لقد عرفت فترة الثمانينيات عودة قوية لحزب جبهة التحرير الوطنى ومنظماته الجماهيرية على شاكلة ما عرفته الكثير من التجارب العربية فى المشرق العربى وكذا الأنظمة الإشتراكية0 كما أنه فى الحقيقة لم يقتصر الأمر على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية رغم أهميتها فى يوميات المواطن الجزائرى0 بل ظهرت أيضا الكثير من علامات التشدد داخل النظام السياسى وفى علاقاته بالمجتمع والقوى السياسية0 كرد فعل عن هذه الأوضاع الصعبة نفسها0 كما أن المنظومة التعليمية فى الجزائر رغم الدور الأساسى الذى قامت به بسرعة وبعمق داخل التشكيلة الإجتماعية الجزائرية قد بدت عليها الكثير من علامات التعب والتدهور وهذا مما أدى طبعا إلى إرتفاع نسب التسرب المدرسى كما تقلص دور الترقية الإجتماعية التى كانت تقوم بها المدرسة المراحل السابقة حيث ظهرت البطالة لدى الجامعيين وقلت نسبة النجاح0 حيث أن مراكز التعليم العالى قد كانت خاضعة سواء من قريب أو من بعيد إلى ضغوطات وتأثيرات أجنبية صادرة عن اليسار واليمين على حد سواء0 هذا فى وقت كان من المفروض على النظام أن يضع برامج التعليم والتوجيه السياسى 0 هذا وقد حدث نفس الشئ على مستوى توزيع السلع الإستهلاكية بما فيها طبعا الغذائية ذات الإستهلاك الواسع 0 وهذا مما جعل الأجهزة التنفيذية والأمنية تستعمل نوعا من العنف الثورى بهدف الإنضباط كتقليد فى حياة الجزائرين وهذا طبعا بسبب الإضطرابات التى ظهرت على نظام التوزيع البيروقراطى الذى كان مرتبط بالثورة الزراعية التى أقرها نظام الرئيس هوارى بومدين فى بداية السبعينيات بدعم من قوى يسارية فى ظل حزب الطليعة الإشتراكية أساسا يعنى الحزب الشيوعى 0 كما أن الدولة الوطنية فى الجزائر قد بنت قد بنت الإستقلال بمؤسساتها طبعا بنخبها وإطاراتها الفكرية لكن بعد طبعا بعد مرحلة الصعود التى عاشتها تقريبا حتى بداية الثمانينيات من القرن الماضى 0 ثم طبعا بدأت بعد ذلك تعرف أزمات متنوعية قد طفت على السطح حيث توقفت المؤسسات الإقتصادية والإجتماعية عن أداء وظائفها المعهودة على غرار المؤسسات الصناعية العمومية التى كانت فى الحقيقية تعتبر طبعاركيزة التجربة الإقتصادية بتسييرها الإدارى والبيروقراطى حيث زادت البطالة بعد أن توقفت الإستثمارات العمومية وتعطلت الآلة الإنتاجية بعد أن شحت المواد المالية ولم تعد تستطيع أن تؤدى أدوارها التوزيعية المعهودة 0 هذا طبعا وإذا ألقينا نظرة على الكيفية التى تعاملت بها المؤسسات السياسية المختلفة خاصة المنتخبة منها كرئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس الشعبى الوطنى أثناء عملية صنع القرار واتخاذه خاصة مع وجود الأزمات المتعددة التى كان يعيشها النظام السياسى ومع وجود شائعات فى تلك المرحلة حول شائعة الإختلاسات المالية والتى تورط فيها أحد أبناء الرئيس شادلى بن جديد فى صيف 1988 0 دون إهمال دور الحركات الإجتماعية المختلفة الضاعطة التى تميزت بأدوار كثيرة 0 هذا طبعا مع بروز قوي لها خلال هذه الفترة الحرجة من تاريخ الجزائر ونفس الشئ بالنسبة طبعا لكل من المحيط الحزبى القليلة التجربة والهشة فى وضعها المؤسساتى وكذا الإعلامى خاصة بالنسبة لقرار إلغاء نتائج الإنتخابات التى تم طبعا فى مرحلة صعود بالنسبة للإعلام المستقل المكتوب طبعا0هذاطبعا مع خطاب الرئيس شادلى بن جديد لعام 1988 والذى إنتقد فيه الأوضاع وحرض فيه على الخروج للشارع 0 كما كانت هناك مشروع الوحدة مع الجماهيرية الليبية والذى وصل إلى حد مناقشة دستور مشترك بين الدولتين 0 وهو المشروع الذى لم ينل رضا الكثير من مراكز القرار داخل النظام الجزائرى وحلفائه الدوليين وعلى رأس هذه الأنظمة طبعا النظام الإشتراكى الفرنسى تحت قيادة الرئيس فرسوا ميتران0 كما أن الجزائر كانت قد عرفت فترة صدور دستور جديد يقنن الإطار المؤسساتى الجديد فى