أنا مستقل تماما لم أنضم يوما إلى أي جماعة أو تنظيم ولكني لا أخفى أني أخواني الهوى أدافع عنهم في كل مكان وأعطيهم صوتي في كل انتخابات وأراهم يمثلون الإسلام الوسطي الشامل وأعول عليهم في إعادة المجد السياسي للإسلام، بيد أن الجماعة تمر الآن بمحنة حقيقية وأزمة داخلية تكاد تعصف بها.. فالانشقاقات تتوالى وتحدي شباب الجماعة لقرارات شيوخها بعدم تأييد أبو الفتوح يكاد يعصف بالجماعة، ويؤسفني أن أقول أنهم صنعوا هذه الأزمة بأيديهم.. كان فصل أبو الفتوح وعدم تأييده في الانتخابات أمرا منطقيا حتميا ولم يكن هذا ليؤدي إلى أي انشقاقات أو مشاكل إذا أعلنوا لشبابهم عن المرشح البديل الذي يمثل الإسلام الوسطي الشامل والذي يتمتع بكل الصفات التي تؤهله لهذا المنصب الخطير من حزم وعزم وحكمة ودراية وكفاية.. ولن أذكر من أعني حتى لا يتصور أحد أني أكتب هذه المقالة للدعاية له.. وكان لهم أسوة في الصحابة الذين لم ينتظروا ليدفنوا الرسول عليه الصلاة والسلام حتى كانوا قد توافقوا على خليفة له إدراكا منهم لخطورة الفراغ في تلك المسألة الخطيرة. لكن الإخوان بحسب ظني أحجموا عن الإفصاح عن المرشح الذي سيؤيدونه إما لأنهم ينتظرون ظهور شخصية لينة يمكن السيطرة عليها أو يمكن مساومتها أو أنهم ينتظرون ما يمكن أن يمنحه لهم المرشحون المعروفون مقابل تأييد الإخوان لهم.. لقد أدمنت قراءة التاريخ وعرفت منه أن الذي يحاول الحصول على كل شيء دفعة واحدة يفقد كل شيء دفعة واحدة.. وقد حصل الإخوان على البرلمان وسيشكلون الحكومة إن عاجلا أو آجلا ثم هم يريدون رئيسا ضعيفا لينا يخضع لهم أو يعطيهم أشياء مقابل تأييدهم له (بحسب ظني وتقديري، وأرجو أن أكون مخطئا) فيبدو ظاهريا أنهم لم يحصلوا على كل السلطات بينما قد حصلوا حقيقة على ما يريدون، وقد أدى ذلك التأخير والفراغ الذي أحدثوه في نفوس شبابهم ورجالهم إلى تمزق جماعتهم وسيؤدي حتما إلى فشلهم وذهاب ريحهم إذا استمروا على نفس المنوال. كما إن الرئيس الألعوبة الذي ينتظرون سيودي بالدولة إلى التفكك والانهيار. لذلك أنصحهم نصيحة محب مخلص أن يسارعوا في الإعلان عن المرشح الذي يرضونه لدينهم وأمتهم وبلادهم وأن يقفوا وراءه حتى لو كان غير لين معهم ولا ألعوبة في أيديهم.. فذلك ما أتوقعه من الإخوان الذين تربوا على الصدق والتفاني وإنكار الذات وإعلاء مصلحة الأمة والوطن على المكاسب السلطوية التافهة.. وفي هذا نجاة لجماعتهم وتماسكهم. لن أتفلسف وأحلل فهذه نصيحة مخلصة من القلب أكثر منها مقالا، وهم يعرفون ويعانون ويدركون المخاطر والمزالق، فأدعو الله أن يلهمهم الصواب وينير بصائرهم فسنن الله ماضية في خلقه وهي سنن لا تجامل أحدا، ولو كانت تجامل أحدا لجاملت خير جيل خرج للبشرية وهو جيل الصحابة.. اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.