أقيم العرض الأول للفيلم الفلسطينى «عماد عقل» مؤخرا فى المركز الإسلامى الجامعى بمدينة غزة كأول عمل سينمائى، وتحديدا أول فيلم روائى طويل تنتجه حركة «حماس» الفلسطينية منذ توليها رئاسة الحكومة. الفيلم تكلف 200 ألف دولار، وشهد عرضه الأول زحاما كبيرا، شبهته بعض وسائل الإعلام بأنه «نقطة التلاقى الوحيدة بين فيلم تقدمه (حماس)، وأى عمل من إنتاج هوليوود يتجمهر الكثيرون لحضور عرضه الأول»، إلا أن نوعية الجمهور مختلفة - على حد وصف بعض المحللين الإعلاميين - حيث الرجال ملتحون والنساء منتقبات على عكس الجمهور الأمريكى. كتب سيناريو الفيلم «محمود زهر»، الذى عكف على التأريخ لحماس طوال العامين الماضيين، والذى حضر عرضه الأول بصحبة إسماعيل هنية، رئيس الوزراء الفلسطينى، وقال: «صناعة الأفلام وسيلة أخرى لمواجهة (القاعدة) الإسرائيلية، والمقاومة قد تكون كلمة أو قصيدة أو لقطة سينمائية». وعلق فتحى حمد، وزير الشؤون الداخلية فى حكومة حماس، والذى شارك فى إنتاج الفيلم: إنه عمل من إنتاج «حماسوود» على غرار «هوليوود» - مدينة السينما العالمية - نقد من خلاله الفن بمعايير إسلامية، تتحدث عن المقاومة الفلسطينية، لكن دون محتويات جنسية كالتى تقدمها هوليوود. يتناول الفيلم فى ساعتين قصة «عماد عقل»، قائد الجناح العسكرى لحماس، والذى توفى عن 23 عاما بعد إطلاق الرصاص عليه خلال اشتباك مع الجنود الإسرائيليين فى غزة عام 2003، وكان قبل وفاته على قائمة المطلوبين من قبل الحكومة الإسرائيلية فى بداية التسعينيات للاشتباه فى تسببه فى مقتل 11 جنديا إسرائيليا، إلى جانب أحد المدنيين وأربعة فلسطينيين من عرب 48 عبر سلسلة من العمليات، كما لقب بالشبح لنجاحه فى التخفى فى زى مستوطن إسرائيلى، واضعا القبعة اليهودية على رأسه. الفيلم ملىء بمشاهد الأكشن، حيث القفز من السيارات لإطلاق الرصاص على الجنود الإسرائيليين، بينما لا مكان للرومانسية فيه، حيث النساء منتقبات أو محجبات، على حد وصف وكالة «الأسوشيتد برس» فى تقرير لها، والتى ذكرت أيضا أن الممثلين الذين يجسدون شخصيات المدنيين والجنود الإسرائيليين إلى جانب عدد من المسؤولين مثل رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها «إسحاق رابين» ومعاونه «إيهود باراك» - وزير الدفاع الإسرائيلى حاليا - يتحدثون اللغة العبرية بصعوبة، وجاءت مشاهدهم مصحوبة بترجمة عربية. ويقدم الفيلم «إسحق رابين» - الذى اغتيل عام 1995 على يد متطرف يهودى - وهو ينهر «باراك» لفشله فى التصدى للمقاومة الفلسطينية ودحر رجالها، بينما يبرز صورة مناقضة وسلبية للجنود الإسرائيليين، فهم فى معظم الأحيان ناعسون أو غرقى فى الاستمتاع بالنساء وشرب الخمر، ويجسد شخصية «رابين» الممثل الفلسطينى محمد أبو روس - 57 عاما - والذى قال عن مشاركته فى الفيلم: «أحب أن أخدم بلدى كما خدم (رابين) اليهود». استغرق تصوير الفيلم عشرة أشهر، ووصفته «أسوشيتد برس» بأنه أول مشروعات «حماس» الإعلامية التى تستهدف تأسيس إمبراطورية إعلامية بتكلفة 200 مليون دولار، وتشمل إطلاق قناة تليفزيونية بالقمر الصناعى ومحطة إذاعية، وعشرة مواقع إلكترونية إخبارية على الإنترنت، وصحيفتين يوميتين ناطقتين بلسان الجماعة، ومتابعات إخبارية مميزة للجماعة ولجناحها العسكرى. وذكرت «أسوشيتد برس» أن حالة العزلة التى فرضت على الفلسطينيين بعد إغلاق معبر رفح أثرت سلبا على السينما المحلية الناشئة فى غزة، فى حين عبر فتحى حمد عن أمله فى تقديم فيلم عن المناضل الفلسطينى «عز الدين القسام»، الذى حمل تلامذته اسمه لتلقيب كتائبهم بعد وفاته، لكن الأمر يبدو مستحيلا لصعوبة إتاحة إسرائيل التصوير فى الأماكن الحقيقية التى عاش فيها عام 1920 فى مدينة «حيفا» التى تخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية. وبسبب إغلاق دور العرض السينمائية فى غزة منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1980 لما رآه المقاومون من أنه وقت النضال لا الترفيه، فإن الفيلم يتواصل عرضه فى المركز الثقافى فى المدينة، وعلى النقيض من دور العرض المغلقة فى غزة، حيث تجرى إعادة فتح دور العرض فى الضفة الغربية رغم أن حركة «فتح» - المنافس العتيد ل «حماس» - تسيطر عليها وفقا لما ذكرته «أسوشيتد برس»، التى تورد مقارنة صارخة بين أفيش فيلم «عماد عقل» الذى تتوسطه صورة البطل مدججا بالأسلحة، بينما يبدو فى الخلفية الجنود الإسرائيليون، بين بوستر للمطربة اللبنانية هيفاء وهبى بفستان أحمر مثير وضيق يبرز التضاريس الأنثوية بجسدها - على حد وصف «أسوشيتد برس».
