فى تصعيد للتوتر السياسى فى السودان والذى يحتدم قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية وما يعقبها من استفتاء على مصير انفصال الجنوب، اعتقلت السلطات السودانية فى الخرطوم، أمس، قيادات بالحركة الشعبية لتحرير السودان، شريك حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السلطة بينما كانوا يستعدون للمشاركة فى مظاهرة تطالب بإصلاحات ديمقراطية. وأكد باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، اعتقاله مع ياسر عرمان، رئيس كتلة الحركة فى البرلمان السودانى، وعدد من قادة الحركة إثر محاولتهم تسيير مظاهرة احتجاجا على تأخير إجازة قوانين فى البرلمان السودانى. وأضاف أموم أنه تم أيضاً اعتقال وزير الدولة بوزارة الداخلية ونائب رئيس مجلس ولاية الخرطوم على الرغم من تمتعهما بالحصانة. وشدد أموم على أن المظاهرة ستتم كما هو مقرر وأكد أن المنظمين لم يتم إخطارهم بأى حظر وقال: «لا أرى سببا لأن يغتصب أحد حقوقنا الأساسية التى كفلها الدستور». ومن جانبه، قال الفريق محمد عبدالمجيد السيد، قائد شرطة الخرطوم، إن السبب الرئيسى فى احتجاز باقان أموم كان نتيجة لاعتدائه خلال التحضير للمسيرة على أحد ضباط الشرطة الذين كانوا يقومون بتأمين المسيرة، لعدم استغلالها من قبل المخربين لإحداث فوضى ونهب الممتلكات. وأكد قائد شرطة الخرطوم أن ياسر عرمان لم يعتقل ولكنه أصر أن يرافق أموم إلى قسم شرطة أم درمان لحضور التحقيق معه. وبدوره، قال ياسر عرمان فى اتصال هاتفى مع قناة «العربية» من مقر اعتقاله: «إن ما حدث مسرحية مضحكة لا تُقدِم على فعلها حتى حكومة طالبان»، وأكد «أن المظاهرات ستنتشر فى كل مناطق السودان». وأضاف معلقا على ما ذكرته السلطات السودانية من تبرير اعتقاله باعتدائه هو وبعض زملائه على رجال شرطة قرب البرلمان: «ذلك تبرير سخيف للغاية فنحن برلمانيون ومن المفترض أننا نعطى تعليمات للأمن وليس العكس. وما حدث يكشف تبعية الأجهزة الأمنية للحزب الحاكم للسودان». وأردف قائلا: «لم تحدث أى اشتباكات مع رجال الأمن حتى تحدث اعتقالات، نحن كنا متوجهين بشكل سلمى كنواب فى البرلمان إلى مقر البرلمان لتسليم قائمة من الطلبات، غير أننا فوجئنا باعتداء رجال الأمن علينا». وذكر شهود عيان أن الشرطة السودانية ضربت المتظاهرين والمتفرجين الذين احتشدوا خارج البرلمان منذ الساعات الأولى من صباح أمس بالهراوات فيما اقتيد عرمان وهو يهتف قائلاً: «الحرية». واحتشد مئات من أنصار الحركة الشعبية والمعارضة فى المنطقة بعد الاعتقالات وطوقتهم الشرطة. كما تجمع بعض المحتجين خارج مقر حزب الأمة المعارض واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وذكرت قناة الجزيرة أن أنصار الحركة الشعبية حرقوا مقر الحزب الحاكم فى محافظة بحر الغزال بجنوب السودان احتجاجا على الاعتقالات فى صفوف الحركة ومهاجمة مظاهرة المعارضة. وكانت السلطات السودانية قد حظرت المظاهرة التى دعا لها تحالف المعارضة وكان من المقرر تنظيمها أمس خارج البرلمان لتأييد إصدار قوانين تنظم عملية الانتخابات، وإجراء استفتاء على الاستقلال لجنوب البلاد. ولم تتوصل الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون سابقون مشاركون فى حكومة الوحدة الوطنية) إلى التفاهم مع حزب المؤتمر الوطنى حول إصلاحات ديمقراطية قبل الانتخابات المقررة فى أبريل 2010، وحول القانون الذى ينظم الاستفتاء فى يناير 2011 بشأن تقرير المصير فى جنوب السودان. وأمام المأزق دعت الحركة الشعبية و20 حزبا معارضا إلى «مظاهرة سلمية» أمام مقر البرلمان السودانى. واعتبر مسؤول بحزب الأمة السودانى المعارض أن حظر حزب المؤتمر الوطنى للمظاهرة يثبت أن الحزب ليس جادا بشأن السماح للأصوات المعارضة بالمشاركة فى الانتخابات المقبلة.