تتوالى أسئلة القراء عن المعاملات المالية السائدة مثل التعامل مع البنوك إيداعا واقتراضا، والتقسيط، وقروض السيارات والمساكن، وغيرها، يجيب عنها الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا. الشيخ قطب أكد أن الشرع لا يمانع من أن يزيد سعر التقسيط أو البيع الآجل عن البيع الفورى المعتاد، وذلك نظرا لتأخير دورة رأس المال وعدم قدرة التاجرعلى إعادة الشراء والبيع مما يجحف بحقه فى استعمال ماله، علما بأن ذلك جائز فى السلع غيرالضرورية وبأى زيادة، أما الطعام والشراب والكساء والدواء والسكن الضرورى.. فلا يجوز المبالغة فى الزيادة فيها لأنها سلعة ضرورية بل يجب الإمهال والتأجيل. ويرى الشيخ جمال أنه لا مانع من بيع الأثاث وأدوات المنزل والسيارات والسكن المتوسط والفاخر، ولا مانع أيضا من أن يزيد سعر الآجل عن السعر الفورى. ولأن البنوك مؤسسات مالية معاصرة تقوم عادة بدور الوسيط بين المودع قليل الحيلة والخبرة وبين المستثمر الخبير المجرب، فيجب عليها ان تلتزم فى تعاملاتها بطهارة الوعاء.. أى نوعية الاستثمار التى يتم فيها توظيف أموال المودعين، فكيف يودع المسلم مدخراته أمانة لاستثمار لدى البنك كوكيل ثم يقوم البنك بتمويل مشروعات غير نظيفة وغير طاهرة شرعا، مثل صالات الميسر وحانات الخمر وسائر ما نهى عنه الشرع. فإذا تضمن قانون البنك وعقد الاستثمار بين البنك والمودع تعهد البنك بعدم تمويل مشروعات محرمة أو مكروهة شرعا فقد تخطت البنوك عقبة شديدة وتجاوزت خطيئة وصمت عمل البنوك طوال حياتها. وللمودع أولا حقه فى احتفاظ أمواله بقيمتها الشرائية دون أن يصيبها التضخم بنقص القيمة. وهذا التضخم الذى ينقص النقود قيمتها الحقيقية هو السبب فى قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (البقرة 279)، يؤكد ضرورة احتفاظ المال عند الاسترداد بنفس قيمته عند الشراء، فالأصل أن الودائع تقدر ساعة الإيداع بأحد النقدين (الذهب أوالفضة) وعند الاسترداد ترد الوديعة بنفس القيمة، وإلا فإن المودع قد فقد قدرا من رأس ماله، وهذا ظلم لا يرتضيه الشرع. ويضيف: من الضرورى شرعا أن يفرق الناس بين حالتين أولهما حالة المقترض للضرورات الخمس، وحالة المستثمر الذى اتسعت مشروعاته ولم تصدق توقعاته أو فشلت سياساته فأصبح عاجزا عن الاستثمار وعاجزا عن السداد، فهل يجب إعذاره وإنظاره أو التصدق عليه؟ يجيب الشيخ قطب: «على هذا الشخص المبادرة بتصفية مشروعاته وسداد الحقوق لأصحابها. كذلك ليس لهذا المستثمر الغنى (الذى يملك رغم قلة السيولة) مماطلة البنوك وأصحاب الحقوق بدعوى الركود الاقتصادى وانتظار الرواج حتى لا يبيع بالخسارة. فهذا تحكم منه بغير حق، وطمع فى أموال الناس واكل لها بالباطل فقد قال رسول الله عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِى اللَّهم عَنْهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِى ظُلْمٌ» (البخارى 2125). لهذا فمن عناصر الرشادة فى الاستثمار التدقيق فى دراسات الجدوى، ونتمنى زيادة أنواع التأمين ولضمان كما توضع سياسات الاستثمار دائما بما يسمح بعدم التعرض للأزمات والقدرة على تجاوزها. أما تلك الممارسات الظالمة والدعاوى الباطلة والاحتجاج بأقوال مثل «هذه إرادة الله، والأسواق والظروف».. فهى أقوال مرسلة لا تعبر عن حق ولا يقرها شرع. نستقبل أسئلتكم على البريد الإلكترونى للصفحة أو البريد العادى.