يُحكى أن ..... انتشرت الفئران فى كل أنحاء البلاد وأصبح كل ركن فيها يعانى...سئم الناس من هذا الوباء المفاجئ الذى أصبح يشاركهم مأكلهم ومشربهم وملبسهم وغرف نومهم ....بدأ الغليان يسيطر على دواخل الناس، فطن الحاكم أن تلك الأزمة قد تصنع بيئة ملائمة لانتفاضة عاتية تحطم جدران سلطانه، فأعلن عن جائزة كبرى لكل من يأتى بعدد كبير من الفئران وهى حية إلى القصر ليتخلص منها الحاكم بعد أن أصبحت سجينة تحت السيطرة ،وسمع الناس نداء الجائزة وهموا باللحاق بالفئران لوضعها داخل أكياس لحملها إلى حيث يسكن الحاكم، إلا أن الفئران كانت تدافع عن حريتها بكل ما أوتيت من قوة، فكانت تأكل الأكياس وتهم بالهروب ،فدخل الحاكم فى نوبة اكتئاب عميقة فسلطانه مهدد ،وذات يوم طرق باب القصر رجل يحمل كيسًا كبيرًا مملوءًا بالفئران وأصر على مقابلة حاكم البلاد ،فهرول إليه الأخير ليسأله كيف استطاع حملهم إلى هنا فأجابه الرجل أنه أمر فى منتهى البساطة فلقد حرصت على هز الكيس بقوة طوال الطريق فانشغلت الفئران بمسألة الاهتزاز الذى هدد وجودها ونسيت مسألة الحرية . هذا تمامًا ما فعله معنا ذلك النظام الذى تكون منذ شهور من شخص وحوله هالة إعلامية ضخمة ومؤسسات دولة انحازات له بكل كيانها، إلاأنهم فى قرارة أنفسهم يعلمون أننا شعب عظيم لسنا بسذاجة تفكير تلك الفئران فلعبوا على وجود الوطن نفسه لا على وجودنا نحن، وربطوا وجود الوطن وأمنه وإنقاذه من المخاطر التى تحاك ضده بشخص معين وكأن هذا الشخص لو غاب عن المشهد لتاه الوطن وضاع، وكان هذا أول جدار لتكوين جمهورية الخوف التى أرادوا صنعها لإحكام السيطرة على الأمور ،وبدأت تدق أبواب أذننا كلمات مثل: أن الشعب استدعانى ولبيت النداء لأن الوطن وأمنه القومى فى خطر ،وكأنه الوحيد القادرعلى ذلك ،ولكن هل نسى صاحب تلك الكلمات أن الوطن كان فى مرحلة أخطر مما نحن فيه الآن ولم يسقط عندما غاب ناصر عن المشهد بعد أن اُحتلت أرضنا فى 67 ؟،ونسى أيضا أن يسأل نفسه هل عندما عرض على مرسى إجراء استفتاء على بقائه فى السلطة او رحيله فهل كان ذلك يخدم الأمن القومى المصرى وهو يعلم جيدا أن مجرد موافقة مرسى على اقتراح الاستفتاء لكان احتمال بقاء الأخير فى السلطة قويا جدا ؟ بل قال حرفيا فيما بعد لو وافق مرسى على الاقتراح لكنا دعمنا اجراء الاستفتاء، فكم استفتاء فى تاريخ العالم تم التصويت عليه ب "لا"؟ ودقت أبواب أذننا ايضا كلمات مثل : إن برنامجى لا أستطيع البوح بكل تفاصيله على الهواء لأنه" أمن قومى"، ويآتى الرد على تلك الكلمات من قبر البطل سعد الدين الشاذلى رئيس أركان حرب قواتنا الباسلة التى عبرت وحررت سيناء عندما كتب فى مذاكراته : أن اصطلاح "لأغراض الأمن" هو الاصطلاح الذى يمكن به إنهاء أى نقاش وتحت هذا الستار تتعاظم سلطة الحاكم ومعاونيه وتمتهن الديمقراطية وتنتهك الحريات . ربط وجود الوطن بوجود شخص كان أول جدران جمهورية الخوف ،وجدارها الثانى كان تحريك كل شئ نحو إظهار أن من يصرخ فى وجههم ويخالف ما يطرحونه فهو "خاين...عميل" يريد لهذا الوطن أن يتوه وأن يضيع ،وكان الجدار الثالث هو قمع كل من يرفع رأسه، فيتم الضغط لمنع ظهور برنامج ساخر كان أحد السهام القاتلة فى قلب عرش المرشد، فكيف لنظام يدعى أنه قادرعلى حماية وطن يخشى برنامج ! ،ويتم الإعلان عن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعى لحماية الأمن القومى ، وتُصفع سيدة على وجهها لأنها تجرأت وأرادت أن تتحدث إلى محافظ الجيزة ،ووصل الظلم مداه لتكن دولتهم فيها العدل بقدم واحدة ،فُيقبض على شباب _لا يرضيهم ما يحدث الآن_ وتوجه لهم تهمة الانتماء لجماعة إرهابية وأسرهم يمتلكون صورًا لهم وهم فى ميادين 30 يونيو حاملين كلمة من أربعة حروف (ا رح ل ) ويقينًا لسان حال والديهم يتسائل أهذا جزاء من خرج لإنقاذ وطن من براثن جماعة؟