«سعر الأرز الحر سيسجل زيادة نتيجة قرار فصل التوريد عن التصدير وخفض رسم الصادر الذى اتخذته وزارة الصناعة والتجارة، ولكن الزيادة ليست ملموسة، وإذا تجاوزت الحد الآمن، سنقوم بحظر التصدير مرة أخرى»، هذا ما أكد عليه وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد عقب اجتماعه مع القائمين على سوق الأرز فى مصر الخميس الماضى. لم ينجح وعد الوزير بالتدخل عند اللزوم فى الحد من آثار الجزء الأول من تصريحاته، المرتبطة بزيادة الأسعار، بينما يعانى المواطنون بالفعل من ارتفاع العديد من السلع الغذائية الأساسية، «التى ترتفع أسعارها ولن نشهدها تنخفض مرة ثانية أبدا»، كما يقول حسن جرجاوى، موظف فى أحد البنوك العامة، خاصة، كما يضيف جرجاوى مع «سعى التجار دائما إلى استغلال الظروف لتحقيق مزيد من الربح». وكان وزير التجارة والصناعة بعد اجتماعه بشعبة مصدرى الأرز يوم الخميس قد اتخذ سلسلة من القرارات من شأنها ضبط إيقاع سوق الأرز، تتمثل فى خفض رسم الصادر على الأرز بنسبة ٪50 ليصل سعره إلى 1000جنيه للطن على أن يتم تطبيق القرار من أول ديسمبر المقبل، كما سمح بتصدير الأرز فى حدود الحصص التى يحددها الوزير بموجب تراخيص يصدرها قطاع التجارة الخارجية، على أن تكون هذه التراخيص شخصية، ولا يجوز التنازل عنها، بالإضافة إلى مد موعد توريد المضارب لكميات الأرز المتفق عليها، تبعا لنتائج المناقصة الأخيرة إلى شهر يناير. وقد بلغ سعر جملة كيلو الأرز من أرض الفلاح قبل القرارات الأخيرة 150 قرشا، ولكن من المتوقع، كما يقول عبدالعزيز السلطيسى، رئيس شعبة الأرز بغرفة الحبوب، أن يسجل زيادة «طفيفة» ليتراوح سعره بين 180 و200 قرش للكيلو بعد هذه التعديلات. ولكن تكون الزيادة، وفقا للسلطيسى مصدر إزعاج للمستهلك المصرى، بينما عدم إضافتها كان يمثل «تهديدا حقيقيا للفلاح المصرى الذى كان قد اقترب من التوقف عن زراعة محصول الأرز نتيجة للخسائر التى يتكبدها، كما جاء على لسانه مشيرا إلى أن سعر طن أرز الشعير كان قد وصل إلى 850 جنيها، وهو سعر أقل من التكلفة، و«يا دوب شد نفسه ووصل إلى 1050 جنيها بعد يومين من صدور القرارات». وفيما يتعلق بالمواطن «الغلبان» الذى يعتمد على أرز التموين، بحسب السلطيسى، فهذه القرارات لن تقترب منه لأن كميات هيئة السلع التموينية «موجودة ومكفولة وسواء ارتفع سعر الأرز أم انخفض، فالحكومة هى التى تتحمل الفرق». وكان رشيد قد أوضح أن سياسة الوزارة تسعى إلى تحقيق التوازن بين جميع الأطراف، المستهلك والمنتج والفلاح، معطية الأولوية للمستهلك، ولكن مع ضمان تحقيق حد أدنى لربحية الفلاح، و«هذا لن يتحقق إلا إذا تراوح سعر الطن ما بين 900 و1000 جنيه». تبعا رشيد. «سياستنا لم تتغير، وإنما أسلوب التنفيذ هو الذى تغير، فنحن ما زلنا نتحكم فى كميات التصدير، ونهدف إلى تخفيض المساحات المزروعة لتوفير المياه، والحفاظ على سعر مناسب، ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب أحد أطراف المنظومة»، بحسب قول رشيد. واتفق جميع الأطراف على ضرورة اتخاذ هذه القرارات وإن كانوا أجمعوا أن مشكلة ارتفاع سعر الأرز فى السوق المحلية ترجع فى الأساس إلى مبالغة التجار فى هامش الربح الخاص بهم. إذا ذهبت إلى أى محل تجزئة أو جملة، لن تجد سعر كيلو الأرز أقل من 3 جنيهات بل وفى بعض الأصناف يتعدى ال4 جنيهات، وهذا وفقا للسلطيسى سعر مبالغ فيه، فإن «السعر العادل لكيلو الأرز لا يجب أن يتعدى ال2 جنيه» مشيرا إلى أهمية تدخل قطاع التجارة الداخلية لرقابة الأسواق للحد من هذا التلاعب. «كيف يصل سعر كيلو الأرز فى السوق المحلية إلى 4 جنيهات إن كان سعر التصدير، بعد دفع رسم الصادر (2000 جنيه) كان 4.30 جنيه»، يتساءل السلطيسى. المضارب الخاصة والعامة أيضا تؤيد القرار، فيرى سيد صادق، رئيس شركة مضارب الشرقية، وهى مضارب قطاع عام، أن هذه الزيادة «من الممكن ألا يشعر بها المستهلك أصلا إذا تم تداركها من خلال حلقات التداول، التغليف والتعبئة وربح التاجر»، ولكن كما يضيف، لم يكن من العدل الحفاظ على مستوى منخفض للأسعار على حساب الفلاح، «الذى كان اقترب أن يأكل أرضه حتى لا يزرع بالخسارة». فى الوقت نفسه، يرى محمد أحمد، صاحب مضرب قطاع خاص، أن هذا القرار قد أعاد إلى منظومة الأرز، والتى كانت قد اختلت، توازنها ولكنها لكى لا تكون على حساب المستهلك، لابد من إحكام الرقابة على التجار، فإن «مربط الفرس للحفاظ على هذا الإيقاع هو التاجر»، بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن هذه الزيادة لن تسهم إلا بزيادة 50 قرشا فى سعر الجملة، وهى لا يجب أن تمثل أى عبء إضافى على التاجر ليحمله على المستهلك. ويرى أحمد فى هذه القرارات إيجابية لمضارب الأرز التى لديها فائض فى المخزون وتكافح لبيعه بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج، خاصة أنه بعد قرار ربط التصدير بالتوريد، الذى لم يسمح للمصدرين ببيع إنتاجهم من الأرز فى الخارج إلا إذا قاموا بتوريد نفس الكمية إلى الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة للدولة فى مناقصات، تم إيجاد سوق لتراخيص صادرات الأرز لأن بعض التجار الذين لم يقوموا بالتصدير باعوا التراخيص التى حصلوا عليها لمصدرين. مما أدى، تبعا له، إلى انخفاض الأسعار المحلية نتيجة لتقديم التجار عروضا بأسعار أقل فى مناقصات حكومية حتى يتمكنوا من الحصول على التراخيص لبيعها.