في عالمها الصغير، تراقب العالم ويراقبها، توجد لديها أفكار تجاه هذا العالم، وتوجد لديها مشاعر أيضاً؛ المشكلة هي أنها تستطيع تطويع أفكارها وترويضها عبر المنطق والواجب والقانون ، ولكن تبقى مشاعرها التي لا تهدأ حتى وإن جعلتها تستكين لسنوات؛ إنها مشاعرها القابعة بصمت في أعماقها. وفي مجتمعها الشرقي هناك مشكلة عميقة ومتجذرة اسمها المشاعر، هذا العالم الذي يتم الإعتراف به في مواقف معينة ويتم تجاهله بل وإحتقاره في مواضع أخرى. فالحب شعور يتأرجح بين الترحيب وبين الطرد، والكُره شعور يجد له مكان في زوايا النفس والقلب ولا يستنكر وجوده أحد. الحب شعور تم إختزاله في المجتمع الشرقي بشعور متبادل بين الرجل والمرأة وتم تناسي مشاعر الحب للكون كله. الكُره سلعة رائجة لأنها تلاقي الترحيب في المجالس وفي العيون لأنه من المُبرر أن تكره ولكن من المُحرج أن تحب. مشكلة المرأة مع المشاعر ليس أنها تحمل فيض كبير منها سواء سلبي او إيجابي، مشكلة المرأة مع المشاعر هي أن نهج حياة كامل يتم عبر هذه المشاعر. لابد للأب، للزوج، للابن ألا يستهينوا بمشاعر المرأة، لأن مشاعرها الصامتة سوف تتم ترجمتها عبر نهج حياة متكامل يتم بناءه عبر سنوات من الحياة معها. أكبر أخطاء الرجل هو تجاهل مشاعر المرأة ليس إهمالاً لها ولكن إعتقاداً منه أنه سوف يتمكن من تسيير الأمور بها أو بدونها بسبب ثقافة ذكورية شرقية منحته هذا الحق لعصور طويلة؛ ولكن التعقيد يطرأ في الحياة المعاصرة، لأنه في العصور السابقة لم يكن للمرأة تواجد إجتماعي ومهني وسياسي وقانوني بل وعلى جميع الأصعده، لم يكن لها نفوذ ملحوظ في البيت أو خارج البيت، فكل أمور الحياة وشؤون البيت كانت تُدار عبر سلطة الرجل فلم يكن هناك تناقض بين سلطته وبين طاعة المرأة له، لأنها كانت تعتقد بأنه له كل الحق بأن يتصرف بهذه الصورة . التعقيد يكمن الآن بأن المرأة أستلمت زمام الكثير من الأمور إن لم نقل جميعها، فهي تُدير أمور المنزل، وهي تتحكم بميزانيته ، وهي المسؤولة الأولى عن تربية الأولاد وهي من يضع خطة حياة للبيت والأولاد وربما للرجل أيضاً. فماذا لو كانت مشاعر هذه المرأة غاضبة، حاقدة وحانقة كيف ستُبحر سفينة قبطانها لا يرى سوى العواصف في الأفق. هذا الوضع الشعوري للمرأة ليس مجرد نظرية ولا دفاع عنها بل هي حالة خطرة على الرجل وعلى المجتمع، فالمرأة الغاضبة وإن كانت صامتة لابد أن تنتقم، وقد يكون إنتقامها صامت وقد يكون بلا وعي منها. فكم من امرأة قالت: "أكره أولادي لأنهم من زوجي الذي أكرهه"