». وقال ماثيو ل«الشروق» إن هناك مشاورات قائمة ومستمرة بين القوى السياسية والحركة الشعبية بشأن ما يحدث، مشيرا الى انه ستتم دعوة لاجتماع المكتب السياسى للحركة الشعبية لاتخاذ مواقف حيال انتهاك حقوق التعبير السلمية والتطاول على قياداتها. وترددت أنباء عن اعتقال وزير الدولة للداخلية عباس جمعة كما علمت «الشروق» من مصادر سودانية انه تم اعتقال صديق الترابى نجل د.حسن الترابى رئيس حزب المؤتمر الشعبى وساطع الحاج مسئول بالحزب الناصرى بالإضافة الى عدد كبير من البرلمانيين. على الجانب الآخر التزم حزب المؤتمر الوطنى الذى يتزعمه الرئيس عمر البشير الصمت ورفض مسئولون فى الحزب اتصلت بهم «الشروق» التعليق على الأحداث بدعوى أنها ملف أمنى يقع فى نطاق مسئولية الشرطة فقط. وكانت شرطة ولاية الخرطوم قد اعتبرت هذه المظاهرة «غير مشروعة»، وقالت إنها «لم تستوف التصديق اللازم من السلطات»، وتوعدت «باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات».