بعد أكثر من21 عاما على إغلاق جميع دور العرض السينمائي في الضفة بسبب اندلاع الانتفاضة الأولى، بدأ فلسطينيو الضفة يستعيدون متعة الذهاب إلى السينما. ففي عدة مدن في الضفة الغربية يمكن مشاهدة بوسترات أحدث الأفلام المصرية والأمريكية التي تعرض في مسارح ودور سينما بدأت تستعيد دورها في عرض الأفلام، شيئا فشيئا. في نابلس، التي كانت تلقب بجبل النار بسبب تحولها إلى مركز لنشاط المقاومين، افتتحت في يوليو الماضي مجددا دار العرض السينمائي الوحيدة سينما سيتي أبوابها، وبدأت تعلن عن مواعيد لعرض أحدث الأفلام، وهو مشهد غاب طويلا عن الفلسطينيين. ومن الأسباب التي شجعت أصحاب سينما سيتي على إعادة افتتاحها، أن نابلس بدأت تستعيد عافيتها كعاصمة للاقتصاد، بعد أن خفف الجنود الإسرائيليون من قبضتهم على المدينة، وسمحوا لفلسطينيي الضفة وعرب الداخل في إسرائيل بالدخول إليها. طال التخفيف الإسرائيلي حاجز حوارة الرئيسي على مدينة نابلس، الذي كان يتفاداه الفلسطينيون، إذ يضطرون للانتظار عدة ساعات في الدخول والخروج. أسواق مكتظة والجميع يطلبون الكنافة ! ويقول مروان المصري صاحب سينما سيتي بمدينة نابلس: "منذ فترة طويلة ونحن نفكر في إعادة فتحها غير أن الوضع الأمني لم يكن يسمح لنا بذلك". ويضيف أن افتتاح هذه السينما، يدل على أن الحياة بدأت تعود طبيعية في جبل النار، حتى إن أسواق المدينة تشهد خلال أيام الأسبوع اكتظاظا غير مسبوق. ويزور فلسطينيو الداخل نابلس من أجل التسوق ويجربون طبعا أشهر ما في المدينة، وهي الكنافة التي أخذت شهرتها من نابلس، وأصبحت تعرف بالكنافة النابلسية. وأشارت مسئولة العلاقات العامة بالسينما رجاء الطاهر إلى أن السينما متطورة جدا تواكب تطور السينما العالمية وأسعار التذكرة الواحدة 25 شيكل للشخص الواحد. وأوضحت رجاء أن سينما سيتي تعرض فيلمين كمرحلة أولى يوميا وستعمل على التعاقد مع العديد من دور السينما العربية والعالمية لعرض أحدث الأفلام التي تعرض عالميا إضافة إلى عرض الأفلام الخاصة بالأطفال والأفلام الفلسطينية الأخرى. الأفلام المصرية هي المفضلة أما المحامي غسان الشكعة فقد أشار إلى النقص الحاد في الوسائل الترفيهية في المدينة في ظل الفلتان الأمني وأن الوضع الأمني المستتب أسهم في خلق آفاق تنموية اقتصادية وترفيهية. وقالت عليا التي تدرس في جامعة القدس إنها ستكون سعيدة بأخذ وقت من الراحة في مشاهدة أحد الأفلام المصرية الجديدة مع رفيقاتها, وأضافت أنه إذا ما عرضوا فيلم "عمر وسلمي 2" فستذهب بدون تردد. ويقول محمد زياد - 55عاما- من مخيم عايدة في بيت لحم، إن للسينما ذكريات جميلة: "إنها تذكرني بالزمن الجميل وأنا حزين لأن السينما التي تعودنا عليها شبابا تحولت إلى مركز تجاري". ولم يذهب زياد للسينما منذ عشرين عاما، ويقول: "نحن بحاجة إلى أن نتعود عليها من جديد. لقد نسينا السينما. السينما ممتعة وتكسر الروتين وقد يصل عدد الحاضرين في إحدى قاعات السينما إلى 15 شخصا فقط. والسبب، كما يقول البعض، هو تردي الحالة الاقتصادية، وهو ما أكدته صفا - 25 عاما - وتعمل في مكتبة حيث قالت إن السينما ترف قد نكون لسنا بحاجة له في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب. وتابعت قائلة إن ثمن التذكرة 20 شيكل (5 دولارات)، فإذا أردت أن أذهب مع عائلتي فستكلفنا 100 شيكل، (20 دولارا).. "نحن أولى بهذه الأموال في ظل هذا الوضع الصعب والتزاماتنا كثيرة". وتابعت مبتسمة: "ثم إن قنوات الأفلام تعرض كل شيء". ويقول عمار أبو جمال موظف بدأت السينما في رام الله مع دخول السلطة عام 1996، وقد تحولت المدينة إلى عاصمة السلطة السياسية وساعد العائدون مع السلطة الذين عاشوا في بلاد عربية وأجنبية على تغيير بعض عادات السكان مما أدى إلى ازدحام السينما في رام الله والإقبال عليها خصوصا عندما تكون هناك أفلام مصرية والتي يعشقها الشعب الفلسطيني، ويذهب الشباب أكثر من غيرهم إلى دور العرض. وقال إياد الحروب - 30 عاما - إن السينما "ممتعة وفيها تغيير للروتين القاتل في فلسطين". وإلى جانب السينما تنتشر في فلسطين محلات لنسخ أقراص أحدث الأفلام بدون أي رقابة، إذ لا توجد مراعاة لحقوق النشر، وهذه المحلات تشهد إقبالا كبيرا، وقال أحمد مزهر إنه يذهب إلى هذه المحلات ويشتري أي فيلم حديث بأقل من دولارين ويشاهده في بيته كلما شاء. ويراهن أصحاب دور العرض على التحسن الاقتصادي والوقت كي يتعود الناس في الضفة على السينما. لكن هذه الحالة لا تنطبق على كل مدينة، إذ تشهد دور العرض في رام الله، بالعادة، اكتظاظا على مشاهدة الأفلام الجديدة.