تصاعدت الأمور بشكل خطير بين الأسطورة الأرجنتيني دييجو مارادونا المدير الفني لمنتخب الأرجنتين من جانب وبين الصحفيين الأرجنتينيين والاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" من جانب آخر بسبب تطاول مارادونا على الصحفيين عقب تأهل فريقه "بصعوبة" إلى كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ، والذي دفع السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا إلى التهديد من القاهرة بمعاقبة مارادونا على "طول لسانه" ، حيث زاد مارادونا "الطين بلة" بإعلانه أنه لن يعتذر للصحفيين على ما قاله على الإطلاق ، بل وعاد بعد تهديدات بلاتر إلى التهكم عليهم بأسلوب وقح! وكانت الأزمة قد بدأت بعد انتهاء مباراة أوروجواي والأرجنتين في مونتيفيديو الأربعاء الماضي التي دخلتها الأرجنتين وهي مهددة بالخروج من تصفيات كأس العالم وفي ظل هجوم عنيف من الصحافة الأرجنتينية على مارادونا ، حيث نجح منتخب الأرجنتين في الفوز بصعوبة على مضيفه الأوروجوياني بهدف قاد فريقه إلى المونديال ، وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة ، استخدم مارادونا عبارات جنسية شديدة الوقاحة في توجيه هجومه إلى الصحفيين الأرجنتينيين ، حيث قال : "أهدي التأهل إلى الشعب الأرجنتيني بأسره باستثناء الصحفيين .. لقد عاملني الصحفيون كأنني من الحثالة ، لكننا تأهلنا بفخر". وأضاف قائلا : "أهدي هذا التأهل إلى الشعب الأرجنتيني بأسره وإلى عائلتي ، لكن قطاعا واحدا لا يستحق هذا الإهداء (في إشارة إلى الصحفيين) لأنهم عاملونني كالنفايات .. لقد اخترعوا مشاكل بيني وبين (المدير الفني) كارلوس بيلاردو غير موجودة .." ، قبل أن يستفيض في إهاناته مستخدما ألفاظا بذيئة جدا. وأدلى مارادونا بتصريحات سبقت تهديدات بلاتر أكد فيها أنه لن يعتذر ، وقال بالحرف الواحد : "لن أعتذر .. لقد قلت ما كان يعتمر في نفسي ضد هؤلاء الذين تحدثوا وقالوا أشياء كثيرة". وأضاف "لن أقوم بأي خطوة إلى الوراء ، كل منا يعرف ماذا قال ، ويبدو لي أن العديد من الصحفيين كانوا يتمنون عدم تأهل المنتخب إلى نهائيات المونديال .. كل الذين تحدثوا يعرفون أن تصرفهم موجه ضد الأرجنتين ، وهذا لا أتساهل فيه أبدا"! واختتم النجم الأرجنتيني الأشهر في تاريخ بلاده ، وربما في تاريخ الكرة العالمية ، حديثه قائلا : "لو لم نتأهل لكان عدد الصحفيين الذين سيتوجهون إلى جنوب أفريقيا يساوي عدد أصابع اليدين ، أما الآن فإنهم سيحضرون بأعداد كبيرة"! وردا على تصريحات مارادونا ، أعلن بلاتر من القاهرة قبل حضوره المباراة النهائية لبطولة كأس العالم للشباب تحت عشرين عاما أن الفيفا سيتخذ إجراء تأديبيا ضد مارادونا بسبب تطاوله على الصحفيين ، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الاحتكاك العنيف بين "الأسطورة" الأرجنتيني والإعلام. وقال بلاتر في القاهرة : "ليس أمامنا أي خيار إلا اتخاذ إجراء تأديبي بحق المدرب الأرجنتيني ، مشيرا إلى أن لجنة الانضباط التابعة للفيفا ستدرس تصريحات مارادونا قبل اتخاذ أي إجراء ضده. وبالأمس فقط ، زاد مارادونا الأمر سوءا ، حيث أعلن أنه يريد الاعتذار إلى النساء فقط وليس إلى الصحفيين (في إشارة إلى العبارات البذيئة التي استخدمها وشبه فيها الصحفيين بالنساء)! وقال مارادونا في تصريحات لقناة "تي.