هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. لم يعد المشهد ينقصه إلا أن يقف سمير زاهر أمام الكاميرا ويعلن لكل الناس أنه لم يعد يريد السلطة ولا ينوي البقاء أكثر من ذلك في منصبه رئيساً لاتحاد الكرة.. وأنه سيعمل طيلة الفترة القليلة المتبقية له على إعادة ترتيب الأوضاع وتعديل دستور الجبلاية قبل تسليمها لمن يختاره الناس.. وأنه عاش عمره كله من أجل الجبلاية التي أهداها العمر والعرق والفكر وحارب من أجلها وشارك في انتصاراتها وتحقيق بطولاتها.. ولن يخرج منها أو يهرب وسيموت وهو واحد من أهلها وأبنائها.. فهذا بالضبط هو الذي ينقصنا الآن في المشهد الكروي حتى نعيش مرة أخرى نفس المشهد السياسي الذي سبق أن عاشته مصر من 25 ويناير حتى 11 فبراير، فالثوار الذين تجمعوا وقتها في ميدان التحرير وفي السويس والإسكندرية تحولوا الآن إلى 52 نادياً للكرة تجمعت منذ يوم السبت الماضي في أحد فنادق مصر الجديدة تهتف نفس الشعار القديم.. الشعب يريد إسقاط النظام.. ومثلما قال وقتها تليفزيون الدولة وصحافتها الرسمية وفقهاء فساد نظامها بأن هؤلاء مجرد قلة مندسة لها أجندات خارجية وتحركها أصابع أجنبية، وبينهم وجوه ليست مصرية شوهدوا وهم يقومون بتوزيع المال والكنتاكي.. قال إعلام الجبلاية، أمس، سواء في بيانه الرسمي أو عبر مسؤوليه ومستشاريه نفس الاتهامات.. أندية مضحوك عليها يحركها رجل غامض وواسع الثراء أغرى هذه الأندية بالإقامة وطعام فندق الخمس نجوم وليست كلها أندية للكرة.. وإلا كيف يمكن لأندية معظمها من الأقاليم ولا يقودها نجوم للسياسة أو المال بل شباب وفقراء أن تقوم بمثل هذه المظاهرة، وبكل هذا العناد والقوة إن لم تكن هناك مؤامرة وتمويل من الخارج. وقد فشلت هذه الأندية في الوصول يوم السبت للنصاب القانوني الذي يتطلبه القانون لإسقاط اتحاد الكرة، لكنها نجحت في ذلك في اليوم التالي، وقرر واحد وخمسون ناديا سحب الثقة من اتحاد الكرة مقابل ناد واحد فقط رفض سحب الثقة.. ومثلما ظل النظام السياسي يهدد ويندد بالخروج على الشرعية والقانون في حين يسمح لذراعه الأمنية بالخروج على كل قوانين الدنيا وأخلاقياتها لحماية النظام.. كررت الجبلاية نفس السيناريو بنفس اللغة والمفردات لكن دون موقعة جمل وشهداء وضحايا.. وتحول سمير زاهر، دون أن يقصد، إلى حسني مبارك آخر.. يقف مرة أمام الصحفيين يناشد الجميع التكاتف من أجل الكرة المصرية ودفعها للأمام والوصول بها للمكانة التي تستحقها ويأملها الجميع.. ومرة يعد بتغييرات ويفرط في تقديم وعود ومجاملات لوجوه يظن أنها قادرة على امتصاص الغضب وإنهاء الثورة.. وبالفعل يستجيب عدد من الأندية الغاضبة لمثل هذا الكلام الزائف والوعود الخادعة والتغييرات الوهمية المؤقتة في السياسات والوجوه.. ويذهب مسؤولون ضعفاء في تلك الأندية التي تحولت إلى الجبلاية ليتسلم كل ناد منها شيك العشرة آلاف جنيه التي أصبحت ثلاثين ألفا في اليوم الأخير.. ولكن مثلما بقي شباب كثيرون في التحرير رافضين أي تنازلات أو مساومات، بقيت أندية قليلة رافضة كل محاولات زاهر ورجاله وأي إغراءات ووعود. وإذا كان المجلس العسكري قد انحاز في النهاية للثورة وللناس ولمصر رافضا التضحية بكل ذلك وغير قابل أن تموت مصر من أجل أن يعيش النظام.. فإن المجلس القومي لا يزال يفكر ويدرس ويبحث.. وأغلب الظن أنه سيبقى كذلك حتى يسقط هو والنظام الكروي كله.. وهو ما يتمناه الآن الناس في كل مكان.. الناس التي بقيت طول الوقت تسأل باستغراب ودهشة وحزن وأسى: لماذا لم تصل ثورة يناير إلى مؤسسة الرياضة المصرية أو إلى كرة القدم بالتحديد؟ لماذا تغير كل شيء في مصر إلا إدارة الرياضة وكرة القدم؟ ولكن ها هو التغيير يبدأ الآن وسوف يحتاج لبعض الوقت حتى يكتمل ويطيح بكل القديم.. لكنه سوف ينجح.. لابد أن ينجح لأن الناس ضاقت أخيراً بكل شيء فباتت عاجزة عن أي صبر أو تسامح وغفران. *