بعد أربع سنوات على حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الذي هز لبنان في فبراير 2005 ، تستعد محكمة تابعة للأمم المتحدة لبدء محاكمة المشتبه بهم في قضية ربما تزيد الانقسام والاضطراب في البلاد مجددا. وفي الأول من مارس المقبل ، سيتم رسميا في لاهاي تدشين المحكمة الدولية الخاصة للبنان المخولة بالتحقيق ومحاكمة المتورطين في اغتيال الحريري. ويحتجز أربعة قادة عسكريين لبنانيين هم العميد مصطفى حمدان قائد الحرس الجمهوري السابق واللواء الركن جميل السيد رئيس جهاز إدارة الأمن العام السابق واللواء علي الحاج المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي والعميد ريمون عازار المدير السابق لمخابرات الجيش اللبناني منذ عام .2005 ومن المتوقع أن تتهمهم المحكمة بالتورط في الاغتيال. وقال المحلل السياسي رامي خوري : "ستزيد المحكمة من الانقسامات السائدة بالفعل في لبنان". ويعتقد بعض المراقبين السياسيين بأن المحكمة ربما تؤدي في اضطرابات في الشوارع كتلك التي وقعت في مايو 2008 وقتل فيها 82 شخصا. وتقول المعارضة منذ وقت طويل إن المحكمة تمثل انتهاكا غير مقبول للسيادة اللبنانية ، رغم أنها ستعمل وفقا للقانون الجنائي اللبناني ، وأنه قد يتم تسييسها كأداة ضد سوريا الحليفة الرئيسية للمعارضة. وفي تصريحات إلى وسائل الإعلام اللبنانية الأسبوع الماضي ، حاول رئيس لجنة التحقيق الدولية دانيال بيلمار طمأنة كل الأطراف المعنية بأن المحكمة لن تكون "مناورة سياسية" وأن "المحكمة عملية قانونية توجهها قواعد قانونية" ، وأضاف "لا يوجد تسييس للمحكمة". من جهته ، يتهم ائتلاف الأغلبية الحاكم بزعامة سعد الحريري المعارضة دوما بمحاولة عرقلة إنشاء المحكمة لحماية حلفاءها السوريين. أظهر تقارير سابقة للأمم المتحدة من بينها تقرير أعده المدعي الألماني ديتلف ميلس تورط مؤسسة المخابرات السورية في جريمة الاغتيال ، وسربت نسخة من تقرير ميلس عام 2005 أسماء مسئولين سوريين بارزين من بينهم شقيق وزوج شقيقة الرئيس بشار الأسد ، لكن الأسد ينفي أي تورط سوري في اغتيال الحريري ، ويقول إن بلاده لن تسمح بأن يمثل مواطنون سوريون أمام المحكمة. وأثار المعسكر المناهض لسوريا مؤخرا مخاوف جديدة من أن سوريا وحلفاءها ربما يلجأون لاغتيالات مماثلة. وقال مصطفى علوش عضو مجلس النواب وعضو كتلة الحريري البرلمانية :"تلقينا معلومات من سلطات الأمن اللبنانية باتخاذ إجراءات احترازية في هذا الوقت وبخاصة عندما يتم تدشين المحكمة". وأضاف : "يتعين أن نأخذ التهديدات على محمل الجد لأننا منذ عام 2005 نمثل هدفا لمثل محاولات الاغتيال هذه كلما تم اتخاذ قرار يتعلق بمحكمة الحريري". وتم اغتيال ثمانية مسئولين على الأقل من المعسكر المناهض لسوريا في تفجيرات مختلفة. لكن بعض المحللين مثل شفيق المصري يعتقدون أن المحكمة لن تحقق الكثير قبل الانتخابات البرلمانية ومن ثم سيكون تأثيرها على الاستقرار محدودا.