يمثل المعاقين في مصر ما لا يقل عن عشرة ملايين مصري وقد شاركوا رغم ظروفهم الصحية في ثورة يناير، وقد أهدرت حقوقهم وكرامتهم على مدى عقود طويلة، ولابد من تمثيلهم في لجنة وضع الدستور بما لا يقل عن 10% من أعضاء اللجنة التأسيسية حتى نضمن أن الدستور يراعي حقوق هذه الفئة المهملة المستضعفة، ولابأس أن يكون التمثيل متعدد كأن يكون مسيحي معاق أو امرأة معاقة أو أمهات المعاقين ذهنيا أو نقابي معاق. وأقترح إضافة مادة للدستور تنص على ما يلي:- - ترعى الدولة الصم والبكم والمعاقين ذهنيا وحركيا وتقدم لهم الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والأجهزة التعويضية مجانا كما تعفيهم من رسوم دخول الحدائق والمتاحف والمسارح ورسوم الانتقال في وسائل النقل العام، كما تلتزم الدولة بتشغيلهم في أعمال تتناسب مع ظروف كل منهم وتقدم لهم التدريب والتأهيل اللازمين لممارسة العمل في القطاع الخاص. أظن أن مثل هذا النص في الدستور غاية في الأهمية ويقاس تقدم الأمم بمدى رعايتها للفئات الضعيفة والمهمشة، وتعد هذه الرعاية واجبا أخلاقيا ودينيا قبل أن تكون واجبا اجتماعيا ودستوريا. الدستور هو أبو القوانين وتضمين مثل هذه المادة في الدستور يسمح بتعديل القوانين أو إنشاء قوانين جديدة تتماشى مع هذا النص الدستوري وتُفَّعله. وليس هذا منة وتفضل على المعاقين بل هو حق أصيل لهم، وهم قوة كبيرة مهملة في المجتمع ومن حق المجتمع ومن واجبه أن يستفيد بهذه القوة المعطلة المهملة. تقدم الدولة نظريا بعض هذه الخدمات ولكن القصور والاهمال وانعدام الكفاءة والفاعلية هي أمراض مصرية حكومية مزمنة ولن تغني مواد الدستور ولا القوانين عن تلك الآفات شيئا، فيجب ألا يقتصر الأمر على القوانين والدساتير بل يجب أن تتبنى الحكومات هذا الأمر بغاية الجدية والفاعلية، ويجب ألا تنظر إليه الحكومة كعمل من أعمال الخير بل كإستثمار للقوى البشرية، فكثير من المعاقين يتمتعون بذكاء كبير وإرادة صلبة وطاقة على العمل والعطاء وربما فاقوا في ذلك بعض الأسوياء بدنيا. وكمثال على سوء تخطيط وتنفيذ الخدمات المقدمة للمعاقين مسألة إعفاء سيارات المعاقين من الجمارك، لهذا الأمر سيئات لا تحصى منها أنه يؤدي إلى دخول سيارات قديمة المفروض أن يُعاد تدويرها ولكنها تأتي إلى بورسعيد حيث مافيات من التجار والوسطاء وبيع الغرر والخداع ويشتريها المعاق في النهاية بسعر قريب جدا من سعرها في السوق المصرية فيذهب قيمة التخفيض الجمركي إلى جيوب الوسطاء والتجار، ونُدخل للبلاد سيارات قديمة ملوثة للبيئة ونستنزف العملات الصعبة بمئات الملايين كل عام وندعم معاقين أغنياء يشترون ماركات مشهورة بأسعار غالية بينما آلاف المعاقين ينامون على الأرصفة ولا يجدون عكازين يتحركون بهما. والذي أقترحه في هذا الباب أن نمنع إستيراد سيارات المعاقين تماما ونختار سيارة صغيرة مثل السوزكي ماروتي يتم تجميعها في مصر ونعطي للمشتري المعاق ميزة المشتري الأجنبي، حيث يسترد المصنع ما دفعه من جمارك وضرائب مبيعات على مكونات السيارة المستوردة عند إعادة تصدير السيارات تشجيعا للتصدير والحصول على العملة الصعبة، كل ما هناك أن الحكومة ستعفي سيارة المعاق المصنعة في مصر من الجمارك وضريبة المبيعات ولن تدفع له شيء وسنشجع الصناعة الوطنية ونُشغل الأيدي العاملة المصرية ونمنع خروج العملة الصعبة في شراء سيارت مستعملة متهالكة يشتريها المعاق بالغرر ولا يستفيد سوى التجار والوسطاء والدول الأجنبية. ونسمح للمعاق بشراء سيارة بتلك الميزة كل ثلاث أو أربع سنوات فيبيع سيارته بسعر جيد يسمح له بشراء السيارة المعفاة وبذلك يركب دائما سيارة جيدة لا تحتاج لصيانة ولا مصاريف إضافية، ونحن بذلك ندعم المعاق محدود الدخل أما المعاق الغني الذي يستطيع شراء سيارة بمائة ألف جنيه فلا يحتاج إلى دعم. والذي يريد سيارة ربع نقل مجهزة طبيا يجب أن نسمح له بقيادتها ونساعده في ثمنها بتخفيض الجمارك وإعفاءه من الضرائب، فأفضل شيء هو مساعدة المعاق على مساعدة نفسه. ويجب أن نراعي أيضا المعاق الذي لا يستطيع شراء سيارة (ثمنها في حدود 35 ألف جنيه ويمكن أن يحصل عليها المعاق بعد خصم الجمارك والمبيعات عن مكوناتها بنحو 20 ألف جنيه) فالذي لا يملك سوى ثلاثة أو أربعة آلاف جنيه توفر له الدولة موتوسكل بنفس الطريقة وبتصنيع مصري ويراعى أن يكون له صندوق إذا رغب المعاق في ذلك حتى يمكنه استعماله تجاريا فينقل به أشياء بالأجرة أو يستعمله في بيع الخضروات أو الفاكهة أو ماشابه، وبذلك نساعد المعاق على بدء مشروع تجاري قد يتسع فيما بعد، ونُخيره بين أن يعمل في وظيفة حكومية تافهة بأجر زهيد أو يبدأ مشروعا كهذا لنخفف العبء عن الجهاز الحكومي. والذي لا يملك ثمن موتوسيكل نوفر له كرسي متحرك له بدال يدوي أو حسب كل إعاقة، تقوم الهيئة العربية للتصنيع بإنتاجه ليباع للمعاق بسعر التكلفة ويحتوي الكرسي على مكان أمامي يسع قفصين يبيع فيهما المعاق المعدم شيئا ما كالفاكهة أو الخضروات بدل أن يتسول على الأرصفة. أما أن تقتصر الخدمات المقدمة للمعاقين على السيارات المستوردة في بورسعيد فهذه جريمة في حق المعاقين وفي حق الوطن.. تستنفذ العملة الصعبة ولا يستفيد منها سوى التجار والسماسرة ومافيا الميناء والاستثمار في بورسعيد وأغنياء المعاقين الذين لا يحتاجون إلى هذه الخدمة أصلا.. ومعظمهم يندم عقب كل تجربة شراء سيارة ولكنه لا يستطيع أن يقاوم إغراء الخصم المزعوم فيرتكب نفس الخطأ مرة بعد مرة كل خمس سنوات. أظن أن ملف المعاقين يحتاج إلى نقاش جاد موسع يشترك فيه كل فئات المجتمع وعلى رأسهم المعاقين أنفسهم، والله الموفق لما فيه الرشد والسداد.