سبحان الله المعز.. المذل. القادر على كل شيء. سبحان من له الدوام الذي يقول للشيء كن.. فيكون.. من كان يصدق أن الدنيا ستتغير، وسيخرج الناس أجمعين من حالة اليأس والضياع.. إلى الفرحة والابتهاج؟! من كان يتصور أننا سنقضي سواد الليل في الهم والكرب العظيم والتفكير في قوت بكرة وطلبات المدارس وهم المواصلات واختفاء اللحمة عن الأنظار حتى أن البطون "صوصوت" من الأكل الناشف.. لنصحو على صوت الشباب يجلجل ويرتفع من فوق مآذن الوطنية ليهز كيان الطاغية ويقهر حاشيته؟! سبحان المعز المذل الذي يقول للشيء كن فيكون.. من كان يتصور سيناريو الشباب الثائر؟! شيء ولا في الأحلام!! كل شيء تغير وتبدل في يوم وليلة.. من الأسود إلي الأبيض. من الضباب إلى قمة الشفافية. من الألم والحسرة.. إلى الأمل كله!! مبارك نفسه لم يكن يتصور أو حتى يفكر فيما حدث، لأنه شيء ولا في الأحلام!! كان يتصور نفسه.. أو صوروا له.. أنه الحاكم بأمره الذي يعيش حتى يوم القيامة!!.. ألم ينظر لوجهه في المرآة.. ليرى تجاعيد الزمن ولعنات المظلومين، وحقد الغلابة المقهورين في خريطة حياته؟! ألم يفكر في يوم ما أن من حوله لصوصا.. مرتزقة.. يسحبون من رصيده لدى الشعب المطحون الذي فقد الأمل فيهم جميعا!؟ سقط مبارك.. البطل الأسطوري للحرب والسلام بعد أن ترك مصر جانبا ولم يفكر فيها!! تركها للمشتاقين لجمع المليارات. سقط مبارك.. صاحب الضربة الجوية. وارتضى على نفسه أن يكون صاحب الضربة الشعبية لحرية الشعب المصري كله!! سقط مبارك.. العجوز الذي ظن نفسه شبابا على طول الزمن.. ظن أن اللون الأسود على شعره سيعيد شبابه وصباه. ولا يعرف أن كل شعبه عاش الليالي بنفس اللون الاسود لمدة ثلاثين عاما كلها ظلم وقهر وسرقة ونهب وسلب لخيرات البلد!! سقط مبارك.. لأنه لم يفكر في شعبه الذي تخطى الثمانين مليونا. بل فكر فقط في آخر العنقود ليكون الوريث الشرعي في كل الشعب المصري!! سقط مبارك.. الذي لم يفكر فيمن ينامون جياعا بدون عشاء. وفكر فقط هو وحاشيته في العمولات وجمع المليارات حتى فاقت أرصدتهم ديون مصر!! الله لا يسامحهم!! سقط العجوز.. الذي سمح لرجاله بسرقة ونهب أموال مصر. وتقسيمها كتركة بين أهل الثقة والمقربين ولصوص الملايين والمليارات.. سقط الفرعون.. الذي كمم الأفواه واستعان بوزراء نصفهم جاهل.. والنصف الآخر زعماء لمافيا بيع الأراضي وسرقة البنوك والتجارة في شعب مصر!! قالوا إنه طاغية.. لكن كيف للطاعن المتكبر أن يسلم نفسه لامرأة تحكم كل الأمور السياسية والمالية والاجتماعية حتى أصبحت هي الحاكم الآمر الناهي في شئون البلد وصاحبة فكرة التوريث وكأن مصر "تركة" لآل مبارك!! الحمد لله أننا عشنا لليوم الذي نسمع فيه حرية الرأي والتعبير، ونرى إعلاما مصريا مستنيرا معايشا للأحداث دون اتهام للإعلام الخارجي الذي عدانا وتخطانا بعشرات السنين.. الحمد لله أن شباب مصر أمسك بآخر أمل للعواجيز والنساء من الشعب المصري وقام بثورته التصحيحية ليقضي على رموز الفساد.. والحمد لله أن القوات المسلحة هي حامي الثورة وحامي الشعب وحامي الوطن لتقطع الطريق على كل الوزراء اللصوص وكل المسئولين المرتشين ومنعهم من السفر، ومحاكمتهم في ميدان الأحرار.. ميدان الشهداء.. ميدان التحرير من كل ظالم غادر!!