إن مصطلح الفوضى الخلاقة الذى تبنته الإدارة الأميريكية فى هذه السنوات الأخير والذى يعنى التغيير الكامل فى الشرق الأوسط قد إرتكز على مجموعة من الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية الشاملة لكل دول المنطقة وفقا لإستراتيجية جديدة تقوم على أساس الهدم ثم إعادة البناء 0 قد وجد فى أدبيات المسونية القديمة 0 فالباحثون الأميريكون يقولون بأن الأنجيل يؤكد لهم على أن الكون خلق من فوضى 0 وأن الرب قد إختار الفوضى ليخلق منها الكون0 وهذا مما يجعلنا متيقنين من أن الفوضى قد كانت خطوة مهمة فى عملية الخلق 0 كما أن هذه الفكرة قد إستقرت فى الأدبيات المسيحية خلال العصور الوسطى كمبرر لإطلاق سيطرة رجال الكنيسة على المجتمع بدعوى حمايته من الفوضى واللإستقرار والأشرار0 كما أن الماسونية قد كانت وراء كل من الثورة الفرنسية والبلشفية والبريطانية حيث كانت تعمل على إسقاط الحكومات الشرعية وإلغاء أنظمة الحكم الوطنية فى البلدان المختلفة والسيطرة عليها0 كما كانث تبث سموم النزاع داخل البلدان العربية وتعمل على إحياء روح اطائفية والعنصرية والجهوية فيها 0 كما أنه قد ورد فى مذهب علم العلاج النفسى فى الغرب أن الفوضى هى أحدى العوامل المهمة فى التدريب والعلاج النفسى 0 حيث عند الوصول بالنفس إلى حافة الفوضى يفقد الإنسان جميع ضوابطه وقوانينه وعندها من الممكن أن يحدث المعجزات0 فيصبح قادرا على خلق هوية جديدة بقيم مبتكرة ومفاهيم حديثة تساعده على تطوير البيئة المحيطة به 0كما أن أخطر فكرة جاء بها المحافظون الجدد للبيت الأبيض أثناء مجيئهم هى فكرة إنهاء مصطلح الوطن العربى وتفكيك دوله وتكريس منهج الفتيت كبديل لمشروع سايكس بيكو القديم إلى الفتيت0 وهو طبعا يعتبر سايكس بيكو جديد مع تطوير آخر وهو أن يكون الفتيت شاملا للوطن العربى من المحيط إلى الخليج 0 على أن يضم إليه تركيا وإيران فى إطار خريطة للنفط والغاز 0 وقد تتطور هذه الخريطة حتى تصل إلى قلب العاصمة الروسية موسكو0 هذا مع إحتمال أن الصراع أن يعود الصراع من جديد فى المستقبل القريب بين الولاياتالمتحدة الأميريكية وروسيا الجديد على مناطق النفط وقد تسيطر روسيا على الأقل على مناطق الغاز0 حيث فى عام 1991 مباشرة بعد إنتهاء ماعرف يومها بحرب عاصفة الصحراء ضد العرق 0 بدأ خبراء الولاياتالمتحدة الأميريكية يتبنون فلسفة جديدة هى موت العالم العربى ككيان سياسى الذى كانت تتوفر فيه بعض مقومات الوحدة والتضامن فى الماضى 0 وعلى إنقاض التجمع أو التكتل الذى ضم كل من مصر والعراق والأردن واليمن 0 راح الخبراء الأميريكين يقترحون إستخدام مصطلح الشرق الأوسط بدلا من مصطلح العالم العربى وينادون بتفكيك البناء السياسى العربى الذى صارت وحدته مضادة لبعضها البعض 0 على أن تقوم الإدارة الأميريكية بصياغة نظرية الفوضى الخلاقة التى جاء بها المحافظون الجدد للبيت الأبيض 0 وإقصاء مصطلحى العالم العربى والإسلامى من القدموس الديبلوماسى الأميريكى من جهة والتعامل مع العالم العربى من خلال مقاربة خاصة بكل بلد على حدة ومحاربة ما تسميه الولاياتالمتحدة الأميريكية بالأصولية الإسلامية التى تسعى إلى إلغاء الحدود الجغرافية بين الدول الإسلامية من جهة ثانية0 كما أن منظرى السياسة الأميريكية أصبحوا يرون الحرب على الإرهاب هو حرب عالمية رابعة بعد الباردة التى تعتبر فى القاموس السياسى لدول العالم حرب عالمية ثالثة 0 لذا على الولاياتالمتحدة الأميريكية أن تسعى للإنتصار فى حربها على الإسلامى الأصولى 0 وهذا مما يقودنا إلى القول بأن هناك بين مصطلح خريطة شرق أوسط جديد ومصطلح منهج الفوضى الخلاقة الذى يساهم فى الوصول إلى هذه الخريطة0كما أن نظرية الفوضى الخلاقة تنطلق من مبدأ أن الإستقرار فى العالم العربى يشكل عائقا أساسيا أمام تقدم مصالح الولاياتالمتحدة الأميريكية فى المنطقة العربية 0 لذلك كان على الولاياتالمتحدة أن تعمد إلى سلسلة من التدابير والإجراء ات التى تضمن لها تحقيق رؤيتها التى تطمح من خلالها إلى السيطرة والهيمنة على العالم العربى الذى يمتاز بحسب النظرية بأنه عالم عقائدى وغنى بالنفط 0 الأمر الذى يشكل تهديدا مباشرا لمصالح الولاياتالمتحدة الأميريكية 0 كما أن أصحاب هذه نظرية الفوضى الخلاقة هم اليوم ينادون بإستخدام القوة العسكرية لتغيير الأنظمة فى بلدان العالم العربى كما حدث فى أفغانستان والعراق من جهة وأن تتبنى الولاياتالمتحدة الأميريكية سياسة التهديد بالقوة التى من شأنها المساهمة فى تفجير الأمن الداخلى للعالم العربى وتشجيع وتأجيج الصراع الطائفى والعرقى والجهوى وتوظفها فى خلق الفوضى كما هو الحال فى لبنان والعراق وسوريا وليبيا0 كما أن نظرية الفوضى الخلاقة على ما يسمى بفجوة الإستقرار وهى الفجوة التى يشعر بها المواطن العربى بين ما هو كائن وما ينبغى أن يكون فتنعكس بضيقها أو إتساعها على الإستقرار بشكل أو بآخر 0 فإتساعها طبعا يولد إحباطا ونقمة فى أوساط المجتمع مما يعمل على زعزعة الإستقرار السياسى وهذا الذى هو اليوم موجود فى كثير من البلدان العربية 0 لاسيما وأن الحرية الإجتماعية والإقتصادية تكاد تكون معدومة فى كثير من بلداننا العربية 0 إضافة إلى فقدان مؤسسات الأنظمة العربية إلى القابلية والقدرة على التكيف الإيجابى 0 فتتحول مشاعر الشعوب العربية فى أية لحظة إلى مطالب ليست سهلة للوهلة الأولى وأحيانا غير متوقعة 0 وهذا مايفرض على مؤسسات الأنظمة العربية ضرورة الكيف من خلال الإصلاح السياسى وتوسيع المشاركة السياسية واستعاب تلك المطالب0إما ما دامت مؤسساتنالأنظامية العربية محكومة بالنظرة الأحادية فإنه يكون من الصعب الإستجابة لأى مطالب إلا بالمزيد من الفوضى فى بلداننا العربية والتى يمكنها ولما لا تقود فى نهاية الأمر إلى تغيير الأنظمة الفاسدة إلى أنظمة أفضل وأحسن 0