تزداد الأسئلة عن الشيعة والسنة حتى يغلب على الظن أنها مصنوعة وموجهة لإلقاء الزيت على النار.. ورغم كل ما قيل وما نقوله نحن وغيرنا، فكل أهل القبلة أخوة فى دين الله ولو كره الآخرون. وحقيقة الأمر كما يقول الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، أن الخلاف بين السنة والشيعة محض سياسة خبيثة وعصبية، ولا علاقة لدعاوى الفريقين لا بالعقيدة ولا الشريعة، كما أن تلك الدعاوى عارية عن أخلاق الإسلام وإن ارتدت ثيابه، ولا أخلاق الإسلام. وتتبع الدين السماوى الذى اختاره الله لعباده فى جميع مراحله يظهر أن الله بعث أنبياءه ورسله فى حالات اجتماعية عائلية متباينة، فبينما يجئ الرسول قومه بمفرده مثل نوح ويونس وهود وغيرهم نرى أنبياء، بعثوا فى وضع اجتماعى آخر فهذا إبراهيم ومعه إسماعيل وإسحاق وولده يعقوب ثم ولده يوسف، كما يجئ زكريا وولده يحيى، وكذلك داوود وولده سليمان. ولما اقترب الكتاب من نهايته جاء موسى ومعه هارون دون أن يكون لأحدهما من يرث النبوة والرسالة، فقد وصلت البشرية إلى مستوى لا يصلح معه ميراث الرسالة والنبوة ولا توريث الحكم والسلطة فبعث الله موسى دون وارث لنبوته ومعه هارون وزيرا مساعدا دون وارث أيضا لنبوته. لتتخلص الرسالة السماوية من شبهة أى ميراث ماديا كان أو معنويا... وهذا المسيح عيسى خلقه الله على نسق آخر فلا والد له حتى لا يكون له أخ ثم لا يتزوج حتى لا يكون له ولد. وهكذا تعلم البشرية أن إدارة شئونها قد آلت إليها دون أن يرثها وارث.. ولما بلغ الكون رشده وصلت الإنسانية أعتاب العهد الخاتم بعث الله محمدا بعد موت أبويه بلا أخ ثم يتزوج كثيرات ويعطى البنات والبنون لكن الحكمة الإلهية والتى بدا تجليها منذ موسى وعيسى قد تأكدت بموت جميع البنين من أولاد محمد وكذلك كل النساء إلا فاطمة تلحق بعده بأشهر، فهل تحتاج البشرية يقينا واضحا وأكثر من هذا حتى لا تسقط فى الصاق دعوى توارث الإلهام أو الخلافة أو الإمامة أو أيا ما تسطره بعض الكتابات. ومالنا لا نتعلم مما قال الله عن ذاته (( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)) (الزمر 4) فنقول لو أراد الله أن تورث النبوة كسابق عهدها لكان الأمر مثل زكريا ويحيى أو إبراهيم وإسماعيل أو إسحاق ويعقوب أو يعقوب ويوسف أو كان مثل داوود وسليمان لكن إرادة الله ومشيئته أغلقت هذا الباب إغلاقا محكما منذ موسى وهارون ثم عيسى وأخيرا محمد. فدعوى ميراث النبوة بأى صورة... ولآية كانت أم إمامة هى دعوى لا صلة لها بما أنزل الله، ولا دليل عليها فى كتاب الله، فالسنة النبوية كما ظلمت على أيدى الشيعة، قد اختطفت أيضا على أيدى الأمويين وليس لكلا الجانبين أى سند شرعى أو قرآنى، إنما هو شأن سياسى يسعى الراغبون للاستئثار به دون غيرهم. وإذا كان المتشيعون لعلى قد خصوا أنفسهم بدعاوى اعتقادية أو أصول وفروع تشريعية فإن الأمويين قد غلقوا الأبواب حول الفقه السياسى بغرض تعجيزه وتقزيمه وليتمكنوا من الاستيلاء والاستبداد المتداول حتى الآن، وكل ذلك يخالف الشرع بل يضاده. فإذا تتبعت السيرة النبوية تأكد لك أن رسول الله قد حرر دعوته دون أن يصيبها إدعاء أى ميراث بصفة عامة، وفى النبوة والسلطة بصفة خاصة إذ لم يقدم هاشمى لشأن منفرد من الشئون وإذا قدم واحد منهم فبعد أن يسبقه عشرات ويوازيه عشرات ويلحق من بعده عشرات حتى يتقرر فى أذهان البشرية عامة والمسلمين خاصة، وبنى هاشم أشد خصوصية أن الإسلام دعوة الله ودينه لا مكان فيها للأعراق أو أحزاب أو بيوت.. وغدا نكمل.. نستقبل أسئلتكم على البريد الإلكترونى للصفحة أو البريد العادى.