عام 1989 0 من جهة وفترة توقيف المسار الإنتخابى فى عام 1992 بعد ظهور نتائج الدور الأول من الإنتخابات التشريعية وفوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ وما ترتب عن قرار هذا الإلقاء من تداعيات أمنية وسياسية والتى لازالت جزئيا حتى الآن 0 فهذان القراران فى الحقيقة يوضحان فى الحقيقة كيف كانت تجري عملية صناعة القرار فى تلك المرحلة فى الجزائر من طرف تلك الشخصيات السياسية أوالعسكرية0 كما توضح دور المؤسسات المختلفة المدنية منها والعسكرية أثناء إتخاذ القرار فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ الجزائر 0 كما كان فى ذلك الوقت أيضا دور لبعض العوامل الخارجية0 كما أن فكرة التداول السلمى على السلطة وتنظيم إنتخابات تعددية كانت من النتائج المباشرة لهذا الإطار الدستورى والقانون الجديد دستور عام 1989 الذى يصطلح على تسميته بدستور التعددية الحزبية والإعلامية0 كما كانت إنتخابات جوان 1990 المحلية و إنتخابات 1991 التشريعية أول محك فعلى لهذا الدستور التعددى فى تاريخ الجزائر السياسى والتى كان قد تم إلغاؤها بعد ظهور نتائج الدور الأول منها ليعلن إستقالة أو إقالة رئيس الجمهورية الشادلى بن جديد وحل المجلس الشعبى الوطنى إضافة إلى الكثير من التداعيات السياسية والأمنية 0 كما أن هناك عوامل دولية ومحلية كان لها التأثير المباشر فيما يتعلق بأحداث بداية عام 1992 تاريخ إجراء الإنتخابات التشريعية وإلغائها ضف إلى ذلك الضغوطات الكثيرة التى كانت قد تعرضت لها الجزائر بداية التعددية الحزبية والإعلامية خاصة بعد تقديم الإعتماد لأحزاب إسلامية على شاكلة الجبهة الإسلامية للإنقاذ0 كما تكررت نفس هذه الضغوطات بل وأكثر بعد الإعلان عن إلغاء نتائج الإنتخابات التشريعية فى دورها الأول من طرف قوى دولية عظمى متوسطية ودولية 0لأن هذه القرارات قد تمت ضمن محيط دولى غير مستقر ميزته حرب الخليج الأولى والتى أوجدت صدى كبير فى الشارع الجزائرى ضف إلى ذلك الوضع الإقتصادى والإجتماعى الصعب الذى كان سائدا والمديونية الخارجية العالية 00 طبعا هذا وقد عرفت الجزائر فى فترة الثمانينيات وبداية التسعينيات كثير من الأحداث السياسية وعلى أكثر من صعيد حيث قد شهدت هذه الفترة أحداث أكتوبر 1988 التى أعقبتها تغييرات سياسية ودستورية إعتبرت لدى الكثير من المتتبعين للأوضاع فى جزائر الإستقلال وجزائر البترول هامة لأنها قد نقلت الجزائر من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية والإعلامية0 وهذا طبعا مما أدى إلى الظهور فى الساحة السياسية الجزائرية الكثير من الأحزاب والعديدة من الصحف والمجلات المستقلة 0 كما تم فتح مجال وسائل الإعلام العمومية كالتلفزيون والإذاعة حتى وإن كان جزئيا رغم بقائهما تحت سلطة الدولة0 التى كانت قد رفضت فى عام 2011 فتح قطاع الإعلام أمام الإستثمارالخاص0 كما أنه فى هذا العام قد وفاق رئيس الجمهورية على قانون إعلام جديد يعترف بحق الإستثمار فى القطاع السمعى البصرى الذى لايزال أهل المهنة والإختصاص فى هذا المجال صدور قوانين لتنظيمه0 هذا طبعا مع ظهور الآلاف من الجمعيات والنقابات والإتحادات حيث قد كانت هذه الجمعيات وهذه الإتحادات من النتائج المباشرة للمصادقة على دستور 1989 الذى أقر مبدأ الإعتراف بالحريات الفردية والجماعية0 كما عرفت هذه الفترة بروز حركات إجتماعية مختلفة ومتنوعية كالحركات العمالية والنقابية والنسائية وكذا الطلابية 0 حيث قد كان وراء هذه الحركات أبناء المدن والأحياء الشعبية 0 كما كانت المطالبة الثقافية متمركزية فى منطقة القبائل 0 ضف إلى ذلك قد تم فتح مجال النقاشات السياسية والفكرية إضافة إلى طرح الكثير من القضايا الآنية والتاريخية قد وجدت صدى لها فى حركة ناشئة تعددية لم تعرفها الجزائر خلال خمس عقود من الزمن منذ حصولها على الإستقلال فى عام 1962 0