هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. وسط انشغال الجميع بأحوال أمنية وسياسية مقلقة في مصر الآن.. يبقى الجمهور الرياضي مهموما بالصراع على قمة مسابقة الكرة.. والنتيجة الطبيعية لذلك ألا يهتم أحد بلاعبي فريق كرة اليد بشركة الإسكندرية للبترول الذين قاموا بتحرير محضر ضد الشركة لأنهم لم يتقاضوا رواتبهم كاملة منذ ثلاثة أشهر، ويطالبون وزير البترول بالتدخل لصرف مستحقاتهم.. ولست هنا أدين اللاعبين أو أبرر سلوكهم أو أضغط على شركة أو وزير.. وإنما أتساءل فقط: لماذا تملك شركة الإسكندرية للبترول أصلا فريقا لكرة اليد؟ أو شركة النصر للبترول أيضا التي يشكو لاعبوها عدم صرف مستحقاتهم.. أو شركة مصر للبترول؟ ولماذا تملك وزارة الإنتاج الحربي فريقاً لتنس الطاولة فوجئ لاعبوه بتهديد مسئولي الفريق بخصم معظم مستحقاتهم إن لم يوقعوا عقودا جديدة؟ ولماذا تملك الداخلية والشرطة والجيش وبتروجيت فرقاً للكرة الطائرة.. وهيئات وشركات أخرى تنافس في مسابقات لعبات أخرى؟ وقد قيل لنا سابقا إنهم يلعبون الكرة للدعاية ويبيعون اللاعبين المميزين فتأتي الأرباح.. ولم تأت الدعاية ولا جاءت أي أرباح.. فهل بقية اللعبات في مصر ستحقق ما فشلت فيه الكرة من دعاية ومكاسب.. أم سيقال لنا الآن إن هذه الهيئات والشركات تعمل على تقوية القاعدة الرياضية المصرية في الألعاب الشهيدة التي لا يهتم بها أحد؟ ولكن هذا الهدف النبيل كان من الممكن تحقيقه برعاية فرق حقيقية للناس بدلا من إنشاء فرق جديدة تنافس أندية الناس الحقيقية.. والأهم من ذلك أن ينتبه الجميع للخطأ الذي يقعون فيه حين يختصرون قضية أندية الهيئات والشركات فقط في المادة 18، والأندية التي تلعب في الدوري الممتاز للكرة.. بينما كل ذلك مجرد قمة جبل جليد يتمدد كله تحت الماء لا يراه العابرون في مراكبهم الطافية فوق الماء.. ففي الدرجات الأقل في دوري الكرة نكتشف حجم الإنفاق الحكومي الضخم دون داع أو ضرورة.. ففي دوري المظاليم قررت شركة تليفونات بني سويف صرف مكافآت مالية ضخمة للاعبي فرق المسابقة ليبذلوا كل جهد ممكن حتى لا يخسروا أمام فريق شركة بترول أسيوط حيث تتنافس الشركتان على الصعود للممتاز.. وليس هذا اجتهاداً شخصياً مني وإنما تضمنه اتهام رسمي تقدم به حسين عبد اللطيف، مدرب بترول أسيوط، للجنة المسابقات واتحاد الكرة.. ولن أتوقف عند ما جاء في شكوى المدرب والتأثير على الحكام والتواجد في غرفهم قبل المباراة.. لكنني أتوقف عند هذا المال الذي يتم صرفه كحافز إجادة وانتصار للاعبي الفرق الأخرى لو كان الاتهام صحيحاً.. ومن هو صاحب هذا المال في حقيقة الأمر: شركة التليفونات أم المصريون جميعهم وأهل بني سويف الفقراء في مقدمتهم؟ أما شركة الرباط والأنوار في بورسعيد التي هي في الأصل إحدى شركات هيئة قناة السويس.. ويواصل عمالها الإضراب غضباً واحتجاجاً منذ مارس الماضي.. فقد شهدت انفجار رئيس النقابة العمالية بالشركة غيظا بعد هزيمة فريق الشركة من الداخلية بستة أهداف نظيفة ستهبط بها للدرجة الثانية.. وقال رئيس النقابة إنه لابد من تحويل النادي إلى ناد رياضي اجتماعي لمصلحة موظفي وعمال الشركة بدلا من فريق الكرة الذي يدفع سنويا أكثر من ثلاثة ملايين رواتب للاعبي الكرة ومدربيهم.. وعشرات الحكايات الأخرى التي أثق أن أحداً من جمهور الكرة لم يسمع بها من قبل، ولم يلتفت إليها الإعلام أبداً سواء كان إعلاماً رياضياً مهموماً بكرة القدم أو إعلاماً سياسياً واجتماعياً مهموماً بالمال العام وحقوق الناس ومعاناتهم.. وأنا الآن أناشد كل وزير أو رئيس أي هيئة أو شركة الالتفات إلى هذا الإهدار الفادح والفاضح في المال العام.. فلم تعد الظروف الاقتصادية والإنسانية تسمح بدوام هذا العبث.. وأتمنى أن يتصدى وزير الداخلية لنوايا بعض ضباطه لتغيير اسم نادي الداخلية الذي تأكد صعوده للممتاز حتى لا يتعارض مع نادي الشرطة في حال تطبيق المادة 18، فالشرطة الآن لا تحتمل فقدان ثقة الناس واحترامهم لبعض قياداتها وضباطها. *