لعل الملاحظة المهمة التي ينبغي ان ندونها لدى قراءة الوضع الراهن فى الوطن العربى هى ان هناك مجموعة كبيرة من القيم الغربية التي قد اخترقت مجتمعنا و صار الكثير منا يؤمنون بها إيماناً أعمى دون إعمال العقل فى حقيقة تلك القيم والمبادئ التى أفرزتها عقول غربية و صدرتها الى كل أرجاء الدنيا و بدورنا نحن قد تلقينها فى ظل حالة من اللاوعى لدينا ، ولعل اهم هذه القيم هى "الحرية اللا محدودة" ،غريب حقا أن ينسى أو ربما يتناسى الكثيرون منا أن حريتى تنتهى عندما تبدأ حرية الأخرين ،و أن لكل شئ حدود لا ينبغى تجاوزها خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأديان و المقدسات ، وكان نتيجة للحرية المفرطة فى بلاد الغرب التهجم على شخص رسول الله (محمد) فى رسومات كاريكاتورية فى بعض الصحف الاوربية أو أفلام قصيرة وذلك تحت شعار حرية التعبير ، الغريب أن تلك الحرية المفرطة لم تسمح لمسلمات أوربا أن يرتدين البرقع أو النقاب ، كما أنها منعت أيضا إقامة المآذن وضيقت الخناق على بناء مساجد جديدة . غريب أن تجد من ينتقد القمع فى حين أنه ، و فى ظل الحرية المقننة التى يتمتع بها ، تجده يفعل أسوأ مما يفعل الغربيون ، فكيف سيكون الحال إذا حصل على حريته المفرطة ،وأنا هنا لا أدافع عن الوضع الحالى ، فأنا أعترف أنه سئ ويجب ضخ مزيد من إكسير الحرية فى مجالات الحياة المختلفة فى دولنا العربية ، حتى يمكن للصحفى أن ينتقد نقدا بناءا دون أن يخاف من بطش الحاكم ، وحتى يستطيع الموظف الصغير أن يقول رأيه بصراحة دون أن يخاف عواقب ذلك عليه ، وحتى يستطيع كل مواطن أن يطالب بحقوقه وينشد الاصلاح والتنمية عند تراخى الأجهزة التنفيذية إذا كان هناك بالاساس خطط للاصلاح او التنمية ، إن الحرية المنشودة هى التى تدفعنا الى الأمام وليست تلك التى تجرنا للخلف . كما اننا بحاجة الى ان نصبح اكثر عقلانية ، نحن بحاجة الى ان نبدأ بتقبل النقد الموجه الى طبيعة ممارساتنا الخاطئة للعمل وان نحررها من جمودها. وما هو اهم من ذلك نحن بحاجة الى بدء حملة نقد ذاتي على أنماط حياتنا الخاطئة التي باتت بحاجة ملحة الى إعادة النظر فيها ، نريد ثورة لتقويم أنفسنا وتصحيح أخلاقياتنا و سلوكياتنا الخاطئة ، تماما مثلما نقوم بالثورات ألان لإسقاط الانظمة الحاكمة المستبدة .