قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما نشر 30 ألف جندي إضافي بشكل سريع في أفغانستان، مع تحديد تاريخ بدء سحب القوات من هذا البلد في منتصف 2011، مؤكدا للأمريكيين حرصه على عدم زج البلاد في نزاع بلا نهاية. وحرص أوباما يوم الثلاثاء في خطاب كشف فيه إستراتيجيته الجديدة في أفغانستان وباكستان، على رسم مخرج من نزاع بات العديد من مؤيديه حتى يعتبرونه مأزقا شبيها بحرب فيتنام، مؤكدا أن القوات الأمريكية ستبدأ بالعودة إلى الديار بعد 19 شهرا. واعتبر أوباما أن إرسال تعزيزات يمكن أن يقود إلى هزيمة تنظيم القاعدة ومتمردي طالبان وأن يمهد للانسحاب من هذا البلد. وشكل هذا الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام طلاب معهد "وست بوينت" العسكري المرموق الذين سيخوضون حربه، اكبر اختبار يواجهه حتى الآن كرئيس، وأفضل فرصة أمامه لإعادة تحديد النزاع. وهو وإن كان قد حدد تاريخا لبدء الانسحاب من أفغانستان، إلا انه لم يعلن مهلة لإنجاز المهمة التي بدأت قبل ثماني سنوات في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وقال أوباما: "قررت بصفتي القائد العام، إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان لما يمثله ذلك من مصلحة وطنية حيوية". وقدر أوباما كلفة إرسال التعزيزات بحوالي 30 مليار دولار في 2010، ما ينذر بمعركة سياسية حقيقية في الكونجرس لإقرار التمويل، يزيد من حدتها العجز القياسي في الميزانية الذي وصل إلى 1417 مليار دولار في 2008-2009، ما يمثل 10% من إجمالي الناتج الداخلي. وكان مركز الدراسات الإستراتيجية والمالية قدر في تقرير نشر يوم الثلاثاء كلفة القوات العسكرية بمليون دولار في السنة لكل جندي. وشدد أوباما من جهة أخرى الضغوط على الحلفاء الأطلسيين داعيا إلى إرسال المزيد من القوات ومحذرا من أنهم مهددون هم أيضا بخطر الإرهابيين المتمركزين في أفغانستان. وبعد عرض موسع للإستراتيجية العسكرية، كشف أوباما عن نهج سياسي جديد حيال أفغانستان وباكستان، متعهدا بمطاردة القاعدة أينما ظهرت. وحذر حكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي من أن أيام "الشيكات على بياض" ولت، مطالبا إياها بمكافحة الفساد. وصرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأن الإستراتيجية الجديدة شجاعة داعيا كل الدول الراغبة في مساعدة الشعب الأفغاني لدعمها. وفي وقت ينتقد العديد من حلفاء أوباما الديمقراطيين كلفة التعزيزات، كشف الرئيس أن العمليات العسكرية الجديدة في أفغانستان ستكلف ثلاثين مليار دولار هذه السنة. غير أنه أكد أنه سيكون شفافا وصريحا في ما يتعلق بتمويل العملية، في انتقاد لإدارة سلفه جورج بوش التي اخذ عليها عدم تمويلها النزاعين في العراق وأفغانستان. وأشاد ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ - أحد أشد منتقدي أوباما في الكونجرس - بسياسة "التعزيزات العسكرية" الجديدة معتبرا أنها "ستقلب الزخم" الذي اكتسبته حركة طالبان في وقت يصعد المتمردون هجماتهم في أفغانستان. غير أن بعض أعضاء الكونجرس الآخرين لم يوافقوا على الإستراتيجية, حيث قال راسل فاينجولد السيناتور الديمقراطي: "لا أؤيد قرار الرئيس إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان لخوض حرب لم تعد تتعلق بمصالحنا الأمنية القومية".