هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. كثيرون جداً بدأوا الكتابة والكلام عن فوز الأهلي، مساء أمس الأول، على مولودية الجزائر.. فوز بالتأكيد جميل ورائع وكان ضرورياً ليبقى الأهلي على قيد الحياة والحلم والمنافسة إفريقيا، وهدفان لعماد متعب سعدت بهما شخصياً لأنني رأيت فيهما انتصاراً للموهبة على كل دعاوى السخرية والإهانة الشخصية والانتقاص المتعمد من القدر والاحترام.. تماماً مثلما يسعدني أن يتألق شيكابالا حين يتفرغ للعب والإجادة وأي نجم آخر صاحب موهبة كروية رفيعة.. ولكنني أود الكتابة الآن عن هذا الميكروباص الذي حمل مشجعين للأهلي قادمين من الإسكندرية لمشاهدة المباراة في استاد القاهرة.. وفي الطريق أوقف بلطجية أمام بوابة نادي الزمالك هذا الميكروباص وقاموا بإشعال النار فيه دون أن يتعرض أي من ركابه لأي أذى أو إصابة خطيرة ولله الحمد.. ولا يمكن التماس أي عذر أو أسباب أو دوافع يمكنها أن تسمح لأي أحد بمثل هذا الاعتداء الجبان الآثم، سواء في أي يوم أو في أيام رمضان ببركته وسماحته ومغفرته.. على أبرياء كانوا في طريقهم لمشاهدة مباراة كرة.. وكنت، ومازلت، أتخيل أن يكون مطلبنا الجماعي هو مطالبة أمن الجيزة ورجالها بسرعة القبض على هؤلاء الجناة وتقديمهم للمحاكمة.. مطلب مفترض أن يجمع عليه سواء من ينتمون للأهلي أو للزمالك أيضاً.. إلا أن هناك بيننا للأسف الشديد من أراد تحويل هذا الحادث إلى فتنة جديدة.. فتوالت تعليقات غريبة وعجيبة وصادمة.. تعليق يتهم الزمالك نفسه بحرق مشجعي الأهلي، وتعليق آخر يؤكد أن الأهلي لن يسكت وسيقوم بحرق من يطاله من جماهير الزمالك، ثأراً وانتقاماً لركاب الميكروباص.. وتعليقات أخرى لا أول لها ولا آخر لا قصد لها أو مسعى إلا إشعال مزيد من نيران الفتنة والكراهية والغضب.. فعلى الأرجح يشجع هؤلاء البلطجية الزمالك، ولكنهم بالتأكيد ليسوا هم الزمالك أو حتى معظم جماهير الزمالك.. كما أن العدالة التي ننشدها كلنا لها وسائل وسبل وقاعات ومكاتب لا تعرف الثأر والانتقام وإنما التحقيق والمحاكمة والإدانة والعقاب.. وبعد تصريحات رسمية كثيرة ومتكررة خرجت من الزمالك سواء بإدانة ما جرى أو الاعتذار الكريم لمن تضرروا من هذا الحادث المجرم، مع تأكيد أن الأمر كله كان خارج أسوار الزمالك ومسئوليته.. أصبح من الواضح أن الزمالك.. رسميا.. وجماهيرياً.. ليس متعاطفاً، بأي صورة، مع هؤلاء المجرمين ولا ينوي مسئولوه التدخل لعرقلة سير العدالة الطبيعية دون صرخات الغضب المجنون ودعاوى الثأر والانتقام التي لا يقبلها ولن يحتملها أحد.. وإذا كانت الغالبية الصامتة باتت الآن متهمة سياسيا بالسكوت العاجز والفاضح واللامبالاة غير المفهومة وغير المبررة لدرجة أنها سمحت لكثيرين هنا وهناك يتحدثون باسمها بحثا عن مصالح ومكاسب لا تعني أحداً غير أصحابها.. فإن الغالبية الكروية.. الصامتة أيضا باتت متهمة هي الأخرى بالسكوت تاركة الساحة لمن يريد أن يشعلها حربا بين الأهلي والزمالك، الذين اختزلوا الوطن بكل جروحه وهمومه ومخاوفه لمجرد صراع كروي ليس مفهوما وليس مبررا أيضا.. وبهذه المناسبة أود فتح ملف التعصب الكروي بكل جنونه وحماقاته التي لم تعد ملكا لأصحابها وإنما بات يدفع ثمنها كثيرون جدا أبرياء لا علاقة لهم بالكرة.. أو كانوا ولايزالون يتخيلونها مجرد لعبة جميلة ومثيرة يمارسون معها وبها انفعالاتهم ثم يرجعون بعدها لحياتهم العادية والطبيعية بكل ما فيها من مواجع وهموم ومخاوف وأحلام، ففي كل مرة سابقة.. كان لدينا متهم جاهز نجري به ونضعه في القفص ونحن نطارده باللعنات والسخرية والشتائم والحجارة والأذى، وأقصد به إعلامنا الرياضي.. كان ذلك يريحنا ويجعل مهمتنا دائما سهلة.. أي جريمة أو تجاوز هنا وهناك.. بسرعة نتهم الإعلام ونغسل ضمائرنا ونخلي سبيل أنفسنا.. وأظن هذه المرة أن الإعلام بريء تماما.. ولهذا تعالوا نفتش بأمانة هذه المرة عن متهم حقيقي نمتلك الفرصة والقدرة على محاسبته هو وأي متهم آخر يريد حرق مصر مستخدما قنبلة على شكل كرة قدم. *