للمعتمرين.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    30 غارة على الضاحية الجنوبية ببيروت في أعنف ليلة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على لبنان    مدحت شلبي يكشف مصير " زيزو" في نادي الزمالك    احتفالات كبرى بمطار البالون الطائر في الأقصر بذكرى نصر أكتوبر ال51 (بث مباشر)    ارتفاع سعر الذهب اليوم.. عيار 21 يسجل 3578 جنيهاً    والد بلعيد: الأهلي لم يجبرنا على وكيل معين.. وأمير توفيق محترم    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 6 أكتوبر    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 6-10-2024    ارتفاع عدد قتلى إعصار «هيلين» في الولايات المتحدة إلى أكثر من 227 شخصًا    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    تبون يثني على العلاقات بين الجزائر وموسكو    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»..هل الدعم «النقدي» أفضل من «العيني»؟.. عالية المهدي تجيب.. اتحاد الدواجن يكشف سبب ارتفاع أسعار البيض    عاجل.. إسرائيل تعلن الاستعداد لضرب إيران.. و«الخارجية الأمريكية»: لا ضمانات لاستثناء المنشآت النووية.. وقائد عسكري أمريكي يزور المنطقة    شوقي غريب يكشف لأول مرة سبب فشل مفاوضاته مع الإسماعيلي    مدرب مصر السابق: كنت أتمنى ضم نجم الزمالك للمنتخب    ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباريات اليوم الأحد    لماذا تأخر حزب الله في كشف حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين في لبنان؟    «Take My Breathe».. أفضل فيلم عربي طويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    برج الأسد.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: لا تكن أنانيا    بعد شائعات وفاته.. جورج قرداحي يوجه رساله شديدة اللهجة    ملك إسبانيا: الحرب في غزة جلبت دمارا لا يوصف ويجب أن تنتهي    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم وتحذيرات من الشبورة المائية على الطرق السريعة    «مفيش خروج من البيت».. محمد رمضان يفاجئ لاعبي الأهلي بقرارات جديدة نارية (تفاصيل)    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    44 ألف سيارة.. الحكومة تعلن مفاجأة جديدة بشأن ذوي الهمم    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. كيف خدع «السادات» إسرائيل؟    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    لتجنب التسمم الغذائي.. الخطوات الصحيحة لتنظيف وغسل «الفراخ»    شعبة الدواء تكشف عن سبب ظهور السوق السوداء    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الأحد 6 أكتوبر    «مصر للطيران» تنقل 286 مصريًا عالقين في لبنان إلى أرض الوطن.. صور    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية.. ومصرع 3 عناصر شديدة الخطورة بقنا    مصرع وإصابة 3 أطفال في تصادم دراجة بخارية وسيارة ملاكي بقنا    الزمالك يقترب من ضم مدافع منتخب مصر (تفاصيل)    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    حدث في منتصف الليل| حقيقة تعرض البلاد لشتاء قارس.. وأسباب ارتفاع أسعار الدواجن    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    رابع مُنتج للمشروبات في العالم يبحث التوسع في السوق المصرية    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    عرض «فرص الاستثمار» على 350 شركة فرنسية    «المضل» في بني سويف تضم «مزامير» داود وكنوزًا زاخرة    وائل جسار: عايشين حالة رعب وخوف في لبنان.. ودعم مصر مش جديد علينا    « عز يرتفع والاستثماري يتراجع».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    نائبا رئيس الوزراء أمام «النواب» غدًا    مصرع طفلة وشقيقها سقطا من الطابق السادس أثناء اللهو ب15 مايو    جوجل والجنيه.. دعم ل«الصناعة المحلية» أم عقاب لصنّاع المحتوى؟    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    أحمد عبدالحليم: الزمالك استحق لقب السوبر الإفريقي و«الجماهير من حقها الفرحة»    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متنزه للشعب على نيل المعادى
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 04 - 2020

اضطررت بسبب الظروف التى اجتاحتنا للابتعاد عن الاستخدام اليومى للمترو والذى أتمنى لركابه السلامة وتحولتُ لاستخدام الدراجة أكثر بكثير مما كنت أستخدمها قبلها فأنا اليوم أركب الدراجة فيما مجموعه حوالى ساعة وأربعين دقيقة ذهابا وإيابا للمكان الذى أعمل فيه وحيدا هذه الأيام. كان لدى اختياران جربت الأول لمدة حوالى أسبوع على اعتبار أنه الأقصر وكان طريقا صحراويا واستبعدت الطريق الآخر المحازى للنيل لإحساسى أنه أبعد ثم قررت بعد أن تنفست كمية من الأتربة وعوادم السيارات أن أختبر الطريق المحاذى للنيل وما هى إلا تجربة واحدة حتى قررت الاستمرار إذ لم يكن فقط بنفس وقت الطريق القريب من الصحراء ولكن القرب من النيل حسم الاختيار. الشىء الرئيسى بالنسبة لى والذى لا يمكننى من نصح الآخرين من فعل ذلك هو عدم توافر المسارات الآمنة لراكبى الدراجات والتى أتمنى أن تنال من العناية ما تستحق لأنها ستوفر للمجتمع الكثير من المال عكس ما يحدث مع طرق السيارات التى تستنزف الأموال.
