لا يذكر دافنشي عموما كراوٍ، لكنه كتب العديد من الاختلاقات، على نفس سياقات أيسوب. كانت حواديت قصيرة جدا، لكنها تحوي أفكارًا معقدة، وتركز كل منها في إيجاز على مخاطر كالجشع والغيرة والأنانية.. او منافع الرحمة والصدق واللطف والكرم. وتجدر الإشارة إلى أنها لم تكتب لتأتي بتسلية للصغار، وإنما لجلب الحكمة للكبار. إنه كاتب مصقول جدا، راوٍ للقصة، وشريك مجادل.. فانتشرت حكاياته بسرعة شديدة وتحورت أثناء تناقلها من لسان إلى لسان. ولبعضهم الآن عدة نسخ متعارفة. بعد قرابة خمسة قرون بعد أن صاغها للمرة الأولى، فإن بعضا من حكاياته لا تزال حية وتتناقل في ريف توسكان. والقليل من الناس من يذكر من كان مؤلف تلك الحكايات، التي قيلت ذات مرة في محاكم فرنسا وإيطاليا. ليونارد أيضا روى الأساطير. وهذه القصة تداولتها الأيدي عبر الأجيال، وعلى الرغم من أن الحبكة والأفكار العامة ظلت مماثلة، فالتغييرات كانت مع كل راوٍ لتناسب احتياجاته. وهذه بعض حواديت دافنشي، والتي قد يصحبها بعض رسومه، ويقال إن النسر هي أول ما كتب. وصية للنسر قبل سنوات عديدة، عش نسر عجوز مهيب وحده على قمة جبل عالٍ. وفي يوم أحس أن ساعة موته ليست بعيدة جدا. بصرخة هائلة استدعى أبناءه الذين يعيشون أسفل الجبل. وعندما اجتمعوا كلهم، نظر إليهم كلهم واحدا واحدا.. وقال: " لقد مددتكم، ونشّأتكم، بحيث يمكنكم النظر مباشرة إلى الشمس. هؤلاء من أخواتكم الذين لا يستطيعون تحمل النظر إلى وجه الشمس، سمحت لهم بان يموتوا جوعا. لهذا السبب استحققتم أن تطيروا أعلى من سائر الطيور. أي ممن يريدون حفظ حيواتهم، لن يقربوا أعشاشكم. ستخافكم كل الحيوانات، ولن تؤذوا أبدا من يحترمكم. وستسمحون لهم بأن يأكلوا بقايا فرائسكم. الآن أنا على وشك أن أترككم. ولكنني لن أموت هنا في عشي. سأطير عاليا جدا، بقدر ما تستطيع أجنحتي أن تحملني. سوف أمتد باتجاه الشمس حتى تسقط أوراقي عني. ستحرق إشعاعات نيرانها ريشي القديم. وسأسقط إلى الأرض، وفي آخر الأمر بالماء. ولكنها المعجزة.. سأرتفع ثانية من الماء، متجدد الشباب، وجاهز لبدء حياة جديدة. هكذا الكثير من النسور.. إنها مصائرنا. بهذه الكلمات، أقلع النسر في الهواء. مهيب جليل دار طائرا حول الجبل حيث يقف أبناؤه. ثم فجأة تحول صاعدا إلى الشمس، التي ستحرق جناحيه القديمين المتعبين. الفأر وابن عرس والقطة في صباح أحد الأيام، لم يستطع فأر صغير أن يترك منزله. كان محاصرا. ابن عرس جائع كان منتظرا بالخارج. على الرغم من صغر ثقب التهوية، استطاع الفأر أن يراه يراقب المدخل بانتباه، جاهزا للانقضاض. الفأر الصغير المسكين، يعرف نفسه أنه في خطر رهيب،كان يرتعد بكامله من الخوف. لكن قطا وثب فجأة على ظهر ابن عرس، وصرعه بين أسنانه، والتهمه. "جوبيتر العظيم. إني أشكرك" تنهد الفأر، الذي راقب المشهد من ثقب التجسس. " وسوف أضحي عن طيب خاطر بجزء من طعامي لك" وهكذا، أعطى القط جزءً من طعامه، ولكن الهرب من خطر واحد، جعله- بحماقة- ينسى الأخر. القط – ولأنه قط – أكله أيضا.