إن المعارضة فى الجزائر تعيش أزمات سياسية وتنظيمة وبالتال لا يمكنها المساهمة طبعا فى إخراج النظام السياسى الجزائرى من أزماته المتعددة من جهة وتتسب بدورها فى تعميق أزمة المعارضة واستفحالها جراء خوف النظام القائم من إمكانية قيام أحزاب معارضة قوية تستطيع تجنيد الفئات الشبانية من جهة ثانية 0 فالمعارضة السياسية لازالت معلقة أمام الكثير من الفئات الإجتماعية الحية الضمير والفكر0 وعلى رأسهم الفئات التى إبتعدت عن العمل السياسى الحزبى المنظم الفئات التى تخلت عن أدوارها السياسية المفترضة 0 مع أن أزمة الجزائر ليست بسيطة وليست سهلة كما يتصور الكثير من الجزائريين وهذا طبعا لطابع الصراع الجهوى0 نقول هذا طبعا لأن النظام السياسى الجزائرى يخضع لنوع من التوازنات الجهوية التى ظهرت قبل الإستقلال داخل المؤسسات بين أبناء جهويات سياسية فاعلة 0 يأتى على رأسها أبناء المنطقة الشرقية من البلاد والذين طبعا سيطروا على كل المؤسسات السياسية والعسكرية المهمة 0 فى حين كان أبناء المنطقة الغربية كانوا يشعرون بنوع من الإقصاء والتهميش على مستوى مؤسسات القرار المختلفة 0 حتى مرحلة مجئ الرئيس عبد العزيز بوتفلقة وهو إبن مدينة تلمسان0 ويضاف لهاتين المنطقتين منطقة القبائل وما يميزها طبعا من خصائص ثقافية وحتى سياسية حيث عبرت عن نفسها بأشكال مختلفة من داخل مؤسسات السلطة وعن طريق المعارضة معارضة عبر عنها كل حزب جبهة القوى الإشتراكية وحزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية بشكل أساسى 0 أما أبناء منطقة الوسط وأبناء منطقة الجنوب فإنهم لا يملكون هذا التعبير القوى سياسيا بل هاتين المنطقتين مكتفيان بالتعبيرات الفنية والثقافية دون الحضور السياسى القوى الذى أخذ ضربة سياسية وعسكرية قوية بعد فشل الولاية الرابعة فى صراعها المسلح ضد قيادة الأركان ومجموعة تلمسان التى كانت داعمة للثنائى بن بلة وبومدين فى صيف عام 1962 0 ونفس الشئ قد حصل لمنطقة الجنوب التى فقدب الكثير من أوراقها بعد إعدام العقيد محمد شعبانى الذى تمرد على السلطة المركزية فى عام 1964 0 ويلاحظ أيضا بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطنى الحزب الوحيد والأوحد الذى حكم البلاد أكثرمن عقدين من الزمن فقد كانت سيطرت المنطقة الشرقية عليه ممثلة فى كل من شريف بلقسام ومحمد الصالح يحياوى ومحمد شريف مساعدية قبل التعددية وعبد الحميد مهرى وعلى بن فليس بعد التعددية 0 أما سيطرة أبناء الغرب الذين تربعوا على رأس سلطة حزب جبهة التحرير فتمثلت فى كل من قايد أحمد وعبد العزيز بلخادم الذى وصل إلى الأمانة العامة للحزب بعد التعددية مثله مثل بوعلام بن حمودة طبعا المحسوب على منطقة الوسط 0 هذا طبعا ويبقى القول بأن هناك الحراك السياسى داخل حزب جبهة التحرير الوطنى حيث يعرف هذا صراعات متعددة تأخذ فى الكثير من الأحيان طابعا فرديا بسبب غياب حاسة التضامن وغياب الزعامات المعترف بشرعيتها داخل التنظيم التى يمكن أن يلتف حولها عدد كبير من المناضلين وهذا طبعا ماجعل مولود حمروش يفشل فى تكوين تيار إصلاحى داخل حزب جبهة التحرير الوطنى عندما أقيل من رئاسة الحكومة فى صيف 1991 0 كما غادر على بن فليس كل مواقعه داخل الحزب بما فيها حتى إمكانية حضوره لمؤتمرات الحزب بمجرد إنهزامه فى إنتخابات 2004 0 كما أنه لم يسمح لعبد الحميد مهرى بحضور المؤتمرات0 وهذا طبعا يجعلنا نقول بأن حزب جبهة التحرير الوطنى يراعى دائما التمثيل الجهوى داخل مؤسساته المختلفة التى تنتخب على هذا الأساس 0 كما أنه يمنح مناصب داخل هياكله لشخصيات على جهوى حتى وإن لم يتوفر فيهم شروط التمثيل الجهوى لهذه الشخصيات 0 حيث وصل حزب جبهة التحرير الوطنى لحد أخذ مقياس الجهة للترشح داخل هياكل المجلس الشعبى الوطنى من قبل النواب الذين طبعا يفترض فيهم قانونا أنهم ممثلون للأمة حتى ولو إنتخبوا على أساس تمثيل جغرافى حسب التقسيم الولائى للتراب الوطنى هذا ويبقى القول بأن ضعف الثقافة الحزبية لدى جيل الشباب الجزائرى اليوم قد يزيد من صعوبة عمليات إصلاح المنظومة الحزبية التى تبدو اليوم بأن هياكلها فارغة 0 بدليل أن هناك حراك إجتماعى واسع تقودها حركات إجتماعية مختلفة لكن هى اليوم من دون آفاق سياسية واضحة 0 مع أن غياب التفكير فى الحلول الذكية لمثل هذه الإشكالات المعاشة يعنى أحزاب معارضة دون تنظيم ولا جماهيرودون قواعد ولا أدوار تقوم بها ولاآفاق سياسية قد يكون مآلها الإنتكاسة واللجوء إلى العنف0