رغم تحديات وعواصف السياسة ، والجو الساخن في هذا اليوم الذي تجاوز النصف الثاني من سبتمبر من عام 2013 ، كانت مدينة ديرب نجم التي تبتعد نحو 40 كيلو مترا في الغرب من مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية العتيدة ، تتباهى بصباح مختلف ، رائع ، احتفالي بمؤتمر ديرب نجم الادبي الثالث عشر . وعلى الرغم من الانقسامات الحادة التي شقت اظهر المصريين عامة ، ونخبة المثقفين والمبدعين على وجه الخصوص خلال الثلاثة اعوام الماضية ، بسبب الثورات ، والسياسات ، والقناعات الفكرية ، فانه يتملكك الدهشة ان تجد رجلا مثل الدكتور نادر عبد الخالق المسئول الأول عن نادي الأدب يثبت نظرية هامة في الشأن الانساني والاجتماعي ، وهي ان ما تفرقه السياسة والتعصب يجمعه الفن و الأدب بالضرورة . والدكتور نادر هادئ بطبيعته ، لا يميل للضوضاء ولا الصخب على عادة اهل الشرقية الكرام ، تمكن بمنتهى البساطة ، و في ظل هذا الظرف الاستثنائي حيث يستبد القلق بالمصريين على احوال ومستقبل بلدهم ، وبإمكانيات حكومية هزيلة للغاية ، ان يجتذب العشرات من مبدعي ونقاد ، والمهتمين بالحركة الثقافية في محافظة الشرقية وغيرها ، في قاعة المجلس المحلي لمدينة ديرب نجم ، وحول مائدة عامرة بفنون الشعر ، والنقد ، واحتفاء بأحد اساطين الشعر العمودي في عصرنا ، والذي تمكن من انجاز تجديد هام في شكله السلس للغاية ، ومضمونه الذي يتوقد رومانسية ، وغناء عذبا افتقدناه كثيرا في زخم الحداثة ، والصراع مع اللغة . والشاعر بدر بدير المحتفى به في مؤتمر ديرب نجم الرائع يعتبر همزة الصلة في عصرنا بعصر الشاعر الاندلسي الشهير ابن زيدون . ويبدو ان هذه هي المصالحة الحقيقية مع الذات والآخر ، التي نتوق اليها بكل شوق التي انجزها بجدارة الدكتور نادر عبد الخالق وزملائه المبدعين الكبار الاستاذ محمد صلاح مرعي مدير عام قصر ثقافة الشرقية ، والاستاذ محمد فياض مدير بيت الثقافة ، والاستاذ جمال النصري مشرف نادي الأدب ، والشاعر رضا عطية امين عام المؤتمر ، وامانة المؤتمر التي ضمت ايضا المبدعين الكبار الاستاذ محمود الديداموني ، والاستاذ علاء عيسى ، والاستاذ هيثم منتصر .. وبفضل رعاية الكاتب الكبير محمد صلاح مرعي مدير عام ثقافة الشرقية ، والشاعر الكبير المبدع محمد سليم الدسوقي رئيس المؤتمر .. وكانت الرسالة المهمة ، ان مائدة الشعر الجميل رحبة ، وتتسع للجميع ، وان التفاني ، والعمل الدؤوب ، الهادئ ، المتجرد من المنفعة الشخصية ، والجاد بإخلاص ، هو عنوان هذا المؤتمر الذي صمم على اقامته احفاد احمد عرابي ، وقاهري الصلبيين في دار بني نجم ، والتي اطلق عليها لاحقا ديرب نجم مدينة الفن والحب والمصالحة الحقيقة .