إن نظرية الفوضى الخلاقة التي شكلت أحد أهم وأبرز منجزات منظري ومفكري المحافظين الجدد في البيت الأبيض الأميريكي تعني في حقيقتها السعي الإستباقي نحو تفكيك المواقع والجغرافيات المفترض أنها تشكل مصادر تهديد لأمن ومصالح الولاياتالمتحدة الأميريكية في العالم 0 طبعا وحتي وإن كانت نظرية الفوضى الخلاقة تتأسس نظريا على ثنائية التفكيك والتركيب فذلك يعني أن الفكر الإستراتيجي بصيغته الرهنة لم يعد لدية اليقين إلا بعالم تكون الفوضى فيه سبيلا لإعادة تشكليه وفق مهمة الولاياتالمتحدةالأمريكية في بناء العالم الجديد0 هذا وتقسم طبعا إن الولاياتالمتحدة الأميريكية اليوم دول العالم إلى نوعين من المجتمعات مجتمعات حرة حيث البلد الذي يسمح لأي مواطن بالتعبير عن أرائه دون خوف هو مجتم حر 0أما مجتمعات الخوف فلا تسمح بذلك وهي كل لدول العربية وأن نشر الديموقراطية والحرية في هذه المجتمعات ليس مجرد ضرورة أخلاقية تفرضها المبادئ الإنسانية فقط ولكنها أمر ضروري لحماية أمن المجتمعات الحرة من خطر المشاكل التي قد تصدرها لها هذه المجتمات يعني المجتمعات العربية 0 كما يحذر طبعا من فكرة التعايش مع الأنظمة العربية الديكتاتورية بدعوى أن الإطاحة بها قد يؤدي إلى المزيد من عدم الإستقرار0 حيث هذه السياسة تؤدي فقط إلى إطالة عمر هذه الأنظمة والسماح لها بمواصلة قمع شعوبها 0 وأن الضغط على الأنظمة العربية لإحترام حقوق الإنسان قد يكون طبعا المدخل الرئيسي لإضعاف هذه الأنظمة وانهيارها0 كما أنه يقول من جهة ثانية بأنه في المجتمعات العربية لا يمكن الإعتماد على نتائج الإنتخابات أو الأراء التي يعبر عها المواطنون لوسائل الإعلام الغربية مادامت الأنظمة العربية تتحكم في مصائر شعوبها من كل النواحي الإقتصادية والسياسية 0بل الحل الأمثل هو أن يتدخل المجتمع الدولي من أجل إقامة المؤسسات الديموقراطية أولا وترسيخ مبادئي الحرية ثم بعد ذلك تقام إنتخابات 0 هذا طبعا وتبقى بداية الأحداث التي كانت قد بدأت في بعض البلدان العربية منذ سنين ومع الثورات والإحتجاجات والإضطرابات وفي ضوء ما كان يحدث في العرق وليبيا واليمن وبدأ يحدث بعد ذلك في سوريا من إنعدام الإستقرار وشيوع الإنفلات الأمنى وتراجع معدلات الإنتاج في معظم البلدان العربية ظهر مصطلح سياسي جديد طبعا كانت قد تمت صناعته في مخبار الولاياتالمتحدة الأميريكية والذي هو طبعا مصطلح الفوضى الخلاقة0 ويومها طبعا قد جعل هذا المصطلح الجديد الجيل العربي يقف حائرا ومندهشا لما يحدث في بلدانه هل هي فوضىت خلاقة أم ثورات خلاقة مرشحة لأن تصبح فوضى خلاقة هذا المصطلح الذي خرجت به وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة الأميريكية كونداليزا رايس على العالم العربي مصطلح الفوضى الخلاقة والذي جاء طبعا يحمل رؤيتها للطريقة المثلى من وجهة نظرها لتغيير الشرق الأوسط نحو الأفضل0 ويمها طبعا كل العالم يبحث عن ما كانت تقصده الولاياتالمتحدة من فوضتها الخلاقة0 وبينما كان طبعا العالم العربي يبحث في هذه الفوضى الخلاقة كانت الجيش الأميريكي يواصل في تدميره لكل من أفغانستانوالعراق 0 ما لا يجب أن ننسى بأن السياسة التي إنتهجتها الولايات الأميريكية في العهدتين الرئاسيتين لجورج بوش الإبن هي من نتاج ماكتبه المنشق السوفياتي ووزير شؤون يهود الشتات الإسرائيلي ناتان شارانسكي الذي كان قد إستقال من حكومة إرييل شارون عام 2005 إحتجاجا على قرار الخروج من غزة حيث إتخذ الرئيس الأميريكي جورج بوش هذا الكتاب منهاج عمل وأوصى كل مستشاريه وأصدقائه وكل من حوله بقراءته حتى أن صاحب الكتاب قيل عنه أنه قد فوجئ عندما دخل إلى مكتب كونداليزا رايس ووجد كتابه على طاولتها0 فأخبرته بأن الرئيس بوش قد قضى إجازة أسبوع لقراءته 0 وأنا كوزيرة خارجيته علي أن أعرف كيف يفكر الرئيس0 كما أنه طبعا من هذا الكتاب قد إستوحت وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة الأميريكية السابقة كونداليزا رايس إجابتها عندما سألت من طرف وسائل الإعلام العالمية يومها عن الفوضى الخلاقة التي كانت تتحدث عنها الولاياتالمتحدة الأميريكية في منطقة الشرق الأوسط بقولها أن الوضع في الشرق الأوسط ليس مستقرا وأن الفوضى التي تفرزها عملية التحول الديموقراطى في البداية هي فوضى خلاقة قد تنتج في النهاية وضعا أفضل مما تعيشه منطقة الشرق الأوسط اليوم 0 لكن قد يكون السؤال المهم بالنسبة لشعوبنا ولا أول لأنظمتنا هو كيف طبقت الولاياتالمتحدة الأميريكية نظرية وزيرة خارجتها في أفغانستانوالعراق من جهة وأوكلت إلى حلفائها هذه المهمة في كل من فلسطين ولبنان 0 وكيف تعمل على تعميم نظريتها هذه وتطبقها في دول أخرى في العالم بإستعمال كل وسائل الفوضى التي تصب طبعا في مجرى تنفيذ سياستها على نشر الديموقراطية وأي ديموقراطية تريد نشرها وبأية وسيلة 0 كما أن شارانسكي هو أول من أيد فكرة إستخدام القوة ضد العراق على أساس أن العراق هو بلد عربي يفتقر إلى الديموقراطية 0 وهو الأمر طبعا الذي يستوجب حرمان النظم العربية من الدعم المالي والتكنولوجي والسياسي وكذا الدعم العسكري مادامت هذه النظم ومجتمعاتها لا تنطق في منهجها السياسي مع السياسات الأميريكية فإنها ستعظل تعتبر نظم غير ديموقراطية 0 كما أن هذه النظرية قد وجدت دينامياتها الفعلية طبعا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وهي طبعا تقوم على فلسفة سياسية تفترض وجود خطر داهم من عدو مجهول يتهدد الأمن الأمريكي في كل لحظة وقد يكون العدو المجهول هو العالم العربي