سمح قانون البنوك الصادر فى 2003 بالتصالح مع المتعثرين حتى بعد صدور أحكام نهائية ضدهم وهو المخرج الذى استخدمه الطرفان، البنوك والمتعثرون، لغلق الملف، الذى أربك البنوك طوال فترة التسعينيات وأثر على مراكزها المالية، ووضع العديد من رجال الأعمال إما وراء القضبان أو على قوائم المتهمين الذين يطاردهم الإنتربول. وكانت الديون المتعثرة قد أدت إلى اختفاء بعض البنوك مثل بنك النيل والمصرف الإسلامى، ورفع محفظة الديون المتعثرة فى القطاع المصرفى لتصل إلى 100مليار جنيه وفقا لتقديرات البنك المركزى، تم تسوية 89%منها حتى مطلع العام الحالى، معظمها نتيجة قبول البنوك أصولا عقارية مملوكة للمتعثرين. علاء سماحة مستشار وزير المالية للضرائب العقارية، أشار إلى أن البنوك ستبدأ فى تقديم إقرارات ضريبية عن هذه الأصول فى نهاية ديسمبر 2009 فالمالك هو المطالب بدفع الضريبة وفقا للقانون الجديد، وهو ما يعنى أن البنوك التى أبرمت تسويات عينية بأصول عقارية ملزمة بدفع الضريبة، طالما آلت إليها ملكية هذه الأصول العقارية ودخلت ضمن الأصول المدرجة فى الميزانية. التسوية بالعقارات أنقذت البنوك وبينما يقول سماحة الذى كان يشغل منصب الرئيس التنفيذى لبنك بلوم مصر قبل انتقاله إلى المالية، أن غالبية التسويات التى تمت بين رجال الأعمال المتعثرين والبنوك، كانت تسويات عينية عن طريق أصول وعقارات وأراض آلت معظمها للبنوك، فهو يؤكد أنه لا يعتبر دفع الضريبة عنها مأزقا، فقد ساعدت تلك الأصول فى غلق جزء كبير من ملف الديون المتعثرة، وساعدت على زيادة الأرباح مع الارتفاع المطرد فى أسعار تلك الأصول كما جاء على لسانه. « لولا قبول الأصول من المتعثرين لتعرضت البنوك إلى كارثة ضياع كثير من أموالها، واستنزاف جزء كبير من أرباحها لعمل مخصصات للديون المشكوك فى تحصيلها، فكنا مجبرين على قبول الأصول، رغم إن عملنا الأساسى النشاط المصرفى إيداع وائتمان، وليس استثمارا مباشرا» تبعا لزينب أبو الفرج المستشار القانونى فى أحد البنوك الأجنبية. من ناحية أخرى، يرى سماحة، أن فرض ضريبة على أصول المتعثرين قد يكون دافعا أساسيا لتخلص البنوك من تلك الأصول، قبل فترة السنوات الخمس التى يلزم القانون البنوك بالتخلص من الأصول التى تؤول إليه مقابل التسويات قبل انقضائها.، وهو ما سيحقق لها أرباحا سريعة. و تبعا للنظام الضريبى السابق كان البنك غير ملزم بدفع ضريبة على العقارات المستخدمة كتسوية خلال خمس سنوات من إبرام التسوية على أن تلتزم البنوك ببيع هذه العقارات قبل انقضاء السنوات الخمس، أما الآن فالبنوك ملتزمة بتسديد الضريبة منذ تاريخ حصولها على الأصل كتسوية. وبينما يصعب التوصل إلى قيمة هذه الأصول فى ميزانية كل بنك أو فى القطاع المصرفى ككل، فيمكن تقديرها بصورة تقريبية، على حد تعبير أحد مديرى إدارة الأصول فى أحد البنوك الحكومية الذى يشير إلى أن الأصول المتعثرة تدخل ضمن بند الأرصدة المدينة والأرصدة الأخرى فى ميزانية البنوك. ويأتى البنك الأهلى على رأس البنوك من حيث إجمالى الأصول، البالغة نحو 224 مليار جنيه فى نهاية 2008 منها أرصدة مدينة وأصول أخرى تقدر بنحو 91 مليارا، فى حين يصل إجمالى الأصول فى بنك مصر 153مليار جنيه عن نفس الفترة، منها 59 مليارا أرصدة مدينة وأرصدة أخرى. وتعد بنوك السويس والمصرف المتحد وبنك