، وكذلك يكون جزاء من اخترق قواعد قانون تظاهر باطل السجن خمسة عشر عاما وينعم بالحياة من أزهق عشرات الأرواح فى سيارة الترحيلات فكيف أيها المتجبرون فى الأرض أن تُزهق أرواحهم بهذه الطريقة بعد أن تمت السيطرة عليهم وأصبحوا سجناء،فتكون النتيجة الحتمية لذلك تجبر الجانى وخوف كل من يسمع أخبار دولة الخوف تلك التى يميزها عدل مطموسة ملامحه ،وقبل كل هذا وذاك يُرهبون الناس بالغرامة المالية وتنتشر مكبرات الصوت فى أنحاء البلاد صارخة بكلمات من عار لتهدد كل من لم ينزل إلى لجان الاقتراع بغرامة سيتم خصمها من راتبه أو سيُحال إلى القضاء من هو ليس بموظف، بل إن بعض المكبرات فى بعض الأماكن كانت تختتم كلامها بجملة :" قد أعذر من أنذر" ،فهرول الناس الذين هزتهم تلك المكبرات_وهم ملايين_ إلى لجان الانتخابات وقابلهم هناك أصحاب المصالح ليؤثروا على اختياراتهم والتصويت للمرشح الذى يمتلك القوة ،فهم يعلمون أن نوعية الناخب الذى سيتمكن منه الخوف من الغرامة سيسهل التأثير عليه ،فهو ذلك الذى لا يمتلك رفاهية الاختيار لأن كل حلمه فى الحياة مجرد سرير ينام عليه عندما يذهب إلى مستشفى حكومى لا أن يفترش الأرض بحثا عن دواء يطفئ نار الألم والمرض . هذه هى جدرانهم الثلاثة لتكوين جمهورية من الخوف وجدارها الرابع هو "كسر إرادتنا" فهل سينجحون فى تكوينه وتكتم قبضتهم أنفاس كل شئ ؟ يقينا لن ينجحوا فسابقوهم فشلوا فى تكوين جمهورية التكفير من قبل وفشلوا بعدها فى تكوين جمهورية الوهم والخداع على حساب دماء الناس فى رابعة العدوية، فعينوا على منصتهم رئيسا مؤقتا ورئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع وضغطوا بكل السبل الدموية لإخراج رئيسهم حتى تكتمل جمهورية الوهم هناك فتعترف بها دول خارجية عظمى وقوى إقليمية فتدخل مصرنا فى مرحلة اللادولة . يا قائدى جمهوريتى الخوف والوهم كلاكما إلى فهرس كتاب التاريخ ذاهبان ،كلاكما تاجر بأثمن الاشياء، الأول تاجر بالأحلام وجعل من الهاجس الامنى سيفا يُسلط على رقاب العباد،والثانى تاجر بالدماء، وبئس التجارتان، بين سارقى الأحلام وخائنى الأوطان خيط رفيع ،كلاهما متشابهان ،تتشابه الأحداث ويختلف أبطالها، الأول مازلت لديه فرصة أن يعود ولكن بعدالة انتقالية حقيقية فيها قصاص عادل وفيها افكار اقتصادية تقتل نار حرمان البسطاء وتكسر انف اكلى لحوم المصريين ،افكار اقتصادية حقيقة،وليس كتلك التى طُلب فيها من الناس الذهاب الى عملهم سيرا على الاقدام لتوفير بضعة جنيهات للدولة لأنه فى الوقت الذى تم فيه مطالبتهم بذلك كانت هناك مسرحية سباق الدراجات التى كلفت خزينة الدولة ملايين، لديه فرصة ان يعود، وإن عاد عدنا، وإلا سيكون مصيره كالثانى ويكون كلاهما إلى قاع التاريخ ساقطان ، فسيسقط كل من تلاعب بوعى الناس من اجل المصلحة وتكوين السلطنة وستبقى مصر. أيها الشعب العظيم إننى أنحنى إجلالا لإرداتك ولكنى أحلم بذلك اليوم الذى تكون فيه أنت "السيد" دون تزييف معنوى لإرادتك، وأيها العظماء من الشهداء عليكم الفخر بأنفسكم فقد جعلتم الناس يعرفون طريق التحرير ولجان الاقتراع ولولا دماؤكم فى يناير لكان مبارك مازال يحرك من يحكم الآن يمينا ويسارا كيفما شاء ،ولولا دماؤكم كمتظاهرين سلميين خلال عام سبق يونيو 2013 او دماؤكم كجنود أبرياء سالت بعد الإسقاط الكبير لكان ساكن الاتحادية الآن لايزال ينادى مرسى : "سيدى الرئيس" . ستعبر يا وطنى الطريق وستنتصر يوما ثورتك ، واعلم بأنك لست حبات ذلك التراب الذى يملأ الأرض إنما أنت تلك الحبات التى تتكون منها سويداء القلب .