محافظ الإسماعيلية يتابع استعدادات مديرية التربية والتعليم لبدء انطلاق العام الدراسي الجديد    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع الحديد والأسمنت والدواجن والذهب يستقر    التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب واللجنة المنظمة لمنتدى شباب العالم يتولون ملف المتطوعين بالمنتدى الحضرى العالمى الثانى عشر بمصر    بعد 182 مليار جنيه في 2023.. برلماني: فرص استثمارية بالبحر الأحمر ونمو بالقطاع السياحي    وزير الخارجية يشارك في أعمال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المُتحدة    وزير الداخلية اللبناني:العدو الإسرائيلي يستخدم تقنيات متطورة    غارة اسرائيلية عنيفة على مجرى نهر الخردلي جنوبي لبنان    صلاح ضمن تشكيل ليفربول ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي    بالمر وسانشو يقودان تشكيل تشيلسي أمام وست هام    قرار من القضاء بشأن إعادة محاكمة 3 متهمين بقضية أحداث أطفيح    وزارة الصحة تعلن نتيجة فحوص المياه في أسوان    عمرو الفقي يوجه التحية لصناع مسلسل برغم القانون    رئيس الوزراء: اهتمام بالغ بصناعة الدواء لتوفير احتياجات السوق المحلية وخفض فاتورة الاستيراد    محافظ كفرالشيخ يتفقد قوافل "بداية" لتقديم الخدمات وتوفير السلع بأسعار مخفضة    حمزة نمرة يتصدر تريند اليوتيوب ب "استنوا شوية" | فيديو    بحث الاستفادة منها بالتصنيع، المهندسين تنظم ملتقى الابتكارات ومشروعات التخرج    وزير الصحة يبحث ملفات التعاون المشترك مع الهند    أسعار البيض في الأسواق اليوم السبت (موقع رسمي)    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    الرعاية الصحية تطلق "مرجعية" لتوحيد وتنميط البروتوكولات الإكلينيكية للتشخيص    بلاش ساندوتشات اللانشون فى المدرسة.. أكلى طفلك العيش البلدى والفول والبيض    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    مدارس المنيا تستقبل تلاميذ Kg1 وأولى ابتدائي بالهدايا وعلم مصر    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    وزير النقل يصدر تعليمات جديدة بخصوص القطار الكهربائى والمترو قبل الدراسة    استشهاد سوري في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    "تحيا مصر وعاش الأزهر".. 12 صورة ترصد أول أيام الدراسة في معاهد أسيوط (صور)    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    أستاذ علوم سياسية: توسيع الحرب مع حزب الله يعرض تل أبيب لخطر القصف    تشكيل ليفربول المتوقع أمام بورنموث.. صلاح يقود الهجوم    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    استقرار أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 21 سبتمبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    مهرجان المسرح العربى ينطلق باسم «كريم عبد العزيز» فى أكتوبر    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضمير الناقد
نشر في شموس يوم 12 - 11 - 2015

شبه كبير بين تاجر الأحجار الكريمة المتخصص والناقد؛ تاجر الأحجار الكريمة خبير بجميع أنواع هذه الأحجار، أصولها، قيمتها السوقية والمعنوية، تأثيرها على المشترى، وفئات المجتمع التي ترغب بإقتناء هذا الحجر أو ذاك؛ ولكن التاجر المتخصص وقبل كل شيء لا يمكن أن يبيع أحجار مقلدة أو لا تحمل ميزات الحجر الأصيل لأنه يعتبر أن أصالة الحجر ونقاؤه جزء من حرفيته التي يعتز بها والتي تصبح علامة جودة في تاريخه المهني.
وكذك الناقد المُتمكن من أدواته لا ينتقي إلا النصوص الأدبية ذات الجودة الرفيعة، يعرف قيمتها الأدبية والفكرية، ويعلم أي من فئات المجتمع ترغب بقراءة هذه الرواية أو ذلك الكتاب؛ ولا يقدم لجمهور القراء إلا ما يتناسب مع مستواه الأدبي والثقافي والأكاديمي كذلك.
وكذلك تتشابه الأحجار الكريمة مع النصوص الأدبية، فمنها الأصيل عالي الجودة وإن لم يكن ثمين مادياً – في عالمٍ عربي لا يُثمن العمل الأدبي مادياً- فهو ثمين معنوياً وفكرياً لشريحة من المثقفين الذين لا يضعون الثمن ولكن يحترمون ما يُكتب حين يكون له قيمة انسانية وأدبية مميزة. وكذلك هناك أحجار كريمة مزيفة أو مشوهه، لا قيمة حقيقة لها سوى الترويج الإعلامي.
الكاتب تقع عليه مسؤولية ما يكتب حتى وإن لم يتم قراءة ما يكتب لإحتفاظه بأوراقه في درجٍ ما؛
ولا نستطيع التطرق بهذه الحالة إلى ضمير الكاتب، فالكاتب لا يدخل الضمير في مساحة ما يكتب ليس لأنه يتغاضى عن الضمير، ولكن لأنه هناك مربعات ودوائر لعالم الكتابة، فمنها الكتابة التي تخص الجميع، والكتابة التي تخص الخاصة من الناس، والكتابة التي قد تؤذي المشاعر، أو تُسيء لأفراد أو مجتمعات، أي أن عالم الكتابة هو عالم شبيه بالتسوق في مولات كبيرة لا حدود لها لذلك لا يمكن مناقشة ضمير الكاتب لأنه فعلاً يكتب ما يريد وقد تتم محاسبته أو لا يتم ذلك؛ بل قد يشتهر ويذيع صيته بعد كتاب يمس القيم العليا للمجتمع، وبعد تعريه لمظاهر خادشة، قد يريد من خلالها رفع الستارة عن المحجوب، أو يريد أن يشتهر عبر إسقاط الكأس الفارغ على الأرض وإحداث الضجيج ومن ثم تتناثر القطع الزجاجية بكل مكان ثم يتم السؤال: من تجرأ وأسقط الكأس المُهمل منذ عقود؟ فتستيقظ العقول والصحف وربما يتم منحه جائزة أدبية رفيعة لأنه تجرأ على كسر الصمت حتى ولو لم يكن لدى هذا الصمت شيء ذو قيمة يُقال.
