تراجع معدل النمو السنوى لعرض النقود M2 فى مصر ليصل 9.5% فى يناير الماضى، مسجلا بذلك أقل معدل له منذ يوليو 2000، كما ذكر تقرير حديث لبنك الاستثمار بلتون ثانى أكبر بنوك للاستثمار فى الوطن العربى نقلا عن موقع البنك المركزى. ويمثل عرض النقود كمية النقود المتداولة داخل الاقتصاد المحلى، أو السيولة المحلية المتاحة فى السوق بالإضافة إلى الحسابات الجارية فى البنوك والودائع لأجل. وتنعكس كمية النقود الموجودة والمتداولة فى الاقتصاد على معدل التضخم، فعندما تكون هذه الكمية منخفضة يعنى ذلك أن الطلب على السلع والخدمات يتراجع، وبالتالى تنخفض الأسعار، ويقل معدل التضخم. وإن كان انخفاض كمية النقود المعروضة من جهة أخرى يعكس انخفاض التدفقات الرأسمالية داخل الدولة، وتراجع نسبة الاقتراض من البنوك، وهو ما يؤثر على معدلات النمو الاقتصادى بحسب بلتون. وأرجعت بلتون الانخفاض فى المعروض النقدى إلى تباطؤ معدلات نمو كل من الودائع والقروض. فتبعا للتقرير، نتيجة لتراجع رغبة القطاع الخاص فى الاقتراض، بالإضافة إلى وضع قيود عديدة على اقتراض القطاع العائلى من جانب البنوك،انخفض نمو الاقتراض للقطاع الخاص، ليبلغ 7.9% فى يناير الماضى، مقارنة بنحو 8.8% فى ديسمبر 2008، كما انخفض معدل نمو الاقتراض للقطاع العائلى ليصل إلى 23.7% فى يناير الماضى، مقابل 26.1% فى ديسمبر. ترى مونيت دوس كبير المحللين فى برايم للأوراق المالية أن السبب الرئيسى وراء انخفاض عرض النقود هو الركود العالمى، الذى أدى إلى انخفاض حجم النقود التى تدخل مصر، حيث تراجعت العائدات الخاصة بعدة قطاعات مثل الصادرات والسياحة، مما يعنى انخفاض الدخول للعاملين فى هذه القطاعات، وبالتالى يقل استهلاكهم، وتنخفض حجم النقود المتداولة فى السوق. ومن جهة أخرى أثرت الأزمة على حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر، التى انخفضت، وكانت تمثل مصدرا مهما للنقود فى الاقتصاد بحسب دوس. وتضيف دوس أن هناك سببا آخر ثانويا أثر على كمية النقود المعروضة، وهو ارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية، «فسعر الفائدة المرتفع على الودائع، يحفز المواطنين على الادخار، وبالتالى يقل استهلاكهم، وتنخفض كمية النقود، التى يتم تداولها فى السوق، ومن جهة أخرى ارتفاع سعر الفائدة على القروض يؤدى إلى تراجع حجم القروض، وهو ما يؤثر أيضا على كمية النقود المعروضة» كما تقول دوس. ويرى محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار إى أف جى هيرمس أن أسباب انخفاض المعروض النقدى يرجع أساسا إلى أسباب خارجية، وليست محلية. «فتراجع حجم التدفقات النقدية إلى مصر، وخروج العديد منها، بالإضافة إلى تراجع حجم الاحتياطى الأجنبى، كلها عوامل أدت إلى انخفاض عرض النقود» كما يقول أبو باشا، مضيفا أن نسبة مشاركة الأجانب فى السوق المصرية انخفضت. ويروى أبوباشا أن العام المالى الماضى شهد نموا كبيرا فى صافى التدفقات النقدية الأجنبية إلى الاقتصاد المصرى، بسبب زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة التدفقات الأجنبية بداخل البورصة المصرية، بالإضافة إلى نمو إيرادات قناة السويس، إلا أنه منذ منتصف العام الماضى بدأت هذه التدفقات تقل تدريجيا، بسبب الأزمة المالية، وعليه بدأ المعروض النقدى ينخفض. وكان معدل نمو الاقتراض قد ارتفع فى يناير 2008 ليصل إلى 16.6%، مقارنة بمعدل يوليو 2007 الذى بلغ 4.3%، والذى يرجع أساسا إلى القفزة الهائلة فى اقتراض القطاع العائلى والقطاع الخاص والحكومة. وفى حين توقعت بلتون استقرار معدل عرض النقود خلال الشهور المقبلة، نتيجة لثبات التدفقات الرأسمالية، تتوقع المجموعة المالية هيرمس انخفاض المعدل السنوى لعرض النقود، ليستقر عند 9.5% عن العام المالى الحالى ككل، والمنتهى فى يونيو 2009، مقابل معدله البالغ 12% خلال الأشهر الستة الأولى من السنة المالية.
