أكد الدكتور حسين الجبالى وكيل أول وزارة الإسكان لقطاع الإسكان أن استراتيجية وزارة الإسكان فى مساعيها لحل مشكلة السكن تتضمن التوسع فى بناء المدن الجديدة بالمحافظات، ودعم برامج التمويل العقارى، والعمل على تغيير التشريعات القديمة، التى تعوق الاستثمار العقارى، فضلا عن مراقبة السوق لمنع التوحش فيه. وشدد الجبالى فى حوار مع «الشروق» على أنه لا يوجد تأخير فى تطبيق لائحة قانون البناء الجديد، وأن 7 محافظات بدأت بالفعل فى إصدار تراخيص بناء وفق هذا القانون، مشيرا إلى أن هذا القانون يشترط عند الشروع فى البناء وضع مخطط لما تستهدفه عملية البناء، وفى حالة عدم توافر هذا المخطط هناك اشتراطات مؤقتة تضعها كل محافظة، وبقية المحافظات ستنتهى قريبا من وضع هذه الشروط، ونبدأ فى تطبيق القانون. وبخصوص كثرة الوحدات السكنية المغلقة بالرغم من وجود عجز يقدر بنحو 3 ملايين وحدة سكنية فى مصر قال إن بعض هذه الوحدات يحتجزها بعض الملاك لأبنائهم، وهو حقهم الذى لا نملك الاعتراض عليه. وكذلك الأسر المصرية التى تعمل بالخارج وتترك وحداتها مغلقة، والبعض الآخر من أصحاب العقارات الذين يتخوفون من التورط فى علاقة إيجارية يصعب إنهاؤها، ومثل هذه الأمور تحتاج إلى مستوى من التوعية، خاصة أن قانون الإيجار الجديد يجعل إبرام العقود الإيجارية محددة المدة والقيمة، ويمكّن المالك من اللجوء إلى النيابة العامة بمجرد انتهاء عقد الإيجار، لاستصدار قرار بإخلاء العقار دون ضرورة اللجوء للقضاء. وإلى نص الحوار: الشروق: ما الاستراتيجية التى تعتمد عليها وزارة الإسكان فى حل مشكلة السكن فى مصر؟ الجبالى: المشروع القومى هو خطوة ضمن الاستراتيجية، التى تبنتها الحكومة والوزارة فى حل أزمة الإسكان فى مصر، وتتكون هذه الاستراتيجية من عناصر محددة هى خطة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى إضافة مدن جديد فى جميع المحافظات، كذلك الاهتمام بتوفير التمويل لمشروعات الإسكان سواء من البنوك أو من خلال شركات التمويل العقارى بناء على قانون التمويل العقارى الجديد، حيث وصل عدد شركات التمويل العقارى فى مصر إلى 10 شركات. وكذلك مراجعة التشريعات والتأكيد على توفير مواد البناء فى السوق وتوفير العمالة المدربة من خلال مراكز التدريب التابعة للوزارة، التى تمنح المتدربين شهادات بذلك، والاهتمام بالمقاولين بالتنسيق مع اتحاد المقاولين لتقييم الشركات وتصنيفها ونوعية الأعمال، التى يقومون بها، وتوفير الوحدات التى توفرها الدولة بشكل مباشر. فالدولة تستهدف الآن إتاحة أكبر فرصة لدخول القطاع الخاص للتدخل لتوفير الإسكان لمحدودى الدخل. الشروق: ولكن ما تزال مصر تعانى من أزمة فى السكن.. فمن يتحمل مسئوليتها؟ الجبالى: مشكلة الإسكان فى مصر قديمة، وبدأت فى الظهور مع نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن أهم العناصر المسببة لها تتمثل فى التشريعات والتدخل المباشر للدولة فى قطاع الإسكان، خاصة فى مسألة التشريعات، التى أدت إلى توحيد القيمة الإيجارية وتخفيض الإيجار، واستدامة عقد الإيجار، وهذه العوامل كانت وراء تراجع القطاع الخاص عن الاستثمار فى هذا القطاع بعد أن كان عاملا فاعلا ورئيسيا فى نمو القطاع فى حقب الأربعينيات وحتى الستينيات. وقد تكون الدولة محقة فى تبنيها هذه القوانين فى ذلك الوقت لحماية الفئات الأولى بالرعاية من وجهة نظرها، لكن على المدى البعيد كان مطلوبا مراجعة هذه التشريعات، والنظر فيها كل فتره لتقدير مدى ملائمتها فى حقب زمنية لاحقة، فلم يكن يجوز أن نعيش فى ظل تشريعات منذ الستينيات حتى الآن، خاصة أن الدولة بكل أجهزتها حدث بها تغيير كبير على المسارين السياسى والاجتماعى. ومنذ التسعينيات بدأت الدولة فى التركيز على فئات محدودى الدخل بشكل مباشر، والفئات الأخرى توفر لها الموارد من أرض ومرافق، وتؤكد إتاحة مواد البناء والتمويل، وهى عناصر تحت نظر الدولة. الشروق: هل يكفى المشروع القومى لسد احتياجات السوق المصرية من السكن؟ الجبالى: المشروع القومى لن يسد جميع الاحتياجات، ولكن توفير نصف مليون وحدة سكنية فى السوق كفيل بتحريكه.. المشروع جزء من البرنامج الانتخابى للرئيس مبارك. ويهدف إلى بناء نصف مليون وحدة للشباب ومحدودى الدخل، من خلال محاور مختلفة هى محور التمليك الذى يحصل المستفيدون منه على دعم مباشر وقرض ميسر، ومحور القطاع الخاص تقوم الوزارة خلاله بتقديم تيسيرات للشركات، بهدف الالتزام ببناء وحدات بمعايير محددة تدخل ضمن المشروع القومى للإسكان، ويتفق على عدد الوحدات مسبقا، ومحور «ابنى بيتك»، الذى تقدم فيه الدولة دعما مباشرا فى الأراضى، حيث يباع المتر فيه ب70 جنيها، والباقى على 10 سنوات، ويصرف دعم مباشر للمستفيد بناء على مراحل البناء المختلفة، وهو محور يتيح الامتداد الرأسى لهذه الوحدات. ومحور الإيجار يتم بالتنسيق مع وزارة الأوقاف والبناء يتم بهدف الإيجار، ومحور «الأولى بالرعاية»، ويستهدف الفئات المعدمة، التى لا تستطيع تملك وحدات، أو تسدد إيجارات ويتم بالتنسيق مع المحافظات لبناء وحدات ملك المحافظة، وتؤجر للفئات المستهدفة التى تحدد مع وزارة التضامن الاجتماعى وتتحمل الدولة جزءا من الإيجار، وقد تتحمل الإيجار بالكامل فى بعض الحالات. وإلى جانب هذا المشروع توفر الوزارة الأراضى للفئات المتوسطة سواء من خلال مشروعات مثل «بيت العائلة» أو «القرعة»، وهى مشروعات تتيح أراضى بمساحات فى حدود ال500 متر بسعر مناسب، وتسهيلات فى السداد، وأحيانا تقدم الوزارة مساعدة فنية فى التصميم، وفى الفئات الأعلى مثل المستثمرين توفر الوزارة لهم الأراضى بهدف بناء وحدات متكاملة، وهو شق ليس فيه مشكلة فى الغالب، ولكن على الدولة تلبية جميع الاحتياجات. حتى لا تعتدى فئة مثل المستثمرين على نصيب الفئات الأقل. الشروق: هناك عجز فى الوحدات السكنية يصل لنحو 3 ملايين وحدة.. لكن هناك نحو 2 مليون وحدة مغلقة.. كيف نحل هذا التناقض؟ الجبالى: أرقام العجز فى الوحدات المطلوبة الذى قد يصل إلى 3 ملايين وحدة يجب التدقيق فيه، لأنه يتضمن الاحتياج السنوى، الذى تحتاجه الأسر الجديدة، التى تتكون إلى جانب الاحتياج إلى توفير وحدات بهدف توفير سكن لمن تحتاج مساكنهم إلى صيانة، أو تتعرض لانهيارات إلى جانب احتياجات الوافدين. وكذلك رقم ال2 مليون وحدة المغلقة يحتاج أيضا إلى تدقيق مع الجهات المعنية؛ لأنه يتضمن الوحدات التى يحتجزها بعض الملاك لأبنائهم، وهو حقهم الذى لا نملك الاعتراض عليه، وكذلك الأسر المصرية التى تعمل بالخارج وتترك وحداتها مغلقة. والبعض الآخر من أصحاب العقارات، الذين يتخوفون من التورط فى علاقة إيجارية يصعب إنهاؤها، ومثل هذه الأمور تحتاج إلى مستوى من التوعية، خاصة أن قانون الإيجار الجديد يجعل إبرام العقود الإيجارية محددة المدة والقيمة. ويمكن المالك من اللجوء إلى النيابة العامة بمجرد انتهاء عقد الإيجار، لاستصدار قرار بإخلاء العقار دون ضرورة اللجوء للقضاء. الشروق: لماذا تأخرت المحافظات فى التعامل بقانون البناء الجديد رغم صدور لائحته منذ شهور؟ الجبالى: ليس هناك تأخير فى تطبيق لائحة القانون، وهناك 7 محافظات بدأت بالفعل فى إصدار تراخيص بناء وفق شروط القانون الجديد، لكن ما حدث أن البناء وفق القانون الجديد يشترط عند الشروع فى البناء وضع مخطط لما تستهدفه عملية البناء، وفى حالة عدم توافر هذا المخطط هناك اشتراطات مؤقتة تضعها كل محافظة. وبقية المحافظات ستنتهى قريبا من وضع هذه الشروط، وهناك لقاءت تعقد مع المسئولين عن إصدار التراخيص فى كل محافظة لمناقشة المعوقات، التى تواجههم فى تطبيق القانون، وحتى الآن ليس هناك ما يقلقنا.. فالحالة الوحيدة التى قد تقلقنا إذا اجتمعت المحافظات على أنها غير قادرة على تطبيق القانون، وهو ما يعنى أن الآلية تعمل والقانون ليس به تعقيدات، لكن هناك فئات متدرجة عند التقدم للحصول على الترخيص. الفئة الأولى ومن خلالها يمكن لأى مهندس مضى سنتان على تخرجه أن يتقدم بطلب الحصول على ترخيص لعمارة 12 دورا، وبعد ذلك الفئة الأخرى عمارة أعلى أو مركز تجارى أو مصنع، فهو يحتاج إلى مكتب استشارى أو مجموعة من المهندسين يتقدمون للحصول على الترخيص، فليس من المعقول أن نطلب من مواطن فى قرية أن يتقدم لمكتب استشارى للحصول على رخصة بناء منزل. وهناك أمور كثيرة تنسب للقانون نتيجة قراءة سطحية له.