ولكن لابد أن يكون للناقد ضمير، لأنه لا يكتب عن نفسه ولا لنفسه بل يكتب عن الكاتب وللكاتب وللآخر أي القاريء؛ فإن لم يكن لديه الضمير الأدبي الحي والأمانة الثقافية والتجرد الموضوعي بعيداً عن دوائر الصداقات والعلاقات ومراعاة المشاعر؛ فماذا سيقدم للقاريء؟ إنه هو من يقدم الكاتب للقاريء، فسيقدمه تحت أية شروط أو معطيات؟
حين نقرأ روايات سطحية فارغة من المضمون والموضوع، وكذلك تفتقد حتى للبنية الروائية الفنية ونخدع القاريء ونقول له بأنها روايات رائعة وفي صميم الموضوع؛ سوف يشتري القاريء هذه الرواية، ويقرأها الصفحة تلو الأخرى باحثاً عن الموضوع وعن الروعه ولكنه في نهاية الرواية لا يجد أياهما، فيسأل نفسه، هل أنا من لا يفهم أم أن الناقد له ثقافة أوسع مني بحيث أنني لا أستطيع أن أفهم أو أستمتع ؟ وهناك قاريءأكثر جرأة، سيغضب لأنه لم يجد الموضوع ولا الإنبهار ويقرر ألا يشتري روايات أخرى، ثم تقول دور النشر بأن الشعب العربي لا يقرأ.
فليستيقظ ضمير الناقد، لأن ضميره هام جداً في الساحة الثقافية، ضميره شبه ميزان تاجر الذهب والأحجار الكريمة، تتأرجح بين كفتيه الموهبة الحقيقية ثم التجرد الموضوعي. لا يمكن التأسيس لأدب راقي عالمي دائم دون ضمير الناقد الذي يفتح أبواب المدرسة للقاريء ليدخل جميع الصفوف ويخرج وهو سعيد لأنه إستمتع بالدخول ولا يدخل ثم يخرج مصمماً على عدم العودة مرة أخرى.
ولا يمكن أن نسمى أعمال أدبية مشتتة وعبارة عن مقتطقات نفسية حائرة في الألم و رثاء الذات بأنها أعمال أدبية ذات جودة، ولا يمكن أن نسمى تسميات حديثة للأدب إرضاءاً لأعمال لا قيمة حقيقية لها. في العالم الغربي، هناك نوعان من دور النشر، دور نشر على مستوى عالمي وراقي جداً لا تقبل أي عمل أدبي دون وكيل أدبي يقيم العمل وهو فعلياً ناقد على مستوى حرفي عالي وإذا إعتبر أن هذا العمل جدير بالنشر يتم نشر الكتاب ولا يدفع الكاتب الموهوب إلا جزء بسيط من أجور النشر ويتم نشر الكتاب مع كل الدعاية والكتابة النقدية حوله لأن دار النشر متأكدة من نجاحه لأن المعيار الأول لديها هو الموهبة والموهبة ثم الموهبة. وهناك دور نشر أخرى تنشر أي كتاب دون العودة للوكيل الأدبي، بمجرد أن يتم دفع أجور النشر يتم نشر الكتاب ولكن لا تضمن دار النشر أن ينجح بالسوق لأنها غير معنية بنجاحه، بل هي معنية بدفع مقابل النشر وأرباحها منه.
ضمير الناقد بمنتهى الأهمية ولابد لأي كاتب أن يصر على تواجد هذا الضمير لأنه يشجع القاريء على القراءة أو العزوف عنها، وما قيمة ما يكتبه الكاتب إن لم يقرءه القاريء، أم هل ستتحول عملية النقد إلى مجرد حلقات من أصدقاء يشجعون صديقهم الكاتب مهما كانت رداءة ما يكتب!
ضمير الناقد هو حق الموهبة بأن تتقدم ويتم التعريف بها، ضمير الناقد هو تطور جميع أنواع الأدب بفتح الأبواب الموصدة بوجه المواهب الحقيقية التي تقبع صامتة لأن حلقات الأصدقاء ترفض دخولها ولأن المجاملة تحتل مكان الموهبة. ألا نتسائل جميعاً لماذا لا يبرح الأدب في العالم العربي مكانه؟ لماذا يتم توزيع نفس الجوائز لكتاب تتكرر أسمائهم المرة تلو الأخرى والسنة تلو الأخرى وكأنه لا يوجد أحد غيرهم على مدار عقود وعقود! حين يغفو ضمير الكاتب يغفو بريق الأدب وينفصل عن حياة القراء العاديين ليبقى بريقه الباهت منيراً بضحالة في مجالس ذات الحلقات والدوائر.
حين يتجاهل ضمير الناقد الموهبة الحقيقية ويسخر قلمه وموهبته النقدية لأعمال لا ترقى لمستوى أدبي أو حتى إنساني فنحن في مشكلة حقيقية مع تطور الأدب الذي لا يبرح مكانه، بينما يتطور ويصعد عالياَ في المجتمعات العالمية حولنا، ولا نستطيع أن نقدم أعمال أدبية رفيعة المستوى للعالم لأننا ندور بذات الحلقات مع ذات الكتاب ومع حلقات الصداقة التي يتصدرها النقاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.