القاهرة والبنك العقارى من أكثر البنوك التى حصلت على أصول نتيجة تسوية مع المتعثرين، منها مديونية عاطف سلام الملقب بحوت السكر، وتيسير الهوارى وجزء من مديونية حسام أبوالفتوح، وجزء كبير من التسويات التى أبرمت فى قضية نواب القروض. تستحق الضريبة سواء على شقق سكنية أو مصانع وتدخل قيمة متأخرات الضرائب فى التسوية عند توقيعها، من هنا لا أعتبر دفع الضرائب على الأصول العقارية جديدا أو يؤخر إتمام التسويات. وكانت وزارة المالية قد أصدرت اللائحة التنفيذية لقانون الضرائب العقارية الجديد، على أن يبدأ تطبيقه من يناير المقبل، بحيث يتم تقديم جميع الإقرارات الضريبية قبل نهاية العام الحالى. وبحسب القانون الجديد، فإن الوحدات العقارية التى تقل قيمتها السوقية عن 450 ألف جنيه لن تسدد ضريبة عقارية، وبالنسبة للوحدات التى تبلغ قيمتها 500 ألف جنيه، فإن الضريبة المستحقة عليها 30 جنيها فقط سنويا، والوحدة التى تصل قيمتها السوقية إلى مليون جنيه، فضريبتها تبلغ 660 جنيها سنويا. «الضريبة تحدد وفقا لطبيعة الأصل الذى حصلت عليه البنوك، فالمنشآت الفندقية تختلف عن الأراضى، وحسب كل منطقة، وهى المعايير العامة فى الضريبة العقارية لا تختلف عند تطبيقها على البنوك، فالمالك يدفع الضريبة وفقا للتقييم المعتمد، فلا يختلف من جهة إلى أخرى، والبنوك حريصة على تسوية أوضاعها مع الضرائب ويشهد على ذلك تسوية البنك الأهلى الأخيرة مع الضرائب، ، تبعا لسماحة. البنوك قد تلجأ لبيع الأصول العقارية إلزام البنوك بدفع ضريبة عن تلك الأصول، قد يحرك السوق العقارية مرة أخرى، حيث أصبحت البنوك ملزمة بتكوين مخصص بالإضافة إلى دفع ضريبة عنها وفقا لأبوالفرج، معتبرة إن بيع تلك الأصول سيدر أرباحا استثمارية تساعد على التوسعات التى تأمل البنوك فى تحقيقها. من جانبه، اعتبر طارق عبدالعزيز محامى عدد من المتعثرين دفع الضريبة عن أصول المتعثرين جزءا من الأرباح التى حققتها البنوك بعد مضاعفة قيمة تلك الأصول فى السنوات الخمس الماضية» المتعثرون والبنوك استفادوا معا من ارتفاعات أسعار الأصول التى حدثت فى السنوات الماضية، أضاف عبدالعزيز. وحول إمكانية توقف التسويات عبر الأصول بسبب دفع البنوك ضريبة عنها، استبعدت أبوالفرج ذلك، حيث إنه الحل السحرى، فمن الصعوبة فى الوقت الحالى إبرام تسويات نقدية فى الوقت الذى يطالب فيه المتعثرون بمزيد من التسهيلات لتقديمهم تسويات مرضية، وشاركها عبدالعزيز الرأى فمن مصلحة البنوك قبول التسويات العينية لغلق ما تبقى من مديونيات تقدر بنحو 11مليار جنيه، بعد سداد الجزء الأكبر من خلال تسويات حسنت من موقف البنوك المصرية. «لا أرى داعيا لتوقف التسويات العينية بعد فرض ضريبة على أصول المتعثرين، فحل مشكلة التعثر مقدم على دفع الضريبة التى لن ترهق البنوك، إذ وضعنا فى الحسبان الأرباح التى تحققت من جراء نقل تلك الأصول لها وصعوبة إبرام تسويات نقدية»، حسب مستشار المالية. ويختلف حمادة صلاح خبير تقييم أصول معتمد من البنك المركزى مع الآراء السابقة، فيعترض على تطبيق الضريبة العقارية على أصول المتعثرين، فحسب صلاح لم يفرق القانون بين الأصول العاملة والمتوقفة التى يمتلكها متعثرون، وهو الأمر الذى ينسحب على المنشآت الفندقية كثيفة الإشغال وغيرها، فالقانون يحتاج إلى تعديلات حتى لا نوقف قطار التسوية.