لماذا لا تلتزم الحكومة بالشفافية فيما يتعلق بحالات الوفاة بإنفلونزا الخنازير؟ كل ما يصدر عن الجهات المعنية عقب كل وفاة هو عبارات مقتضبة تتحدث بشكل متعجل وغامض عن التاريخ المرضى للضحية على نحو يجعل الناس نهبا للقلق والفزع. أذكر أنه قبل أن تتحول إنفلونزا الخنازير إلى حديث الصباح والمساء فى كل شبر على أرض مصر أن خرج علينا وزير الصحة بتصريح بث الرعب فى القلوب حين قال إن كل من يسافر للحج لن يعود إلى بيته، بل سيتم التحفظ عليه فى الحجر الصحى. كان الوزير فى ذلك الوقت يدشن ما وصفته أكثر من مرة ب«بيزنس الرعب» حيث جرى اقتياد المجتمع بأسره إلى محرقة التخويف من الوباء وتم تداول حديث طويل ومكرر عن ضرورة إلغاء موسم الحج هذا العام، والتفكير فى إلغاء العام الدراسى وهو الأمر الذى أوجد سوقا رائجة للدروس الخصوصية وأدى إلى ارتفاع جنونى فى أسعار المطهرات والمنظفات، ثم جاءت الطامة الكبرى بقرار إغلاق مستشفيات الحميات فى وجوه الأسر المصرية المرعوبة من الوباء، وهو ما أنعش المستشفيات والمعامل الخاصة، وجعل الحصول على مصل «التاميفلو» أصعب كثيرا من الحصول على قطعة من حجارة كوكب المريخ. وأتذكر أنه فى بدايات الحديث عن المرض، الذى بذلت منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة فى معظم بلاد العالم جهودا مضنية لمنحه اسم «الوباء» إمعانا فى التخويف، أتذكر أن كتب المبدع الجميل محمد المخزنجى مقالا بديعا فى «الشروق» حمل عنوان «إنفلونزا المحافظين الجدد.. والقدامى أيضا» علق فيه على مقال نشر فى أغسطس 2008 كتبه أمريكى من أصل ألمانى بعنوان «مشروع البنتاجون المرعب.. حرب بيولوجية بمصل إنفلونزا الطيور» ذكر فيه أن دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكى فى عهد جورج بوش، عين قبل تولى البنتاجون بثلاث سنوات رئيسا لمجلس إدارة شركة منتجة لعقار التاميفلو.. وبعدت انطلقت آلة الإعلام الجبارة تنذر بفناء نصف الشعب الأمريكى نتيجة وباء إنفلونزا الطيور. قريبا من ذلك يتداول نشطاء الإنترنت منذ يومين تسجيلا مصورا لسيدة قدمت نفسها على أنها وزيرة سابقة للصحة فى فنلندا تتحدث فيه عن ضغوط أمريكية على منظمة الصحة العالمية لتصنيف فيروس إنفلونزا الخنازير على أنه وباء ومن ثم إيجاد سوق للرعب تنتعش فيها مبيعات اللقاحات والأمصال. وخلال يومين فقط ورغم نفى السلطات الفنلندية أن تكون السيدة المذكورة مسئولة فى فنلندا، بلغ عدد مشاهدى المقطع على موقع «يوتيوب» خلال يومين أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم. أعلم أنه من الحمق التسليم بشكل أعمى لنظرية المؤامرة، لكن منتهى السذاجة الاستسلام التام لقوانين سوق الرعب المنصوبة فى بر مصر. [email protected]