لقد أسقطت مصر حقيقة رداء الذلة والمهانة. لقد برهن الشعب المصري أنه القائد والقوة العربية الجادة. لقد أكد الشعب المصري المسالم الذي قاد هبة مسالمة موحدة جامعة لكل ألوان الشعب المصري, أنه جدير بحمل اللواء, جدير بأن يكون قدوة, جدير بالريادة والزعامة. لقد كانت مصر وشعبها على مر التاريخ, حاملي لواء العزة والريادة, وكان الجميع يقدر ذلك ويقر به من غير أي إحساس بالنقص, لأن الريادة دائما لأهلها. الثلاثون سنة الماضية, كانت مرحلة تنويم قسري للشعب الأبي, مرحلة قهره من بني جلدته, قهر وظلم من ذوي القربى فكان اشد فظاظة, وكان الصبر عليه وكثمانه شهامة, لكن الظالم القريب فهم الشهامة نذالة وحقارة, ولم يرتدع أو يتعظ بل تمادى في ظلمه لحين أيقن الشعب المصري الشهم أن الظالم القريب أحقر من أن يتعظ بالصبر والكتمان والشهامة, فهب الشعب الشهم وبكل سلم وود, يطالب الظالم بالرحيل والهروب, ولم يطالب بموته أو محاكمته, رغم أن الظالم يستحق أكثر. الشعب الشهم صبر ونادى وطالب الظالم بالرحيل وصبر على أذاه وكتم الغيظ ولم يرحل الظالم إلا بعد أن أيقن أن صبر الشعب الحليم نفذ وأن ليس بعد الصبر إلى الجمر المستعر, ففر الظالم ببدنه سليما ليقينه أن البدن قد يفسد إن وقع في قبضة بعض شباب الشعب الغاضب. الحمد لله رب العالمين الذي يخرج الحي من الميت, والذي بشر عباده بالخير وحثهم على الصبر وتحمل البلاء.