لاشك أن المصريين عاشوا عقوداً من الزمان لا يمارسون حقهم فى التعبير الحر عن أرائهم ؛؛ وظلّت كل الأنظمة التى تتوالى على حكم مصر سواء كانت هذه الأنظمة مستعمرة أو وطنية لم تترك فرصة للمصريين أن يمارسوا الديمقراطية بأى شكلٍ من الأشكال حتى يظلوا على جهلهم السياسى وعدم معرفتهم بحقوقهم 0 وعندما نجد أنفسنا فجأة أمام حرية مطلقة لا تقيدها ضوابط فبألتأكيد ستتولد أخطاء وممارسات غير سويّة من البعض ؛؛ من حيث إستخدام ألفاظ تجرح الآخرين لمجرد الإختلاف معهم فى الرأى ؛؛ أو لغة التخوين التى يطلقها البعض بمناسبة وغير مناسبة على كل من يعارضهم ؛؛ أو ماشابه ذلك 0 كل هذا صحى وطبيعى ويجب أن يحدث ؛؛ ولكن يجب أن نتعلم من أخطائنا ونتفادها فيما بعد ؛؛ وأن ندرك أن إختلاف الآراء والرؤى أمرٍ طبيعى ومنطقى ؛؛ فالبشر مختلفون وأهدافهم متنوعة حتى داخل المجتمع الواحد ؛؛ فثقافة الحوار يجب أن تسود ؛؛ بل الحوار الراقى والمتحضر وليس حوار الشتائم البذيئة والتراشق بالألفاظ ؛؛ وصدق الله تعالى حين قال { لايسخرم قوماُ من قوم – عسى أن يكونوا خيراً منهم } صدق الله العظيم 0 فالبعض رغم تعليمه العالى أو هكذا يظن ؛؛ تظل ألفاظه لا تدل على كتاب واحد قرأه ؛؛ ويظل إسلوبه فى الحديث أو النقد لغة من يتحدثون فى الشوارع ؛؛ لغة يجب أن لا تكتب أو تُقرأ أوتسمع ؛؛ فمهتنا الإرتقاء باللغة وليس النزول لمستوى حديث الشوارع والحوارى ؛؛ ولا أعنى بذلك الإساءة للغة العامية المصرية ؛؛ ولكن أعنى لغة الفئة التى لا تحترم ألفاظ اللغة العربية السليمة وتحرّفها لتصنع منها لفظ جديد خادش للحياء ؛؛ أو لفظ سوقى جارح ؛؛ خصوصاً عند إستخدام هذه الألفاظ فى وسائل الإعلام المختلفة 0 فهذه ثوابت تُعد من ميثاق الشرف المهنى لكل إعلامى أو متصل بالإعلام ؛؛ وهذا ماكان يقال ويكرر لنا فى مناهج كلية الإعلام وداخل قاعتها ؛؛ وهذا أيضاً مانسلكه فى الحياة العملية فى كل مجال إعلامى نسلكه فى حياتنا 0 فمن حق كل مواطن إبداء رأيه كما يشاء مادام يتبع رأيه الآداب العامة ؛؛ ولا يخالف الدين ؛؛ أو يدعوا لتمييز عنصرى بين طرفين ؛؛ ومن حقه أن يختلف مع الآخر ويختلف الآخر معه ؛؛ ولكن فى حدود تبادل وجهات النظر ومحاولات التقارب بين الوجهتين ؛؛ أو يظل كلُُ منهم على رأيه دون أن يجرح الآخر 0 وهذه تسمى { الحرية المسئولة } أو الديمقراطية بمعناها الحقيقى ؛؛ أو الشورى كما كانت فى الإسلام وهى تمثل أعلى مقام ومفهوم للديمقراطية ؛؛ وأقرب مثال وتصوير لمبادئها 0 الخلل الآن مقبول ؛؛ لحداثة عهدنا بالديمقراطية ؛؛ ولكن فيما بعد ؛؛ وبعد أن نتعلم مفهوم الديمقراطية ونطبقه على أنفسنا ونمارسه ؛؛ لن يكون مقبول أبداً هذا الهراء أو الإفتراء على الأراء المخالفة لنا ؛؛ لأننا إن فعلنا ذلك ؛؛ سنصبح متناحرين وليس مختلفين ؛؛ ومتصادمين وليس متعاونين ؛؛ وديكتاتوريين وليس ديمقراطيين ؛؛ أى أننا سنذهب من النقيض إلى النقيض ؛؛ دون أن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام 0