وافق البرلمان الليبي يوم الأحد على قانون يمنع اي شخص شغل منصبا رفيعا اثناء حكم معمر القذافي الذي امتد 42 عاما من المشاركة في الحكومة في خطوة قد تجبر رئيس الوزراء ومسؤولين كبار آخرين على الاستقالة بغض النظر عن دورهم في الاطاحة بالدكتاتور. وعلى مدى شهور استمر النقاش بين السياسيين بشأن مشروع القانون لكن القضية قفزت الى سطح الأحداث هذا الأسبوع عندما سيطرت جماعات مدججة بالسلاح على وزارتين واقتحمت مؤسسات أخرى من بينها هيئة الإذاعة التابعة للدولة. وربما يؤدي التصويت على مشروع القانون تحت التهديد الى تشجيع الجماعات المسلحة على استخدام القوة مجددا لفرض إرادتهم على البرلمان. وقد يكون رئيس الوزراء علي زيدان الذي عمل دبلوماسيا تحت حكم القذافي قبل انشقاقه في 1980 وانضمامه الى المعارضة في الخارج بين الشخصيات التي ينطبق عليها القانون رغم عدم وضوح ذلك. وقال متحدث باسم البرلمان ان لجنة مكلفة بتنفيذ القانون ستقرر ما تراه بهذا الشان. وردا على سؤال عما إذا كان سيتحتم على زيدان التنحي قال مصدر بمكتب رئيس الوزراء "لا أدري. الصياغة ليست واضحة تماما." وأضاف أن الأمر سيعتمد على كيفية تطبيق القانون. وقال واحد من مئات احتشدوا في الساحة الرئيسية في طرابلس للاحتفال بإقرار القانون وكان كثيرون منهم يطلقون النار في الهواء ابتهاجا "أن تظلم عددا قليلا أفضل من أن تضيع الهدف الكامل للقانون." وبعد نحو عامين من الاطاحة بالقذافي يرفض المسلحون الذين شاركوا في انهاء حكمه الذي استمر 42 عاما القاء السلاح والعودة الى الحياة المدنية. ويظهر رجال الميليشيات بصورة اكبر من أفراد القوات المسلحة في العاصمة. وتتسم الحكومة والقوات المسلحة الرسمية في ليبيا بالضعف الشديد لدرجة أن أجزاء من البلاد ما زالت خارج نطاق سيطرة الحكومة المركزية. وأقر متحدث باسم البرلمان بانه من غير الواضح ما إذا كان إقرار القانون كاف لاخراج المسلحين من مواقعهم خارج المباني الحكومية. وقال المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام عمر حميدان في مؤتمر صحفي عقب اقرار القانون ان أعضاء البرلمان يأملون انهاء حصار الوزارات لكن هذا الأمر ليس في متناول ايديهم. وظلت أكثر من عشر سيارات عليها مدافع مضادة للطائرات وأسلحة آلية متوقفة أمام وزارة العدل كما أن وزارة الخارجية ظلت محاصرة بالطريقة ذاتها على مدى أسبوع. وقال أحد الرجال المتمركزين أمام وزارة العدل إنهم لن يتركوا المكان إلى أن يتم إجبار رئيس الوزراء على الاستقالة. وأضاف قائلا "نطلب منهم التعامل مع أصدقاء القذافي منذ سنة." وعلى الرغم من إقرار القانون بأغلبية ساحقة بلغت 164 صوتا ضد اربعة اصوات فقط إلا أن كثيرا من أعضاء البرلمان كانوا يشعرون بالاحباط. وقال توفيق البريك المتحدث باسم تحالف القوى الوطنية وهو تحالف ليبرالي إنه قانون ظالم ومتطرف للغاية لكنهم في حاجة إلى وضع مصلحة الوطن أولا لحل الأزمة. وشكا دبلوماسيون في طرابلس من ان اجراء الاقتراع تحت الإكراه يقوض شرعيته في حين طالبت مجموعة تدافع عن حقوق الإنسان المؤتمر الوطني العام برفض مسودة القانون. وقالت سارة لي ويتسون مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المنطقة في بيان "يتعين على المؤتمر الوطني العام ألا يسمح لنفسه بالانزلاق الى إصدار قوانين سيئة للغاية لأن جماعة من المسلحين تطلبها." وقال محلل إن إبعاد المسؤول عن الحياة السياسية طبقا للقانون الجديد سيعتمد كثيرا على مدى ما وصل اليه من مناصب تحت حكم القذافي. وقال المحلل في مركز استشارات المخاطر في شمال افريقيا جيف بورتر "إذا كان خط (العزل) متدنيا جدا فإن القانون قد يؤدي الى تدمير معظم الإدارات الحكومية وتركها بدون أطقم كافية من العاملين وخبرة العمل المؤسساتي لضمان تشغيلها بكفاءة." "لكن إذا كان الخط مرتفعا للغاية فعندئذ سنرى على الأرجح تكرارا لعمليات الحصار أمام الوزارات التي شهدناها هذا الأسبوع." ويقول اعضاء البرلمان ان القانون قد يطبق على نحو 40 آخرين من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 200 عضو بمن فيهم رئيس المؤتمر الوطني العام محمد المقريف الذي أصبح زعيما لأقدم جماعات المعارضة الليبية في المنفى في الثمانينات بعد أن عمل سفيرا اثناء حكم القذافي. ولم يتضمن القانون بنودا مشروطة تخص أولئك الذين أمضوا عقودا في المنفى مثل المقريف وكان دورهم مهما في الإطاحة بالقذافي. ويحظر القانون على المسؤولين السابقين تولي اي موقع في الحكومة أو حتى الانضمام الى حزب سياسي. كما يحظر عليهم القيام بأدوار قيادية في الشركات الحكومية مثل شركة النفط الوطنية أو الجامعات أوالهيئات القضائية. من غيث شنيب و جيسيكا دوناتي