لم يبعث الله نبيّا ولا رسولا إلّا وكذّبه قومه، واستهزءوا به، واتهموه بالجنون؛ والجنّة، والسحر، والشعر،.. فقال تعالى.. "يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" فحينما أرسل الله تعالى نوحا "عليه السلام" لقومه ينذرهم.. قالوا له وللمؤمنين معه .. "مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ"..كذّبوا نوحا ولم يكتفوا بذلك، فحقّروا من شأنه وشأن المؤمنين معه، فردّ عليه السلام على تكّذيبهم لرسالته فقال.. "يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ" وردّ على تحقيرهم للمؤمنين فقال عليه السلام.. "وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ".."وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" واتّهموه بالجنّة فقالوا.. "إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ" فلم يردّ عليهم هذه المرّة، ولكن دعا الله تعالى .. "قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ" فجاء أمر الله بالطوفان، فأغرقهم وأهلكهم.. "وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ". ومضت سنّة الله في رسله وأقوامهم على هذا النحو، فقال تبارك وتعالى.. "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ" لأنهم أدركوا جيّدا كمال عقول الرسل، وتمام حجّتهم، ومع ذلك.. "جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا" ونحن اليوم نقرأ الأحداث، ونرى التاريخ وكأنّه يعيد نفسه، فحينما يبعث الله رجلا ليقيم الحق، والعدل، وينشر الخير، ويقضي على الظلم.. والظالمين، لابد وأن يكذّبوه.. "وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ" وإلا فلن تتمّ سنّة الله فيه، وتكون رسالته باطلة إن حدث غير ذلك فحين ظهر الإمام "المهدي المنتظر" عليه السلام وأعلن نفسه للناس عن طريق وسائل الإعلام المصرية مطلع عام 2014، ليكون محور دراسة العلماء وبحثهم ونظرهم.. على المستوى المحلّي والدّولي والإقليمي. ولم تتخذّ معه الحكومة أيّ إجراءات قانونية.. كما فعلت مع كل من ادّعى هذه الشخصية في مصر.. قبله وبعده، وكان مآلهم إمّا السجن أو مستشفى العباسية، ولم تشكّك الحكومة المصرية في سلامة عقله ولو للحظة، وإلّا كانوا فصلوه من الأزهر الشريف وهو أستاذ "علوم القرآن" بل على العكس.. كان قد تجاوز نسبة الغياب بسبب ضغط تبعات الرّسالة، وكان مفصولا بالفعل، إلّا أنّه بعد إعلانه الشريف استلم جوابا يفيد بعودته إلى الأزهر الشريف مرّة أخرى، ولن تفعل الحكومة المصرية مثل هذا مع أي شخص إلّا إذا تأكّدت من سلامة عقله وقوّة حجّته وهذا ما حدث معه بالفعل. وما حدث من إخوته وأهله تجاهه.. يذكّرنا بما فعل إخوة يوسف عليه السلام معه حين أرادوا قتله وألقوه في الجبّ، وأراد الله نصره كما أراد أن ينصر الإمام المهديّ .. بعد أن اتّهموه بالجنون، والجنّة، وأودعوه كرها في مستفشى الأمراض العقلية بأسيوط، تواطئا مع طبيب يدعى "ياسر السروجي" قد تأكّد أن عقله سليم وأخضعه رغم ذلك لجلسات كهرباء كادت أن تتسبّب في فقدان عقل أيّ عاقل، إلّا أنّ الله تعالى أراد نصره،.. فقام بعدم موته، ولذلك أقررنا الغيبة للإمام المنتظر عليه السلام ونقرّ قيامه ليكون "قائم آل محمد" صلّ الله عليه وآله أجمعين. وقال تعالى.. "وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ".. ليقيم الله تعالى الحجّة على الكافرين، وليعرف المجرمين أنّ.. "لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"..صدق الله العليّ العظيم وذلك ليضرب الله لنا مثلا ولنكون على يقين في يومنا هذا، أنّ تكّذيب الإمام المهديّ عليه السلام، أمر طبيعي لا شك فيه، وإن لم يكذّبوه ويؤذوه، فما هو من عند الله.. سنّة الله في رسله. "اللهمّ ربّ هذه الدعوة التامّة، والصلاة القائمة، آت سيدنا محمدًا الوسيلة والفضيلة، والدّرجة العالية الرفيعة، وابعثه اللهمّ "مقامًا محمودًا" الذي وعدته إنّك لا تخلف الميعاد". "اللهمّ صلّ وسلم وبارك على حبيبك محمد النبي الأمّي الصادق الأمين، قمر النبيّين وسيد المرسلين ، وآله الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا مباركا مضاعفا.. لأقصى حد علمته بعلمك الأزلي - يا أزل يا مالك الملك - يا ذا الجلال والإكرام - يارب العالمين يا أرحم الراحمين".