قال النسر الأمريكي لأنثاه وهما يرتعشان من البرد القارص: ما رأيك أن نسافر إلي أفريقيا.. فالجو هناك دافئ وجميل والطعام كثير؟ قالت الأنثي: برافو تفكير ممتاز.. أنا لا استطيع تحمل هذا البرد.. متي نسافر؟ قال النسر: غدا نبدأ السفر. سألته الأنثي: هل تقدر علي هذه الرحلة الطويلة؟ قال النسر: أكيد.. جناحاي من طولهما حوالي ثلاثة أمتار واستطيع أن أقطع ثلاثمائة كيلو متر في اليوم. قالت الأنثي: هل سنخبر اصدقاءنا؟ قال النسر: دعي هذا الموضوع للغد.. سأخبرهم قبل السفر.. ومن يريد ان يسافر معنا فليتبعنا. نام النسران استعدادا لرحلة سفر طويلة.. وعندما استيقظا أكلا حتي شبعا ثم علق النسر كيساً صغيراً في رقبته وبدءا الطيران.. وكانا يستريحان فترة ليناما ويأكلا ثم يتابعا السفر وبعد عدة أسابيع قال النسر: هل تحسين بما أشعر به؟ قال الأنثي: نعم.. نعم.. أشعر بالدفء يسري في جسمي ومنقاري وأصابعي لم تعد باردة كما كانت.. انظر إلي الشمس.. كم هي رائعة. قال النسر: إننا الآن في طريقنا إلي مصر.. وعلي أول جبل سنهبط لنأكل ونرتب أمورنا. قالت الأنثي: انظر هناك جبل شكله جميل وحوله أرض واسعة بها بشر وحيوانات غريبة. قال النسر: هذا ليس جبلاً.. هذا هرم بناه المصريون منذ آلاف السنين. قالت الأنثي: ولماذا ليس لدينا مثله؟ قال النسر: بلدنا عمرها حوالي مائتين وخمسين عاماً تقريباً.. ثم هز رأسه وقال: الآن بدأ جسمي يستريح هيا نبحث عن طعام. قال الأنثي: انظر هناك طيور كثيرة.. هيا نذهب ونتعرف عليها. وما أن اقترب النسر الأمريكي وأنثاه من الطيور حتي طارت مسرعة وهبطت بعيداً عنهما. وهي تقول في نفس الوقت: أف.. أف.. ما هذه الرائحة الكريهة؟ نظر النسر إلي أنثاه وسألها: هل رائحتنا كريهة؟ قالت الأنثي: لا أظن ذلك. فتح النسر الكيس المعلق في رقبته وأخرج منه مرآة نظر إليها وسألها: مرايتي يا مرايتي لماذا ابتعدت هذه الطيور عنا وعلي وجهها علامات القرف.. ألست أجمل منها؟ قالت المرآة: انت أجمل النسور ولكن لأنك تأكل جثث الموتي من البشر والحيوانات والطيور فإن دماءهم تعلق بريشك فتصبح رائحتك كريهة. وضع النسر المرآة في الكيس والتفت إلي أنثاه فوجدها تنظر إلي أحد الطيور بإعجاب شديد.. فسألها: لماذا تتظرين إلي هذا الطائر هكذا؟ قالت الأنثي: إنه النسر المصري.. لم أر ريشاً أبيض نظيفاً ولامعاً مثله من قبل.. انظر إلي وجهه.. وجهه عليه جلد أصفر يبرق تحت أشعة الشمس مثل الذهب بسرعة أخرج النسر مرآته وسألها مرايتي يا مرايتي هل النسر المصري أجمل مني؟ قالت المرآة: انت أجمل النسور ولكن النسر المصري ريشه أبيض ونظيف لأنه يصطاد الطيور ويأكل منها قطعاً صغيرة.. صغيرة.. ولا يلطخ ريشه بدمائها.. أما انت فرأسك الأصلع ورقبتك الطويلة دائما ملطخة بالدم. في هذه الأثناء صاحت أنثاه: انظر إلي النسر المصري.. إنه يأكل بأناقة كأنه يجلس إلي مائدة عليها أبيض وأمامه أطباق بيضاء لامعة ويتناول طعامه بالشوكة والسكين. فصاح النسر: هيا نذهب إلي مكان آخر.. أنا جائع. قالت أثناه: هيا بنا.. ولكن انتظر لنري ماذا يفعل النسر المصري الصغير. قال النسر: إن أمامه بيضة.. لماذا لا يبتلعها؟ قالت الأنثي: انظر أنه يأخذ حجراً صغيراً بمنقاره ويلقيه علي البيضة.. لقد كسر البيضة.. إنه يأكل ما بداخل البيضة.. إنه يترك القشر ويمسح منقاره في الحشائش حوله.. يا له من رائع وذكي.. استدر النسر وفتح الكيس وأخرج مرآته وسألها: مرايتي يا مرايتي هل يوجد نسر أذكي مني؟ قالت المرآة: انت نسر ذكي.. ولكن النسر المصري أذكي نسر في العالم.. وما أن سمع النسر ذلك حتي ألقي بالمرآة علي الأرض وكسرها بمنقاره وألقاها بعيدا.. ثم صرخ قائلاً: هيا نذهب إلي بلد آخر.