" لي بين الركام هوى " كنت دوما أقف بالقرب منه ، حتى يصدح بصوته الرخيم " كل كثير منا قليل ، وكل قليل منكم يروي " يقولها وتبتسم روحه ، وجه الأسمر يلمع ، يزاد طولا وهو يمد رقبته وينفخ صدره كأنه على وشك الطيران . لم يخطر في بالي يوما أن اشتري منه جلاب السكر المرصوص على عربته كقمع . رغم أن جملته كانت تفتح مسارب قلبي الأخضر ، ووجداني يرددها طوال الطريق إلى مدرستي الثانوية انتظاري اليومي ، وحالة النشوى التي تعتريني ، فتتسع عيوني الضيقة ، جعلت جارتي التي في خفة يمامة تحتويني بعيونها ، لم ادر كم صباح تركت عيونها على وجهي ، حتى أمسكت بمشاعرها التي ترفرف ، فتتشابك مع خصلات شعرها كلما مالت برقبتها من ثقل عواطفها الحالمة . انتشيت من الإحساس الذي بدا يتسرب إلي ، وشعرت بأني لا ارتوي من قليل الصباح ، فقررت أن أعب من المحبة عن خروجها . انضمتت إلى أصدقائي العشاق المزروعين كسنابل بالقرب من مدرستها الإعدادية في انتظار خروج حبيباتهم ، وحتى الآن لا ادري كيف كنت المحها ، وهي القصيرة من وسط أفواج الزى الأزرق الموحد والقميص الأبيض بعد عدة أيام اكتشفت إني انتظارها ، فترامت ابتسامتها غلالة سكن الكون تحتها ، بعدها بدأت تتأخر عن زميلاتها ، لتعطيني الفرصة لأحدثها كنت غرير في الحب فاكتفيت بالانتظار ، حتى جاء اليوم الذي خرجت كل زميلاتها وراح كل عاشق في طريق ، أنا وحدي امضغ القلق ، حتى سحبني اليأس عائدا وفى وسط المسافة من مدرستها إلى شارعنا ، شعرت بنظرات تلاحقني ، كانت هي على باب مدرسة سيدي عمر الابتدائية ، اندفعت إليها كسيل ، وعندما واجهتها صمتُ ….. وصمت كل شئ من حولي ، وظل الصمت يحتوينا ، حتى أقبلت طفلة في مريلتها تيل نادية البيج من داخل المدرسة فاحتضنتها ، ودون أن تنظر ناحيتي سمعت العالم يردد معها " بعد إذنك " لم أتحرك و إلى اليوم واقف هناك في ذهول نقي ، أرجع البصر مرتين ابحث عنى ، فيتردد صوت ظلي يستغيث بي من تحت الأنقاض
