امتلأ شاول من الرّوح القدس، فانفتحت عيناه. الامتلاء من الرّوح القدس هو بمثابة تجذّر محبّة الله فينا. فيمتلئ الكيان كلّه من محبّته حتّى تطال كلّ ذرّة منّا. "فمضى حنانيا ودخل البيت ووضع عليه يديه وقال: أيّها الأخ شاول، قد أرسلني الرّب يسوع الّذي ظهر لك في الطّريق الّذي جئت فيه، لكي تبصر وتمتلئ من الرّوح القدس. فللوقت وقع من عينيه شيء كأنّه قشور، فأبصر في الحال، وقام واعتمد. (أع 18،14:9) امتلأ شاول من المحبّة الإلهيّة وقام واعتمد. قام إلى بولس رسول الأمم واعتمد، أي دخل مملكة المسيح معترفاً به ربّاً وإلهاً. "وكان شاول مع التّلاميذ الّذين في دمشق أياماً، وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح: أنّ هذا هو ابن الله" (أع 20،19:9). ليس العماد طقساً ضمن الطّقوس المسيحيّة الّتي تحدّد الهويّة الدّينيّة، بل هي الختم الّذي نصبح به مجبولين بالمحبّة الإلهيّة، مستنيرين بحكمتها، مستعدّين لحمل صليب المحبّة، عارفين بأنّ حضورنا في العالم أعظم من حياة هشّة نمضيها بعيداً عن الحقيقة. وشاول الّذي رأى الرّبّ، انطلق لتبليغ هذه المحبّة الّتي لم يدركها الإنسان بعد. (وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح). لا يمكن أن نمتلئ من الله ونتوانى عن إظهاره. إنّ الكون بأسره يتوق إلى هذه المحبّة، حتّى وإن هو بعيد عنها. وبولس للوقت جعل يبشّر بهذه المحبّة. هذا الإنسان العظيم، بولس رسول الأمم، الّذي بعضهم لا يصدّق أنّه تحوّل من أقصى الشّر إلى أقصى المحبّة. هذا البولس الإلهيّ، الّذي رأى الرّبّ فعشقه حدّ الجنون به، والّذي خاض اختباراً عميقاً مع المسيح، لم يبشّر بالمحبّة وحسب بل كان وما زال كتلة حبّ تفوح منها رائحة المسيح. تعلّمنا الالتزام بالمسيح دون مساومة، ترشدنا إلى حبّه حتّى الموت، تبلّغنا فرح المسيح رغم كلّ شيء. يقول لنا بولس مع كلّ كلمة كتبها: "من لم يرَ الرّبّ لن يعرف الحياة، من لم يحبّ الرّبّ لن يفهم ذاته، من لم يحيَ المسيح لن يعاين مجد الحقيقة، الله المحبّة.