تبدأ مباراة الطاولة وسط النكات والعبارات المضحكة، إلا أن الجميع يغرقون فى التركيز والصمت مع ارتفاع حرارة اللعب، ومن وقت لآخر تظهر علامات الغضب أو التأهب من رمية الزهر، وترتفع الأصوات مهللة للمكسب، أو نادمة على الخسارة. وفى مفاجأة غير مسبوقة خرج عاصم شرف الفنان التشكيلى من تصفيات دورى الطاولة، وهو بطل الدورى الأول قبل 3 سنوات. إنه «الأوليمبياد العالمى الثالث» كما يسمونه على مقهى زهرة البستان قرب ميدان طلعت حرب بوسط البلد، ملتقى الشعراء والأدباء والفنانين والمثقفين منذ السبعينيات حتى الآن، كما يقول الروائى مكاوى سعيد منظم الدورى الثالث هذا العام. «أنا وأصحابى كنا بنيجى هنا من 30 سنة والمقهى شافت نجيب سرور وأمل دنقل والشاعر سيد حجاب وغيرهم من الفنانين والمثقفين». قبل رمضان بأيام انتبه المارة لإعلان غريب على حائط المقهى، عنوانه الأوليمبياد العالمى الثالث للطاولة وفى آخره صورة زهر الطاولة من تصميم عبده البرماوى، خبير فى الوكالة الكندية للتنمية الدولية، وأحد المشتركين فى الدورى للطاولة. بدأت الفكرة منذ 3 سنوات واشترك فيها عدد من الفنانين والشعراء وكان عددهم 34 مشتركا، أما هذا العام فهناك 16 مشتركا بينهم سيدة واحدة، هى كاتبة قصص أطفال سمر إبراهيم. «كنا الأول بنلعب عادة ومحبوسة و31 والمرة دى اللعب على 31 بس واللعبة مقسمة لأربع دورات واحنا دلوقتى فى دور الأربعة». كما يقول مكاوى سعيد، كاتب رواية «تغريدة البجعة». يبدأ اللاعبون فى الدور الأول بلعب «عشرتين طاولة» ويصعد الفائزون للدور الثانى ويتكون من «أربع عشرات» حتى الدور النهائى، «الدور الأول عشرتين بس عشان العدد كبير». يبدأ المشتركون لعبتهم عقب الافطار، وينتهون عند السحور، فيقول المكاوى وهو يضحك «بيخلصوا اللعبة لما يخلصوا على بعض، مرة خلصوا الساعة تلاتة الصبح». بيير سيوفى مشجع محترف، يظهر فجأة أمام خصمين آخرين، عبده البرماوى وسمير بكير، يتابعهما لدقائق ثم يلتفت ليقول ضاحكا: «البطولة دى مش مستوى، الهدف من اللعبة ليس المنافسة بل هى مجرد احتفالية بحلول شهر رمضان ولقاء الأصدقاء القدامى وحبا فى لعبة الطاولة وارتباط سيرتها بالمقهى»، يقول مكاوى سعيد. جائزة الدورى الأول كانت عملا فنيا مركبا على شكل زهر طاولة وفاز بها عاصم شرف، ثم ثلاث جوائز عبارة عن طاولة مطعمة بالصدف. دورى الطاولة على مقهى زهرة البستان ليس لها شروط الا احتراف اللعبة، وتتم الدعوة للعبة على جروب على موقع الفيس بوك يسمى زهرة البستان. ليست الطاولة النشاط الوحيد الذى تنظم له مباريات، فقد نظم رواد المقهى من قبل معرض لوحات فنية لضحايا الدويقة. ويستعد مكاوى وفريقه الآن لتنظيم معرض كتب تحت مسمى «سور الأزبكية» وفكرته أن يتبرع كل مثقف بعدد من كتبه لتباع بأسعار رمزية، ويذهب عائد البيع لملاجئ الأيتام.