فى نفس الوقت كنت قد بدأت فى قراءة كتاب «الماء» استعرته من مكتبتنا وهو من إصدار المركز القومى للترجمة التى لا أستطيع أن أشكرها بما يكفى على جودة اختيار العناوين والموضوعات وحتى على مستوى الترجمة لما يزيد عن تسعين بالمائة مما قرأت من إصداراتها. تناول الكتاب الماء بصورة رائعة وشاملة وفيما تناوله علاقة الإنسان بالماء وكيف أن إحدى النظريات لنشأة وتطور الإنسان تتحدث عن نشأة الإنسان بالقرب من المسطحات المائية الكبرى كالمحيطات وتشرح تأثير ذلك فى غياب الشعر الكثيف عن جسم الإنسان وأشياء أخرى تقربنا من الكائنات المائية. ومن المصطلحات الرائعة التى تعرفت عليها فى تلك القراءة «المحب للماء» أو الميال له وهو ينطق بالإنجليزية هيدروفيلك ويصف الانجذاب الكيميائى الحادث لجزىء متأين للماء. وضح لى من هذا المفهوم لماذا نحب الماء والقرب منه ولماذا يعيش جزء كبير من البشر بالقرب من المسطحات المائية.
●●●
لا شك عندى أن المصطلح العكسى «المتنافر مع الماء» أو ما ينطق بالإنجليزية الهيدروفوبيك ينطبق على سجن طرة المطل على النيل والذى طالما تعجبت من وجوده فى هذا المكان وبالرغم من أنه أنشئ منذ أكثر من مائة عام على أرض تم اقتطاعها لتكون ملكا عاما تستخدمه الدولة، فالآن وفى ظل الكثافة السكنية الكبيرة للغاية والمحيطة به أتصور أنه قد آن الأوان لنقل السجن إلى مكان خارج الكتلة السكنية وأن ننشئ مكانه حديقة عامة تطل على النيل وتمثل متنفسا ليس فقط للسكان المحيطين بل ولسكان المدينة ككل. وأمام مصنع الاسمنت المتوقف منذ سنوات عديدة تجرى عمليات ردم فى النيل لكى يتم وصل جزيرة صغيرة بالضفة الشرقية له وكما هو معروف فإن أى تدخل فى مجرى النيل يؤثر ولا شك على مناطق أخرى كما يؤثر على الطبيعة الحيوية للنهر والضفة ويقلص من التنوع الحيوى. ما يزيد عجبى أن مصر استضافت منذ حوالى السنة قمة دولية فى التنوع الحيوى وبالتالى فهناك من يدركون أهمية التنوع الحيوى وخطورة تقلص التنوع المحلى محليا وعالميا على حياتنا وجودة المكونات الطبيعية الأساسية مثل الهواء والماء والتى هى وراء قدرتنا على الاستمرار فى الحياة.
أرى أيضا فى بعض المناطق القليلة بعضا ممن يبدو أنهم من سكان المناطق القريبة وهم يجلسون على بعض الأماكن المتبقية من شاطئ النيل يصطادون أو يتحدثون أو يقوم بعض الفتية الصغار بالسباحة والتى لا بد بالرغم من أنها توفر لهم لهوا مقبولا لكن نوعية المياه فى النيل قد تحتاج الكثير من الجهد حتى يمكن أن يسبح الناس فيه بأمان كما هو متاح فى بعض الأنهار فى أوروبا مثلا. وتنتشر الحدائق المسورة التابعة لمحافظة القاهرة والتى أعتقد أنه يجب إزالة أسوارها مع ضمان صيانتها ونظافتها كما لا نريد أبنية على النهر مهما كان اسمها مثل ذلك البناء الذى يدخل فى عمق النيل والمواجه للمبنى الرئيسى للبنك الأهلى ولكننا نريد تدخلات تستعيد التنوع الطبيعى الذى فقده النهر والذى يمثل فيه الشاطئ والجزر أماكن مهمة وحساسة للغاية ولما لذلك من تأثير على جودة مياه النيل والحياة الطبيعية فيه من أسماك وكائنات أخرى وأيضا من تأثير ذلك على إعادة جذب الطيور المهاجرة التى قلت بشكل كبير والتى تشكل جزءا مهما من دورة الحياة فى تلك الأماكن. تخيل مثلا أن تستمع فى صباح يوم ما وأنت تركب دراجتك بمحاذاة النيل فى المسار الآمن المخصص للدراجات تغريد طيور مهاجرة رائعة كما سمعتها أنا منذ أيام، كيف يكون يومك الذى تبدأه بهذه الطريقة.
●●●
لا نطالب باستعادة التماسيح فى جنوب القاهرة كما كتب أمين معروف عن جنوب القاهرة فى نهاية عصر المماليك فى روايته الرائعة «ليون الإفريقى» ولكن نطالب بإيجاد أماكن للتنزه أكثر طبيعية وأكثر دعما لحياة سكان المدينة ويعتمد على دراسة النظام البيئى لضفة النهر واستعادة ما يمكن من نباتات متنوعة وموائل للكائنات الأخرى ويسمى هذا النوع من التدخل «الحيوى» أو ما ينطق بيوفيليك.
ربما من الواجب أن نتأمل ونسترجع مفهوم الماء «المقدس» الذى لطالما شكل جزءا رئيسيا من معتقد المصريين القدماء عن نشأة الحياة وندعمه بما يتراكم من أبحاث ودراسات تؤكد على مدى أهمية الماء لحياتنا ولسلامة كوكبنا الذى نعيش عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.