همسَ النخيلُ لأنثاهُ معتذراً عن خطاياهُ ذاتَ صباحٍ : أيتُّها الأنوثةُ السَّاكنةُ قلبي ، هلْ أستطيعُ أن أتقدمَ من سمائكِ ؛ لأحظى بنظرةٍ خاطفةٍ من ضياءِ نجومكِ ، ولتنهلَ طفولتي من حنانِ أمومتكِ ؟! كم أودُّ أنْ أغتسلَ من خطاياي بلجين يديك العاجيتين ! يا لوحةً سرمديةً مغموسةً بالرُّطبِ ، يا سمفونية خالدة بأنغامِ الحبِّ ! دعيني أغذِّي بصري بجمالكِ السَّاحرِ ، وسمعي بصوتكِ الذي يضُّم في عذوبتهِ كلَّ نوتاتِ الموسيقا الشَّجيةِ ؟ هل يسمح بحركِ الشَّاسعُ بإبحارِ زوارقي في فؤادهِ ؟! أيتها الأنثى البهية ، علِّمي كبريائي الدنيوي كيفَ يحسنُ الاعتذارَ من تاجِ تواضعكِ الأزلي أو أخبريني كيفَ تعتذرُ من البحارِ الشُّطآنُ ومن الأنهارِ الضِّفافُ ، ومنَ القِمَمِ السُّفوحُ ، ومن النُّسورِ العنادلُ . فإنِّي من فصيلةِ النوارسِ ، ولاوطنَ لي سواك ولامأوى لي إلاَّ عيناكِ ، عندما تلفظُني الأقدارُ على رمالِ الاغترابِ . من ثماركِ الرُّوحيَّةِ لا تحرميني ، ومن مملكتكِ السَّماويَّةِ لاتنبذيني أعيديني إلى أرضكِ شجرة ًخضراءَ ، أو نخلة سامقة ، أو خميلةَ وردٍ يكفي أنْ تمسحي شعري لتعودَ إليَّ طيوري المهاجرةَ أو تسكبي في كؤوسي ظلاً وارفاً من فيءِ الذكرياتِ لأغرِّدَ على أغصانِ الحياةِ من جديد .