واي.سي." الرياضية الأرجنتينية : "أطلب السماح من النساء ، من والدتي ، من سيدات الأرجنتين ، من سيدات أوروجواي ، ومن نساء العالم بأكمله .. لكن ليس من الآخرين"! وفي محاولة للدفاع عن المدير الفني لمنتخب "التانجو" ، قال خوليو جروندونا رئيس الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم : "لو كان مدربا أو لاعبا آخر قد صدرت منه هذه العبارات ، لن تكن القضية بهذا الحجم .. الكل يعلم طباع هذا الشخص ، وهو قال أصلا إنه لن يكرر فعلته". وتوقعت مصادر أرجنتينية ومصادر أخرى قريبة من الفيفا أن تتراوح عقوبة مارادونا المحتملة بين الإيقاف لمدة خمس مباريات ، ومنعه خلالها من دخول أرض الملعب ، مع تغريمه مبلغ 20 ألف فرنك سويسري ، أي ما يوازي 13 ألف يورو ، غير أنه لم يتضح موعد تطبيق هذا العقوبة ، وما إذا كانت ستسري على المباريات الودية التجريبية التي سيلعبها منتخب الأرجنتين قبل المونديال ، أم أنها ستسري على مباريات المونديال نفسه ، وفي الحالة الثانية ، فإن هذا معناه أن منتخب الأرجنتين سيخوض معظم مباريات المونديال المقبل بدون مدير فني! ويبدو أن مارادونا نفسه لا يريد تولي مهمة قيادة منتخب الأرجنتين في المونديال ، حيث سبق أن أعلن قبل مباراتي بيرو وأوروجواي الأخيرتين في التصفيات أنه لا يريد الاستمرار في هذا المنصب ، وحتى بعد سؤاله بعد مباراة أوروجواي عما إذا كان سيقود منتخب بلاده في المونديال أجاب قائلا : "يتعين علي أن أتحدث مع رئيس الاتحاد الأرجنتيني خوليو جروندونا في هذا الأمر". إلا أنه من الواضح أن الأمور لن تنتهي عند هذا الحد ، حيث أعلن عدد كبير من اللاعبين الرئيسيين في منتخب الأرجنتين تضامنهم الكامل مع مارادونا ، وعلى رأس هؤلاء النجم "المخضرم" خوان سيباستيان فيرون الذي طالب بإعطاء مارادونا الفرصة ، وقال إنه لم يتول المهمة إلا منذ فترة قليلة وعصيبة للغاية ، وأشار إلى أنه يمكن بعد التأهل إلى المونديال أن يعد مارادونا فريقه بشكل أفضل للمونديال. وفي لندن ، هدد كارلوس تيفيز مهاجم منتخب الأرجنتين ولاعب مانشستر سيتي الإنجليزي بترك المنخب إذا استمرت الانتقادات ضده وضد فريقه ومدربه ، خاصة وأنه – أي تيفيز – كان من بين اللاعبين الذين تعرضوا لهجوم الإعلام الأرجنتيني ، وكان معه النجم ليونيل ميسي نفسه نجم برشلونة الإسباني. وقال تيفيز للصحفيين بعد عودته إلى إنجلترا : "عندما ألعب مع الأرجنتين أمضي وقتا طويلا في المعاناة بدلا من الاستمتاع .. الجماهير تهيننا .. الصحفيون ينتقدوننا .. سئمت من كل شيء"! وتابع تيفيز - 25 عاما – كلامه قائلا : "أفكر في ترك المنتخب الوطني .. لماذا ينبغي علي الذهاب إلى الأرجنتين لتمضية وقت سيء كهذا"؟!